أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لماذا كل هذا التباكي على إلغاء بلير زيارته لغزة .... رشيد شاهين

لم أجد مبررا يمكن أن اقتنع به كما شعرت باستغراب يمكن أن ادعي بأنه شديد لكل هذا العويل و "الولولة" التي قام بها قادة حركة المقاومة الإسلامية حماس لأن "السيد" رئيس الوزراء البريطاني السابق المبعوث الحالي اللجنة الرباعية للشرق الأوسط قام بإلغاء الزيارة التي كان من المفروض أن يقوم بها إلى قطاع غزة لافتتاح مشروع له علاقة بالصرف الصحي بشمال القطاع قامت به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

 

الحكومة المقالة برئاسة إسماعيل هنية التي جهزت نفسها للزيارة من النواحي الأمنية ونشرت عناصرها في الشوارع التي من المتوقع أن يسلكها بلير وبمجرد انتشار خبر إلغاء الزيارة  سارعت إلى ما يمكن تسميته "إدانة" أو استنكار الموضوع ولم يتوان الناطق باسم الحكومة المقالة السيد طاهر النونو عن الإدلاء بتصريحات تتعلق بإلغاء الزيارة، ومن الغريب أن النونو قال بان بلير ألغى الزيارة نتيجة لضغوط إسرائيلية نجحت في منعه من الاطلاع على ما سماه حجم الكاثرة في قطاع غزة بسبب الحصار الظالم المفروض على القطاع وانعكاساته ونتائج الجرائم التي قام بها الاحتلال في غزة. نحن هنا لا نريد الخوض في موضوع لماذا ألغى بلير الزيارة ولا نستغرب أن تكون إسرائيل وأجهزتها الأمنية قد ضغطت بقوة في هذا الاتجاه، لكن ما نرغب في الحديث عنه لماذا كل هذا العويل وهذا الشعور بالخسارة لان الزيارة لم تتم.  

الحكومة اتهمت كذلك أطرافا أخرى لم تسمها مارست ضغوطا مماثلة- ونعتقد بان التلميح معروف المقاصد ومن هي تلك الجهات التي مارست هذه الضغوط- حتى لا يطلع بلير على مستوى الإدارة والتنظيم والأمن في قطاع غزة إذ اتخذت الحكومة كل التدابير والإجراءات الأمنية لتأمين زيارة بلير، الحكومة قالت بأنها كانت تأمل في أن يرى بلير بنفسه الآثار الكارثية لجرائم الاحتلال وحصاره الظالم لقطاع غزة بمساندة أمريكية وبعض الإطراف في المجتمع الدولي.

 

التعامل مع زيارة بلير من قبل السادة في حركة حماس بهذه الطريقة وكأنه سوف "يشيل الزير من البير" أو أن وصوله إلى قطاع غزة يشكل فتحا جديدا ربما شبيه بفتوحات صلاح الدين كان مفاجأة للكثيرين، فهذا "البلير" التابع لسيده الأميركي جورج بوش الذي كان رئيسا لوزراء بريطانيا والذي وصفه الكثير من المحللين والساسة بأنه وظف نفسه كموظف في وزارة الخارجية الأميركية، ووصفته الصحف البريطانية كأنه " جرو" يركض خلف سيده بوش ليس سوى بلير نفسه قاتل أطفال العراق، وهو الذي ساهم في فرض الحصار الظالم على هذا البلد وبالتالي يحمل في عنقه حياة مليون طفل وامرأة وشيخ ومريض عراقي قضوا خلال فترة الحصار الظالم على العراق، عدا عن أولئك الذين سقطوا بعد احتلال العراق، وهو من مارس جنوده كل أنواع الجرائم هناك وتم عرض بعضها وشاهدها العالم عبر الفضائيات ولم تعد سرا خافيا على أحد.

 

نستغرب هذا العويل وهذا التباكي على إلغاء الزيارة، فهل من ساهم في قتل أطفال العراق بتلك الطريقة ومن ساهم في فرض الحصار على العراق سيهتم كثيرا بما هو حاصل في قطاع غزة وما ينتجه حصار مماثل من مآس هناك، وهل يعتقد السادة في حركة حماس بان بلير سوف يتعامل مع الطفل الفلسطيني بطريقة أفضل أو فيها من الإنسانية أكثر مما تعامل بها مع أطفال العراق، وهل اعتقدوا بأنه سيتحدث بموضوعية عن المآسي التي يعيشها أهل القطاع، وهل سيتحرك ضمير السيد بلير هكذا فجأة عندما يصل إلى القطاع.

 

 غريب أمر السادة في حماس وغريب هذا العويل وهذا التباكي على إلغاء الزيارة، كنا نتوقع من قادة حماس أن يقولوا لبلير أنْ لا مرحبا بك في قطاع غزة وان يذكروه بأنه وسياساته وسياسة بريطانيا منذ ما يقارب القرن من الزمان هي سبب مصائب الشعب الفلسطيني وان أحد أهم أسباب الكارثة الفلسطينية هو ذلك الوعد المعروف لإقامة دولة لليهود في فلسطين، وكنا نتوقع أن يطالبه السادة في حماس أن يقدم اعتذارا عما قامت به بلاده ضد أبناء الشعب الفلسطيني لا أن يتم التلميح بان زيارته سوف تكون الرافعة التي ترتكز عليها القضية الفلسطينية ومعاناة أبناء فلسطين.

 

بلير أيها السادة لم يقم بشيء يذكر لقضيتكم عندما كان يملك القرار وعندما كان صاحب فعل ويمكنه أن يصنع بعضا من التغيير، وهو لم يفكر أبدا بان يقوم بأي فعل تجاه قضيتكم فهل كنتم تعتقدون بأنه قادر على الفعل  عندما أصبح على هامش الفعل أو القرار، أو ليس هو  مندوب اللجنة الرباعية التي تشترط عليكم ما تشترط أو ليست اللجنة الرباعية التي يمثلها بلير هي ذاتها التي تقف دونكم وما تطمحون، وحتى لو افترضنا أن بلير أتى إلى غزة فهل كنتم تعتقدون بأنه سوف يقول ما ترغبون أو ما تشتهون، وحتى لو قال ما ترغبون وما تحبون سماعه فهل كان هذا سيغير من الأمر شيئا. ثم لماذا حسن النية هذا بالسيد بلير، ولماذا الافتراض بان بلير كان سيقول ما ترغبون سماعه، من كان يضمن بان بلير لن يقول بان ما يجري في قطاع غزة سببه وجود حركة حماس في القطاع وسيطرتها عليه، من كان يضمن بأنه لن يطالبكم في التخلي عن المقاومة - الإرهاب بحسب فهمه- والاعتراف بإسرائيل وغير ذلك من الشروط المعروفة.

 

الاعتقاد بان قدوم بلير يعني المساهمة في كسر الحصار على غزة فيه مبالغة غير مبررة وغير مفهومة ذلك أن بلير لم يكن يفكر بذلك ولا نعتقد بأنه يكترث له وحتى لو أتى واطلع على ما رغبتم أن يطلع عليه وحتى لو أعلن عن أن هنالك وضعا كارثيا في القطاع، فمن يقول بان أحدا سوف يستمع إليه ومن يقول بان أقواله سوف تهز ضمير العالم النائم خاصة وان ضمائر عربانكم لم تهتز وهي وبحسبكم - أي العربان- الأقرب إليكم تساهم في فرض الحصار عليكم، إذن لماذا الافتراض بان ما سيقوله سوف يكون وصمة عار في جبين إسرائيل وانه سوف يكون - البلدوزر- الذي سيفتح ثغرة كبيرة في الحصار.

الرهان على بلير وتلك التصريحات التي صدرت عن الحكومة المقالة ومن يمثلها لم تكن سوى واحدة من المحاولات التي تقوم بها حركة حماس من اجل الإثبات للعالم بأنها حركة تستحق الاعتراف بها - ونحن لسنا ضد هذا الاعتراف لكن على أن يقال هذا في العلن بمعنى أن تقول حماس ذلك بدون مناورات وأنها ترغب بشكل كبير أن يتم الاعتراف بها- وأنها أرادت من بلير أن يرى كما قالت حجم الكارثة في القطاع، وهي لا تختلف كثيرا عن زيارة السيد كارتر ولن تكون أكثر من ذلك وهو - بلير-على أي حال قال بأنه ذاهب إلى القطاع من اجل مهمة محددة وحتى لو تحدث عن الكارثة في القطاع فلن تغير أقواله في الواقع شيئا، فلقد قال غيره عن جنين وعن غزة أكثر مما كان من الممكن أن يقول، فماذا حدث، وهل تغير شيء على ارض الواقع وهل تحركت ضمائر العالم والسؤال الأخير هو هل بلير لا يعلم حجم الكارثة التي تقع في قطاع غزة وهل بلير لا يعرف حجم البلطجة الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، نعتقد بان هذا التباكي لا يبتعد كثيرا عن الحسابات الفئوية الضيقة ومن اجل ادعاء انتصارات وانجازات هي في الواقع لا انجازات لأنها لن تحقق شيئا على صعيد تخفيف المعاناة عن أطفال غزة.

 

بيت لحم

15-7-008

[email protected]

     

 

 

 

 

(93)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي