أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سيناريوهات الأزمة اليمنية.. تحالف سعودي -تركي -باكستاني والبحث جارٍ عن السيسي

الملك سلمان بن عبد العزيز- الأناضول

الساعة 12 يوم الخميس 26 3 فاجأت المملكة العربية السعودية العالم بقيادة تحالف من 10 دول يشن غارات جوية على معاقل الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. 

ما إن تكشف الصباح وفي اليوم التالي، ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يبحثان الوضع في اليمن هاتفيا. 

وأبلغ شريف سلمان بأن "أي خطر محتمل ضد أمن المملكة يمثل مصدر قلق بالنسبة لباكستان، وأن أمن الأراضي المقدسة مهم للغاية بالنسبة لنا.

لم تمضِ سوى أربعة أيام فقط على "عاصفة الحزم"، وبالتحديد في 303 وصل إلى السعودية وفد باكستاني عسكري في إطار مناورات (باكستانية -سعودية) مبرمجة ليكون الوضع في اليمن أولوية هذا الوفد. 

في هذه الفترة وخلال العمليات الجوية، أصبح هاجس التدخل البري يسيطر على التفكير السعودي وعلى دول التحالف.. وعزز هذا التفكير ضعف إمكانيات القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي وتقدم ميليشيا الحوثي وقوات صالح، إلا أنه لا قرار تم اتخاذه بالعمل البري حتى الآن.

تشير المعلومات الأولية إلى أن الوفد الباكستاني العسكري الذي زار الرياض في 30 من الشهر الماضي، نصح السعودية بخطورة العمل البري وأنه مسألة شائكة، قد تدخل المملكة في حرب طويلة من الصعب حسمها عسكريا وبالتالي الدخول في الوحل اليمني، ولكن مع هذا النصح أكدت باكستان فعلا أنها والمملكة سيان في هذه الحرب.

في 24 يبدو أن باكستان حسمت أمرها بعد اجتماع رئيس الوزراء نواز شريف بالقيادات السياسية والعسكرية وإعلانه حرفيا أن "إن باكستان تقف بجانب المملكة العربية السعودية وسترد بالقوة على أي عدوان يستهدف أمنها الإقليمي".. رغم المخاطر والتحديات التي تعترض هذا القرار.. خصوصا وأن الحدود المشتركة بين البلدين تصل إلى 900 كلم الأمر الذي يشكل تهديد لكلا البلدين.

أردوغان .. حاضرا
في أقصى الشمال الآسيوي، وقرب إيران عين الطيب رجب أردوغان متيقظة لما يحدث في اليمن، ففي صباح اليوم الأول من "عاصفة الحزم" أيّد أردوغان هذا التحالف مبديا استعداده أيضا لتقديم دعم لوجستي لهذه العاصفة، تصريح أردوغان جاء رغم الزيارة المبرمجة لإيران هذا الشهر.

في بداية "العاصفة" كان الحديث عن عمل بري مجرد احتمالات اعتاد العسكر على وضعها في الأجندة في حال تأخر الحسم الجوي، ومع استمرار القصف وتمدد الحوثي وتقدمه في عدة مناطق، بالإضافة إلى تهديده للشريط الحدودي السعودي ومقتل العريف سليمان المالكي بدا الحديث عن هذا التدخل، أو على الأقل التلويح به قابلا للتحقق.. لكن المسألة تحتاج إلى المزيد من الدراسة والحذر في منطقة بات أسهل قرار فيها قرار الحرب.

تعقيدات الوضع اليمني
عقدت الضربات العسكرية الواقع في اليمن، فالصورة لا تبدو في ملامحها النهائية، والسعودية لن تقبل ولا بأي شكل من الأشكال خسارة مثل هذه الحرب حتى إعادة الأوضاع كما كانت عليه في 22 ديسمبر العام الماضي، أي ما قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء والانقلاب على الرئيس هادي. وبالتالي لا بد من تحرك سياسي أولا ونقلة عسكرية ثانيا.. ومن هنا جاءت زيارة نواز شريف إلى أنقرة أمس ليدشن تحالفا ثلاثيا (سعوديا- تركيا- باكستانيا)، هدفه بالدرجة الأولى سياسي لإيصال رسالة إلى إيران بأن السعودية لن تقف وحدها في اليمن.. وقد كانت دعوة شريف في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره أحمد داود أوغلو إلى الحل السياسي هو النداء السياسي السابق للتدخل العسكري.

إنه تحالف غير معلن بدون أدنى شك، يؤكد ذلك توقيته وتصريحات القادة المتطابقة التي لا يجب أن تخرج إلا من حلفاء، بل إن الوضع في اليمن يعكس ويبرر أهمية هذا التحالف بالنسبة للمنطقة، فلم يعد ممكنا لا سعوديا ولا تركيا ولا باكستانيا أن تحاصر إيران السعودية بجماعات شيعية، وكذلك تضع في خاصرة تركيا أذرعا لها كما هو الحال في العراق وسوريا.. لذا لا بد من تحرك على الأقل لتحقيق التوازن.

تكبيل إيران
الموقف الإيراني، بدا مترقبا لما تنتج عنه مفاوضات 5+1 حول الملف النووي في لوزان، واتسم بالهدوء واللياقة الدبلوماسية من خلال الدعوة للحوار بين الأطراف.. ترافق ذلك من دعوة مجلس الأمن لوقف الغارات الجوية.. وحقيقة لم يكن لدى طهران سوى ذلك الموقف "المائع"، فهي ليست دولة جوار، كما أن البحر بات تحت سيطرة التحالف، لذا فالسلاح للحوثي بات شبه مستحيل.. وبدت طهران مكبلة حيال هذه الضربات وغير قادرة على أن تكون رأس حربة كما كان الوضع في سوريا.

لكنها وبدون أدنى شك لن تترك الحوثيين لقمة سهلة للتحالف بعد كل هذا الجهد في بناء القوة العسكرية والدعم المالي طوال السنوات الثلاثة الأخيرة على الأقل.

سكة السيسي الطويلة
هذا التمركز للقوى المؤثرة في المنطقة، والتي أفرزته "عاصفة الحزم" لم يكن مكتملا بطبيعة الخارطة السياسية، ورغم أن المسألة عربية بامتياز، إلا أن أبطال المسرح (تركيا –باكستان –إيران) أطراف إقليمية.. طغت مواقفها على الأزمة.. وسط تساؤول عميق وكبير أين مصر السيسي.. فقد طالت السكة والسعودية مازالت تنتظر!؟
منذ بداية العاصفة اختُصر الموقف المصري في تحريك بارجتين بحريتين قرب باب المندب لمنع وصول السلاح إلى الحوثيين، هذا كل ما في الموقف المصري.. لكن .. هل هذا هو المطلوب فقط من الرئيس عبدالفتاح السيسي؟.

تشير المعلومات الأولية، إلى أن السيسي يحاول النأي بنفسه عن المشهد اليمني، لأنه يعلم تعقيدات الدخول في تحالف مع السعودية، خصوصا تداعيات هذا التحالف إذا استدعت الحاجة لتدخل بري، وهو أمر يحذر منه وتتحاشاه المؤسسة العسكرية المصرية، التي تعرف ربما أكثر من غيرها عن الخسائر في هذا البلد.. منذ تدخل الرئيس جمال عبدالناصر العام 1962 بـ 70000 جندي استقبل منهم الكثير من الجثامين وما زالت هذه الصورة عالقة في الذهنية المصرية عن اليمن.

ووفقا للمعلومات، فإن السيسي يريد التدخل في اليمن من خلال مظلة القوات العربية المشتركة التي طرحت في قمة شرم الشيخ، إلا أن هذا الخيار يبدو هروبا من الواجب المترتب على السيسي حيال أمن الخليج. فهذه القوة تحتاج إلى وقت مطول وإجراءات عربية بيروقراطية مملة.. ولن تكون بأي شكل من الأشكال حبل إنقاذ في الأزمة اليمنية نظرا للمتغيرات السياسية والعسكرية وضرورة اتخاذ القرار بسرعة تلبي التطورات.. وفي كل الأحوال إن بقي السيسي يغمض عينيه عما يجري في اليمن إرضاءً للروس، فسيكون العقاب عسيرا هذه المرة بكل تأكيد، فدول الخليج تقبل كل شيء إلا "نكران الجميل".

مواجهة شاملة أم تسوية؟
الأيام القليلة الماضية، ترسم بنفسها ملامح سياسية جديدة للمنطقة وليس من مصلحة إيران على الإطلاق الذهاب إلى النهاية في الوضع اليمني لأن القوى السنية في المنطقة المتمثلة بباكستان والسعودية وتركيا، لن تقبل مرة أخرى بتمكين شيعة جدد في اليمن، فهذا يعتبر هزيمة نفسية وهزيمة هوية أيضا.. لذا بقدر ما يشكل هذا التحالف تخويفا لإيران، إلا أنه في الأصل يسعى لحل سياسي.. يجنب المنطقة مواجهة شاملة ستدخل كل الأطراف الراغبة وغير الراغبة فيها.. وبعد أن تبين إلى أين ستتجه إيران مع الغرب في المفاوضات النووية فلن يطول مؤشر الصراع في اليمن سواء كان سلبيا أم إيجابيا.

عبدالله رجا - زمان الوصل
(107)    هل أعجبتك المقالة (114)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي