نفذ صبر المملكة العربية السعودية حيال التمددد الإيراني في اليمن عبر ذراعه الحوثية، لتحسم الرياض أمس وفي تمام الساعة الثانية عشر ليلا موقفها مما يجري في اليمن بعملية عسكرية أخذ اسمها "عاصفة الحزم" بعدا لسياستها المقبلة، وهدفها من التدخل.
زمان الوصل تنشر قبل شهر عن التحالف
وكانت "زمان الوصل" أول من تحدث عن التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن، وجاء في تقريرها في 13 2015: "ومن العروض التي يتم تداولها في الأروقة السياسية المصرية، هو تشكيل قوات عربية مشتركة من أجل مواجهة تصاعد المد الحوثي في اليمن، وهو يهدف بذلك إلى أمرين تحييد تركيا على الأقل من الحديقة الخلفية للسعودية وإعادة تموضع لدور مصر العربي.. وبالتالي مكاسرة أردوغان في الملفات العربية الحساسة للسعودية"، وبالفعل كانت مصر أول الدول العربية الداعمة للتحالف ضد الحوثيين، وسط مطالبات بتشكيل قوات عربية لإعادة الوضع في اليمن إلى ما كان قائما قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء وزحفهم إلى عدن.
السعودية تتولى اليمن ورئيسها
تشير معلومات "زمان الوصل" إلى أن السعودية قررت منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء وعلى المقرات الحكومية نهاية العام 2014، توجيه الضربة العسكرية للحوثيين تستهدف مواقعهم الاستراتيجية، لكنها في ذلك الوقت لم تكن قد حددت طبيعة هذا التحالف وعدد اعضائه وأهدافه، متحاشية الدخول في حرب مباشرة قد تثير اعتراضات عربية ودولية.
ومع تصاعد الأحداث، وتمدد الحوثي وإحساسه بالنصر الذي جره إلى سلوك صبياني جعله يتمادى بالتقدم نحو مقر الرئيس في عدن، اعتبرت السعودية أن هذا التصرف هو نقطة إطلاق عملية عسكرية جوية – لا مانع أن تكون مفتوحة- على كل السيناريوهات؛ لتكون معركة كسر عظم لإيران من خلال سحق قدرة الحوثي على الحركة والتقدم.
وقد كان خروج الرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي" من صنعاء إلى عدن بمشورة وحماية وفكرة سعودية محضة، وربما مرت جملة سفير السعودية في الولايات المتحدة مرور الكرام ضمن صخب الحرب، حين قال "إن المملكة أمنت خروج الرئيس هادي من صنعاء إلى عدن".
خلال إقامته في عدن، كان تحت الحماية السعودية الجوية والاستخباراتية، إلى أن كان نبأ "هادي يغادر عدن إلى شرم الشيخ للمشاركة في القمة العربية"، الرسالة الأخيرة في المشهد اليمني على أن معركة تكسير عظام بدأت بين إيران والعرب في اليمن، ولن تتوقف دون الحسم.
هل تأخرت السعودية في اليمن
ماكان يجب على السعودية أن تمعن في هذا الاستدراج للحوثيين وحلفائهم من النظام السابق للرئيس علي عبدالله صالح، حتي يحكموا السيطرة على كامل صنعاء ومؤسساتها الدستورية، ومن ثم انتظارهم أيضا حتى يصلوا إلى مقر الرئيس في عدن.. هذا رأي.
لكن على الضفة الأخرى، ثمة من يرى أن الانقضاض على الحوثيين في ذروة قوتهم وفي ذروة الرفض العالمي والإسلامي لسلوكهم تصرفا حليما ومجديا، بينما كان من الصعب التدخل العسكري في البداية لاعتبارات سياسية وطائفية.
ولا يجب أن ننسى أن هذه العملية العسكرية تحتاج إلى بنك معلومات عسكرية لجميع المواقع التي من شأنها أن تشل حركة الحوثيين.. فوق كل ما سبق احتاج بناء هذا التحالف الذي ضم 10 دول إلى وقت جيد من ناحية التنسيق، وكذلك الناحية العسكرية والترتيبات الأمنية، إلا أن ما يحسب للمملكة وبكل اقتدار، العمل بصمت مطبق على هذا التحالف المفاجئ، وبدء العملية العسكرية في توقيت مناسب من تمدد الحوثي، وكأنه فعلا سيناريو استدراج، فقد كانت سيطرة الحوثي على عدن هي آخر مسمار يدق في نعش "هادي".
سقف الحرب على الحوثي
بعيدا عن السياسة وحسابات الصراع الإقليمية بالفعل؛ أعادت عملية "عاصفة الحزم" الثقة للسنة في المنطقة، هذه الثقة كانت قد تلاشت في الآونة الأخيرة بحكم تضخم الرأس الشيعي دون رادع.
لقد أثر التحالف الدولي ضد "الدولة الإسلامية" وترك ميليشيات "حزب الله" و"أبو الفضل العباس" وغيرها من العصابات الطائفية الأخرى.. أثر على معنويات التفكير "السني العامي"، وراج اعتقاد أن التدخل الدولي في مناطق تسيطر عليها إيران صعب، وأن العرب لن يحركوا ساكنا حيال التمدد الإيراني.. لتأتي هذه العملية في توقيت ماقبل النهاية لانعدام الثقة.
أما سقف هذه الحرب، فيمكن أن يكشفه الزخم الدولي والعربي قبيل انعقاد قمة شرم الشيخ، حيث يتضح أن ثمة توجها للمضي حتى النهاية وإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى حالته الشرعية رئيسا على حجم التراب اليمني وتحجيم الحوثيين ليس قياسا إلى قوتهم، وإنما وفق الدور السياسي على قاعدة الحوار الوطني.
وقد بدا واضحا، أنه للمرة الأولى يجمع العرب على مواجهة إيران على أرض اليمن، من خلال استعداد معظم الدول للمشاركة البرية.
تأثير الضربات .. ورد إيران
حسب خبراء عسكريين، فإن هذه الطلعات في يومها الأول حققت ما هو مطلوب منها من الناحية العسكرية والنفسية، إذ حطمت العملية القدرات الدفاعية للحوثيين، وكذلك استهدفت مستودعات ومخازن السلاح وأنظمة الاتصالات، وهي أهداف من شأنها شل حركة الحوثي في كل مواقعه.
في المقابل، هناك رقابة صارمة على مناطق مرور السلاح إلى الحوثي بريا وبحريا، الأمر الذي سيدفع الطرف الآخر إلى بدائل وربما حرب مطولة.
لكن ماذا عن إيران .. اللعبة باتت مكشوفة؛ والصراع الإيراني السعودي يأخذ أبعادا وصورا متنوعة، وبكل تأكيد لن تقبل إيران بهذه الضربة وسيكون لها رد قوي، يفترض أن تكون السعودية مستعدة لمواجهته.
أما من يفصل ويحسم هذا الصراع في اليمن؛ فهي القبائل وبقية الأحزاب اليمنية، إذ لا بد في هذه الفترة أن ينزاح موقف قبائل اليمن إلى جانب التحالف، فهي الرابح الأكبر من استئصال قوة الحوثي.. لذلك فإن كل الأحزاب السياسية والقبلية تحتاج إلى مظلة سياسية محلية وإقليمية لمواجهة الحوثي.. والسعودية الآن مستعدة لحماية وشرعنة تحرك هؤلاء جميعا، مادامت جهودهم تصب في مواجهة الحوثي.
ليستِ القصةُ في جنازة ملك.. إنها استراتيجية ملكٍ آخر.. علي عيد*
ليستِ القصةُ في جنازة ملك.. إنها استراتيجية ملكٍ آخر.. علي عيد*
الرياض وأنقرة تخلقان مناخا إقليميا مريحا .. والبداية من أردوغان
عبدالله - رجا - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية