مثلما تنادت المدن السورية لنصرة درعا بدايات الثورة السورية وترديد عبارة "يا درعا نحنا معاك للموت" تنادت القرى والبلدات المحيطة بدرعا إلى ما سُمي "فزعة حوران" رداً على مجازر قوات النظام في درعا البلد بتاريخ 23/3/2011 حيث انطلقت هذه الفزعة من مدينة الحراك التي يُطلق عليها ناشطون لقب "أيقونة الثورة السورية".
وشارك فيها آلاف المتظاهرين السلميين الذين حملوا سعف النخيل، وأغصان الزيتون فقوبلوا بالرصاص والنار ليسقط العشرات من أبناء المدينة ما بين شهيد وجريح.
الناشط الإعلامي "منير القداح" الذي عايش "فزعة حوران" ورصدها بالكلمة والصورة والفيديو قال لـ"زمان الوصل": "بتاريخ 23 آذار 2011 تواردت الأنباء لمدينة الحراك عن حصار المسجد العمري، ومقتل عدد من المصلين داخله فتجمع الأهالي من تلك المدينة، ومن القرى المجاورة "بلدة ناحتة والكرك الشرقي والمليحات ومليحة العطش وأم ولد والصورة وعلما وخربة غزلة وصيدا والمسيفرة والجيزة".
وبدأت هذه الجموع بالتظاهر السلمي تنديدا لما يحصل لحصار المصلين وأماكن العبادة المقدسة من قبل الأمن السوري.
وروى القداح إن "جموع المتظاهرين ترجّلوا آنذاك سيراً على الأقدام لمسافة 33 كم وهي أول مظاهرة من نوعها في تاريخ الثورات، ووصل عدد المتظاهرين وتجمعهم في بلدة "عتمان" إلى حوالي 100 ألف متظاهر بعد توافد أهالي المناطق الغربية والشمالية مثل "كفرشمس" و"الصنمين" و"الشيخ مسكين" و"نوى" و"داعل" و"طفس" و"اليادودة" و"جاسم" و"انخل" وغيرها".
ويستعيد القداح بحماس تلك اللحظات عندما "تلبدت السماء بالغيوم وسقطت أمطار غزيرة، وبدأت حناجر المتظاهرين تصدح بالهتافات: "الجيش والشعب إيد وحدة" و"فكوا الحصار عن العمري" و"حاملي أغصان الزيتون وأغصان الورود" حين فوجئ جموع المتظاهرين بحاجز للجيش قبيل بلدة عتمان".
ويضيف:"رغم التهديد والوعيد سار الأهالي لمبتغاهم ألا وهو فك الحصار عن المصلين".
ويستدرك محدثنا:"عند الوصول لمدخل مدينة درعا، وبالتحديد مقابل الملعب البلدي والكازية كانت الطامة الكبرى، إذ اعتلى عناصر الأمن السوري الأبنية المحيطة على جانبي مدخل المدينة، وبدأوا بإطلاق الرصاص الحي المباشرعلى رؤوس المتظاهرين العزل، فاستشهد على إثرها حوالي 120 متظاهراً ومئات الجرحى في أجواء رعب لم يشهدها الشعب السوري من إجرام بحق الإنسانية والمتظاهرين السلميين".
ولم يكتفِ عناصر الشبيحة بإطلاق النار على رؤوس المتظاهرين مباشرة –حسب القداح- بل "بدأوا باستهداف سيارات الإسعاف، ومنعها من إنقاذ وإسعاف الجرحى والشهداء".
ويستذكر الناشط الإعلامي "مجد الحريري" جوانب من بدايات الثورة في مدينة الحراك التي كانت من أوائل المدن المشاركه في الثورة وبقوة كبيرة –كما يقول- فعلى إثر اعتقال العسكري المنشق "محمد رضوان قومان" أحد أبناء المدينة الذي كان من أوائل المنشقين الذين ماتوا تحت التعذيب في سوريا، إذ قام شبيحة نظام الأسد بتعذيبه بالكهرباء والضرب المبرح حتى فارق الحياة. ويضيف الحريري أن "أهالي حوران خرجوا على بكرة أبيهم لتشييع جنازته بتاريخ 15/4/2011 وشهد هذا اليوم أكبر وأعظم مظاهرة بتاريخ حوران، إذ تجاوز العدد 400 ألف متظاهر بقيادة شيخ المسجد العمري "أحمد الصياصنة".
*الشبيحة يستبيحون" الحراك"
ويردف الناشط الحريري: "بعد ذلك أصبحت المظاهرات عرفاً يومياً في حياة أهل المدينة ليل نهار، ونصبَ المتظاهرون خيمة الثورة في كراج الانطلاق لتتحول إلى عرس ثوري لم تخبُ شعلته إلى الآن، ويروي الناشط الحريري إن "قوات الأمن والشبيحة اقتحمت مدينة الحراك للمرة الأولى صباح مساء وبتاريخ 29-5-2011م واستشهد جرّاء هذا الاقتحام إخوة ثلاث وهم "هيثم احمد الحريري 37سنة، أيهم أحمد الحريري 28 سنة، ومحمد أحمد الحريري 35".
وابتدأت سلسلة الاقتحامات المتكررة من قبل الأمن. مدعمه من "اللواء 52". ويشير محدثنا إلى أن "قوات نظام الأسد وشبيحته ارتكبت مجزرة مروّعة أول أيام عيد الفطر 20/8/ 2012وذلك بعد أن شددت هذه القوات حصارها الكامل على المدينة، فمنعت الكهرباء والطعام والشراب والاتصالات عنها لمدة 49 يوماً على التوالي، واستبيحت المدينة بعد ذلك –كما يقول– لمدة 9 أيام متواصلة أقدم الشبيحة خلالها على حرق وتدمير ونهب كل شيء تقريباً.
وسقط من جرّاء هذا القتحام -حسب محدثنا- عدد كبير من الشهداء، تجاوز 160 شهيدا 110 منهم موثقون بالاسم الثلاثي و50 منهم ظلوا مجهولين بسبب إحراقهم بشكل كامل، بالإضافة الى 300 جريح".
*الحراك ... بقيت شوكة في قلب النظام
ويتابع الناشط الحريري:"بعد تلك المجزرة تمت إعادة السكان المهجّرين وطمأنتهم –كنوع من الخداع- إذ تم زرع الحواجز في قلب المدينة، لمنع أي مظاهر مسلحة أو مظاهر ثورية في الحراك، التي بقيت شوكة في قلب النظام إلى أن اشتد عود الجيش الحر وبدأت معارك تحريرها ما بين كر وفر إلى أن تمكن الجيش من تحريرها وإزاله كافه الحواجز من داخل المدينه وما حولها
وكان عدد السكان الحراك التي يُطلق عليها لقب "أيقونة الثورة السورية" قبل الثورة قد تجاوز 34 ألفاً أما الآن فلا يتجاوز عددهم 3 آلاف بسبب التهجير الممنهج، حيث بلغ عدد المهجرين والنازحين أكثر من 26 ألف من سكانها في الداخل السوري والبلدان المجاورة..ويبلغ عدد الشهداء بالاسم الثلاثي والزمان والمكان 317 شهيداً غالبيتهم من الشباب والشيوخ والأطفال والنساء المدنيين.
كما بلغ عدد المعتقلين والمفقودين 106 إلى جانب عدد كبير من الجرحى والمصابين والأيتام.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية