فيما تتكاثر عمليات السرقة والسطو في أحياء حمص الموالية، وسط تغول مرتزقة النظام المدججين بالسلاح وبسلطات لاسقف لها، لم يعد أمام فئة من الموالين إلا الاستعانة بـ"الضوء"، بعدما فشلت كل نداءاتهم الموجهة إلى سلطات النظام لتأمين بيوتهم ومحلاتهم وملاحقة السارقين ومعاقبتهم.
فقبل نحو سنة، كان مؤيدو حمص يلصقون كل سرقة أو عملية خطف بـ"العصابات المسلحة"، في إشارة واضحة إلى الثوار، ولكن خلو معظم المدينة من الثوار، جعل الموالين يواجهون الحقيقة سافرة ليعترفوا أن "دود الخل منه وفيه"، وأن النظام ومرتزقته هم المستفيد الأكبر من الانفلات الأمني، الذي صنعوه بأيديهم وأصروا على استمراره، بل وفاقموه بتغييب الخدمات، وأهمها الكهرباء، التي أحال فقدانها أحياء حمص ليلا إلى أماكن مرعبة يختبئ وراء كل زاوية فيها لص أو قاطع طريق أو حتى قاتل.
ومع هذا الوضع المزري بات ليل حمص كابوسا حقيقيا، تشتد وطأته بعد منتصف الليل، حيث ينشط اللصوص تحت أعين أصحاب المحلات والبيوت، الذين يرى جزء منهم دكانه أو منزله وهو يتعرض للسرقة دون أن ينبس ببنت شفة، خوفا من أن يفقد حياته، ويضيع عمره هدرا.
وتتعالى أحاديث هامسة بين طائفة من الموالين تجزم بأن اللصوص ينتمون إلى مليشيا "الدفاع الوطني"، التي تقتل وتنهب وتخطف وتبتز تحت ستار "حماية الوطن وأمن المواطن"، وفي هذا السياق يروى أن صاحب أحد المحلات أحس من منزله الواقع فوق دكانه بحركة غريبة، فنادى من الشرفة: "من فيه تحت"، فرد عليه اللصوص: "رجاع نام ولاه في هون سياره مشبوهة عم نفتش عليها"، وفي الصباح وجد الرجل نتيجة "التفتيش" ظاهرة في محله المفرغ من البضاعة!
ورغم "جرأة" معظم الموالين في مواجهة من ثاروا ضد ظلم النظام والتي تصل حد الجبروت والفتك، فإن فئة من المؤيدين لا تجسر على رفع صوتها في وجه من يسرقون رزقها، ولا حتى على الاحتجاج البسيط ضد النظام الذي أوجد "بعبع" المرتزقة وسمّنهم حتى أكلوا الخضر واليابس، ويكتفي هؤلاء المؤيدون بأفكار "التفافية" وحلول تسكينية، ومنها حملة "ضويها لنحميها" التي أطلقها البعض مطالبين بإنارة مداخل البيوت والمحلات طوال الليل بأنوار الحبيبات (الليدات)، التي تعمل على البطارية ولا تستهلك إلا قدرا ضئيلا من الطاقة، بعدما غدت الكهرباء عملة نادرة في ليل حمص ونهارها.
بعض الموالين تعلق بقشة "ضويها لنحميها" رغم علمه أنها لن تنقذه من الغرق في بحر السرقات المتلاطم ضمن الأحياء المؤيدة، فيما رأى آخرون أن الحملة عبارة عن "تنفيعة" جديدة لتجار الأدوات الكهربائية والمستوردين المرتبطين مباشرة بالنظام، والمعروفين بتجار ومستوردي الأزمة، وأن إضاءة الأحياء بـ"الليدات" لن تفيد في ردع من تمرسوا بالسرقة وتمردوا على النظام بل وحتى على الأحياء التي خرجوا منها، وبات كل همهم الاستمرار فيما بدؤوه ضمن الأحياء والبلدات الثائرة، قبل أن يُخلوها تماما، ليخبو معها وميض "أسواق السنّة"!
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية