أكد ناشطون ميدانيون في مدينة حمص أن بيوتا أثرية عديدة في الأحياء القديمة، التي شرد النظام أهلها منذ 3 سنوات، تم نهبها بالكامل.
وأوضحوا أن مرتزقة النظام سرقوا البيوت القديمة بطريقتين، إما بانتزاع حجارتها بعد تصويرها وترقيمها، أو بتجميع ما تهدم منها بفعل قذائف جيش النظام وصواريخه أيام الحصار، وذلك بذريعة رفع الأنقاض من الشوارع والأزقة التي تعج بالأبنية والمشيدات الأثرية والتاريخية.
ونقل الناشط أبو الوليد عن عدد من الأهالي الذين عادوا مؤخرا للنظر في وضع بيوتهم المدمرة لترميمها، إنهم وجدوها خاوية على عروشها إلا من بعض الحجارة القليلة التي تفتقد للقيمة الأثرية والفنية.
أما المفردات المعمارية الهامة التي يمتاز بها البيت الحمصي، كالبحرات والأقواس والأواوين والمصبات والفسيفساء الرخامية الملونة، فلم يعد لها وجود البتة، حسب ما قال أبو الوليد لـ"زمان الوصل".
وتتميز البيوت في مدينة حمص القديمة بحجارتها البلقاء، أي السوداء التي تتقاطع مع البيضاء، حيث يطلق على مدينة حمص اسم "أم الحجارة السود".
وضمن السياق نفسه أكد "أبو رأفت"، أحد المعلمين القلة الذين مازالوا يمارسون مهنة بناء الحجارة، على انتشار ظاهرة بيع حجارة بيوت حمصية قديمة في لبنان خلال الآونة الأخيرة.
وفي اتصال أجرته "زمان الوصل" معه أشار أبو رأفت، الذي اضطر للجوء إلى لبنان مع أفراد أسرته ومغادرة بيته في حي باب تدمر، إلى أنه شيّد خلال الأشهر الخمسة الأخيرة واجهات 3 بيوت في مدن زحلة وجونية وبعبدا بحجارة تعود جميعها لبيوت حمصية قديمة جرى نقلها إلى لبنان.
وكشف أن بعض الميسورين اللبنانيين يُقبلون على شراء هذه الحجارة ويدفعون ثمنا لها وفقا لجودتها وزخرفتها وبأسعار تتراوح مابين 1500 و4000 دولار للبيت الواحد.
كما صرح أبو رأفت بأن بعض المهتمين بالعمارة العربية القديمة من أوروبا وأستراليا اشتروا بالفعل عددا من الحجارة التي تعود لغرف وواجهات بيوت حمصية قديمة.
وأكد أبو رأفت أن عددا من تجار العتيق "الأنتيكا" في الضاحية الجنوبية ببيروت، والتي يسكنها موالون لحزب الله، يعرضون "خدماتهم" في هذا المجال على ورشات البناء المتخصصة بتشييد الفيلات للمغتربين اللبنانيين، وخاصة تلك التي تقام في ضواحي بيروت الجبلية.
من جهتها نقلت مصادر خاصة لـ"زمان الوصل" بعض ما ورد في التقرير الفني الأولي الذي قدمته اللجان الفنية الهندسية التي شكلها محافظ حمص حول فقدان العديد من المداميك الحجرية من أسوار مدينة حمص القديمة وبخاصة السور الواقع في حي الأربعين، هذا عدا عن القطع الحجرية المُشكِلة لجوانب "الباب المسدود" البوابة التاريخية الدفاعية الوحيدة المتبقية من أبواب حمص السبعة.
وأشارت اللجان في تقريرها إلى أن العديد من القصور والمساجد المتهدمة اختفت حجارتها البيضاء والسوداء، والتي يصعب استبدالها بحجارة جديدة كونها مصقولة ومشذبة يدويا وتحتاج إلى حرفيين مهرة مختصين في هذا المجال، في حال تقرر ترميم هذه المباني مستقبلا.
وساقوا مثالا على ذلك حجارة مسجد الفضائل وحمامي السراج والعصياتي وحجارة جامع كعب الأحبار وغيرها، إضافة إلى عشرات القصور والبيوت ذات الطابع التراثي والأثري الجميل.
وأرجعت اللجان الفنية الأثرية المختصة ذلك إلى قيام الآليات الثقيلة بترحيل هذه الحجارة إلى مكبات الأنقاض..!
وفي السياق ذاته فقد ذكرت مصادر خاصة لـ"زمان الوصل" أن مكبا كبيرا لتجميع الأنقاض تم إحداثه خلال شهر أيلول/سبتمبر من العام المنصرم في الجهة الجنوبية من مدينة حمص، على طريق تدمر القديم وعلى مقربة من معسكر الحسن بن الهيثم للتدريب الجامعي.
وقالت المصادر إن هذا المكب يخضع لسيطرة مباشرة من ميليشيات "جيش الدفاع الوطني" بزعامة "صقر رستم".
وأكدت المصادر أن المشرف على عمليات تجميع وتنسيق الحجارة الأثرية هو شخص لبناني من أنصار حزب الله يُدعى "أبو جابر" وهو الذي يُسوِّق هذه الحجارة إلى تجار الضاحية الجنوبية، بتسهيل مباشر من أجهزة أمن النظام.
مأمون أبو محمد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية