أربع سنوات مرت على الثورة السورية، دون أن تتمكن المعارضة السورية من مأسسة عملها، أربع سنوات مرت دون أن تتجرأ هذه المعارضة من مكاشفة الشعب السوري في سلوكها السياسي والعسكري والمالي.
دول عديدة قدمت الدعم للمعارضة من فوق الطاولة، لكن هذه الأموال في معظمها تم صرفه من تحت الطاولة دون حسيب أو رقيب. وطوال السنوات الأربعة الماضية لم تتقدم أي جهة من المعارضة بكشف حسابها المالي ومقدار الدعم الذي تلقته وأين صرفته.
"زمان الوصل" تفتح ملفات المعارضة المالية، منذ تأسيس المجلس الوطني السوري، ومنذ أول دينار ليبي قدمه الليبيون إلى المجلس متتبعة مسار هذا المال الذي بدا في صندوق أسود.
*ليبيا أول الداعمين
في 2 نوفمبر من العام 2012 نشر المجلس الوطني السوري بيانا، كشف فيه عن الدعم الذي تلقاه من بعض الدول العربية وفي تفاصيل البيان قال: إنه تلقى هبات بلغت 40 مليون دولار، نصفها من ليبيا والنصف الثاني من قطر والإمارات، أنفق منها حوالي 30 مليوناً، وذهب حوالي 90% منها لعمليات الإغاثة.
وقال المجلس في بيانه، "بلغت قيمة الهبات المستلمة من أول تأسيس المجلس في تشرين الأول/أكتوبر 2011 إلى الآن من دول العالم مشكورة، 40.4 مليون دولار، موزعة كما يلي: 5 ملايين دولار من الإمارات، و15 مليوناً من قطر، و20.4 مليون من ليبيا".
*صراعات على المال
إلا أن أن القصة هنا تبدأ في المسيرة المالية للمجلس الوطني، إذ أكدت شخصية كانت مطلعة على ملف الدعم الليبي أن رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل تعهد بتقديم 100 مليون دينار ليبي، أي ما يقارب 72 مليون دولار أمريكي.. فأين ذهبت حوالي 52 مليون دولار.
وقال المصدر، إن "الإخوة في ليبيا أصيبوا بدهشة من حجم الوفود السورية التي زارتهم للحصول على هذا المبلغ، بل المثير أن ثمة شخصيات دخلت على الخط دون علم المجلس الوطني منهم عماد الدين رشيد من التيار الوطني السوري.. الذي حاول استلام المال شخصيا".
ويضيف المصدر أن الخلافات بدأت تتفشى في المجلس بعد زيارة كل من بشار حسن الحراكي وفداء مجذوب وهيثم رحمة إلى ليبيا، إلى أن انتهى الأمر بتوقيع البنك المركزي الليبي على أمر التحويل آنذاك إلى حساب المجلس الوطني، وكانت الدفعة الأولى 20 مليون دولار، وهو آخر توقيع من المجلس الانتقالي الليبي.
*المجلس لا يتقاضى رواتب
ويقول رئيس المجلس الوطني الأسبق الدكتور عبدالباسط سيدا، عندما زرت مصطفى عبدالجليل، بدأت أتحدث عن مأساة الشعب السوري، وقاطعني عبدالجليل وقال لي " لا تكمل هذه مأساتنا أيضا .. ولكم منا ما تريدون.
ويؤكد سيدا، أن أعضاء المجلس حينذاك لم يكن يتقاضون رواتب، حتى أن هناك الكثير من المصاريف يتحملها الأعضاء.. فلم يتم صرف أي مبلغ من المنحة الليبية على القضايا الشخصية على الإطلاق.
ويذكر سيدا، أن الموقف الليبي كان من أكثر المواقف الداعمة والمساندة للثورة، ويثول إن العشرين مليون دولار التي تم تحويلها إلى المجلس، تم صرفها على مخيمات اللاجئين السوريين، مشيرا إلى أنه أول رئيس للمجلس يزور هذه المخيمات ويقدم لها الدعم.
*معارضة بلا استراتيجية
ويقر سيدا أن المعارضة لم تكن تعمل بهذا المستوى السياسي الاحترافي، إذ إن المجلس آنذاك لم يستثمر الدعم الليبي على أكمل وجه، في حين أن ليبيا هي من فتحت باب الدعم للمجلس، وتبع ذلك العديد من الدعم.
وقد حضرت "زمان الوصل" أحد اجتماعات الموفدين الليبين للأركان، حيث كان الوفد يقدم الخدمات والمساعدات الطبية للثورة السورية، فضلا عن السلاح في بداية تسليح الثورة، إلا أننا لم نلحظ اهتمام من هذه المعارضة بالدعم الليبي، حتى على مستوى الزيارات التي كانت شبه معدومة، بينما كان التهافت على عواصم أخرى من أجل كسب الولاءات.
ويبقى السؤال مفتوحا للمجلس، دون اتهام أو تشكيك، أين ذهبت 52 مليون دولار ما تبقى من الدعم الليبي ومن المسؤول عنها.. وكيف تتهافت المعارضة على منحة مالية مبرمجة من أجل استلامها بشكل شخصي .. من خول هؤلاء .. وهل تمت محاسبتهم؟.
*سفير في ليبيا وإقامته بالرياض
وسبق أن بحثت "زمان الوصل" في القضية نفسها، عندما نشرت عن المعارض رياض حسن الذي شغل منصب سفير الائتلاف الوطني، في ليبيا منذ نحو سنتين - ومازال - ، رغم أن مكان إقامته في العاصمة السعودية الرياض.
وذكرت أن مصادر معارضة اتهمته بأنه فوّت على الائتلاف دعما من حكومة الثورة الليبية قبل حدوث الانقسامات التي تعتري المشهد الليبي الآن.
ونشرت حينها رسالة سابقة من أحد أعضاء الائتلاف، كما وردت تتحدث عن سفارة الائتلاف في ليبيا، متحفظة على اسم المرسل الذي أرسلها لقيادة الائتلاف، وتعيد نشرها ثانية وهذا نصها:
"كان من الممكن أن تكون ليبيا في مقدمة الدول الداعمة للثورة السورية، كان من الممكن أن تقدم ما يزيد على ما قدمته قطر والسعودية لو أحسنا التعامل معها خلال السنتين الماضية!!
ولا ننسى مبلغ مائة مليون دولار خصصتها للمجلس الوطني الذي أهمل تحصيلها، كذلك لا ننسى تلاقينا مع الإخوة في ليبيا بأهداف الثورة، التي نجح -دوننا فيها- المجلس الوطني الليبي بالحصول على الاعتراف القانوني..
في فترات سابقة خلال السنتين الماضية كان الوضع مستقراً ومؤهلاً لتلعب سفارتنا دوراً هاماً في تحصيل الدعم والاستفادة من التجربة.
لكن وللأسف الشديد سفير الائتلاف الأخ الشيخ رياض الذي نحترمه جميعاً لم يقم بأي فعل أو واجب، وقد كنت أنتظر ممن في مثل طبعه أن يتنحى ويطلب استبداله بمن يملك التفرغ مع القدرة على الإنجاز، وكونه لم يفعل، أطالب الهيئة السياسية بإعفائه وتكليف شخص آخر متفرغ للمهمة كسفير للائتلاف في ليبيا".
حق السوريين
حق السوريين
ويطالب عدد كبير من السوريين جميع مؤسسات المعارضة بالكشف عن الأموال التي إستلمتها وأين صرفتها، خصوصا "الائتلاف الوطني" و"الحكومة المؤقتة"..
عبد الله رجا - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية