أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"الحميدية" درة الأسواق الدمشقية .. قوانين جديدة للتجارة تفرضها التحالفات السياسية والطائفية

سوق الحميدية - أرشيف

اكتسب سوق الحميدية الدمشقي اسمه، نسبة إلى السلطانين العثمانيين؛ عبد الحميد الأول وعبد الحميد الثاني اللذين بُني في عهدهما السوق، بين عامي (1780ـ1884).

وحسب المؤرخين، فإن والي دمشق حسين ناظم باشا، أمر باستبدال سقف السوق الخشبي، بسقف مصنوع من التوتياء والمعدن لحمايته من الحريق، ومنذ ذلك الحين نجحت تعويذة حسين باشا بحماية الحميدية ليس فقط الحرائق بل من الانهيارات الاقتصادية أيضاً.

ورغم تبدل الأحوال التي مرت على دمشق نجح الحميدية بالصمود، وهو مازال حتى اليوم واقفاً ولو على عكازتين.

*قوانين جديدة للعبة التجارة
في 27ـ5ـ2012، أعلن تجار سوق الحميدية إضراباً عاماً احتجاجاً على مجزرة "الحولة" التي اركتبها النظام، وعلى الرغم من أن 99٪ من محلات السوق شاركت في الإضراب، إلا أن الإجراءات التي فرضها الأمن بعد ذلك على السوق خلقت انقسامات في صفوف التجار، وخلقت قوانين جديدة للعبة التجارة.

ويوضح أبو عمر، أنه عندما نظم التجار الإضراب في عام 2012، فإن التجار المؤيدين أعلنوا منذ ذلك الحين رفضهم للمشاركة فيه.

يقول تاجر العبايات الشرقية؛ أبو عمر، إن الانقسامات بين التجار باتت في الآونة الأخيرة واضحة، فالتجار المعارضون يناصرون بعضهم تجارياً ويدعمون بضائع بعضهم، وكذلك يفعل المؤيديون.

ويضيف: على سبيل المثال،عندما يطلب زبون بضاعة غير موجودة في محلي، أرشده على محل تاجر معارض قد يجدها عنده، ولا أرشده على محل تاجر مؤيد، وكذلك يفعل البقية.

كما يشير أبو عمر إلى أن التجار المعارضين، يجمعون بينهم مبالغ أسبوعية لشراء معونات للنازحين، وهم يعطون الزبائن التابعين لجهات إغاثية مدنية أسعاراً خاصة، وهم ـحسب أبو عمرـ يتعرفون على الناشطين الإغاثيين خارج السوق، حيث تُنسج هذه التحالفات بسرية تامة، خشية وصولها إلى مسامع "العواينية".

*"عواينية"
ومن جهته يوضح تاجر القماش أبو محمد، أن عددا كبيرا من التجار المعارضين لايظهرون آراءهم السياسية خشية من "العواينية" الذي نشرهم الأمن بهيئة بائعين جوالين وأصحاب بسطات، إضافة إلى "العواينية" الذين تم تجنيدهم بين صفوف التجار.

ويوضح أبو محمد أن الأمن فرض على بعض التجار تشغيل موظفين في محلاتهم، مهمتهم كتابة التقارير اليومية بالتجار ويرصدون أحوال السوق، كما يراقب العوانية إن كان أي من التجار يصرف من أو إلى الدولار، لأن التصريف صار تهمة كبيرة.

ويشير أبو محمد، إلا أن "العواينية" باتوا معرفوين بأسمائهم ووجوههم بين التجار، وهم منبوذون بالعموم.

ويؤيد أبو محمد رأي التاجر "أبو عمر"، فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية داخل السوق قائلاً: تُفصَل العلاقات الاجتماعية في الحميدية حسب الانتماءات الطائفية التي فرضتت على أصحابها مواقف سياسية.

ويوضح: للأسف، لا يمكننا التغاضي عن أن السوق صار مقسوما إلى قسمين؛ التجار الشيعة وهم بمعظمهم مؤيدون، والتجار السنة وأغلب هؤلاء معارضون، ولا ينفي أبو محمد وجود نسبة كبيرة من المؤيدين بين التجار السنة، مشيراً إلى أن هؤلاء يخشون وصول الخراب، الذي التهم أسواق حلب، إلى أسوق دمشق.

ووفق "أبو محمد"، فإنه يمكنك ملاحظة الانقسامات الطائفية في السوق، خلال مرور مواكب "الشيعة" التي تدخل المسجد الأموي الكائن في قلب سوق الحميدية، وهؤلاء، حسب "أبو محمد"، يمارسون خلال مرورهم في السوق، وداخل المسجد الأموي طقوساً يستهجنها التجار السنة، ويؤيدها التجار الشيعة.

*أتاوات
وحسب تاجر الساعات "أبو جاسم"، يسير يومياً مجموعة من الضباط بين المحلات و"يرمون بلاءهم على التجار، وكأن ركود حركة السوق لا تكفي".

يقول أبو جاسم: يدخل هؤلاء إلى المحلات، ويجمعون ما يشتهون من بضائع سواء أكانت حاجيات مادية أو طعام، ويخرجون دون أن يدفعوا ليرة واحدة، وحسب "أبو جاسم"، فإن التجار يشترون كف بلاء هؤلاء الضباط، بالسكوت عن سرقاتهم.

ويقول تاجر الشرقيات أبو صالح إنه بالكاد يحصل 500 ليرة في اليوم، ويتابع: معظم بضائعنا لم تنفذ منذ بداية الثورة، بعضنا صرف العاملين معه ليوفر أجورهم، بالكاد نحصل ما يسد رمق أبنائنا في ظل ارتفاع قيمة البضائع وقلة الطلب وارتفاع أسعار الصرف.

ويردف: معظم التجار يفتحون محلاتهم بهدف التسلية والعادة، وليس بهدف الرزق، فالتجار اللذين اعتادوا وفق "أبو صالح" فتح محلاتهم من التاسعة صباحاً، يصعب عليهم الجلوس في المنزل، وإغلاق المحلات.

ومن جهته يشير تاجر الشرقيات إلى أن معظم الزبائن هم تجار لبنانيون يتسوقون من الحميدية كونه مازال حتى اليوم مقارنة بأسواق لبنان مصدراً لبضائع الجملة الرخيصة، كما يتسوق من تجار الجملة في الحميدية تجار من مدن الساحل السوري، حيث ما تزال الأسواق أفضل حالاً مما هي في بقية المحافظات السورية.

دمشق - زمان الوصل
(170)    هل أعجبتك المقالة (210)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي