أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عن أزمة البرجوازية اللبنانية و العربية .... مازن كم الماز

يعتبر لبنان المثال المفضل لدى البرجوازيات العربية أو من يرى ريادة مشروعها و اعتبرت بعض مقاربات المعارضة السورية النظام اللبناني خاصة بعد نيسان 2005 على أنه النقيض الديمقراطي لوضعية النظام السوري القمعية الفردية و الفاسدة..لكن ما يجري اليوم لبنانيا هو استنساخ لأزمة و فشل سلطة البرجوازية السورية بعد الاستقلال و الذي انتهى بظهور الديكتاتورية القائمة اليوم..

هناك عجز كامل عن إدارة الصراع بين فئات النخبة الاقتصادية و التقليدية و الدينية و هناك منحى تدميري لهذا الصراع القائم بين فئات هذه النخبة يستند إلى مصالح مغرقة في أنانيتها و انغلاقها على هذه النخب , هناك فشل في إنتاج سلطة مستقرة للبرجوازية تماما كما في كل أزمات النظام اللبناني السابقة أيضا..كانت الأزمات السابقة أيضا أزمة مشاركة جزء من النخب في الحكم و إصرارها على مواجهة النظام القائم من واقع تهميشها..كان القسم الأول من هذه الأزمات يدور حول محاولة النخب السنية خاصة و الإسلامية عامة تغيير وضعية سياسية تمنح المارونية السياسية الدور المركزي في هذا النظام قبل أن تتعرض هذه النخب المارونية ذاتها للتهميش في وقت لاحق اضطرت فيه هذه النخب للتعايش مع سيطرة المخابرات السورية قبل أن تنتفض عليها عند ظهور ظروف مواتية..

هذه الأزمة ذات مستويين , مستوى ينتج عن فشلها في تأسيس توازن داخلي بين فئات النخب التقليدية و الطائفية و الاقتصادية و بين مصالحها و سيطرتها على مؤسسات السلطة و بين المحافظة على حد أدنى يمكن أن يطاق من حالة الجماهير , و مستوى آخر ينتج عن قرف الشارع من عبثية صراعات هذه النخب و منحاها التدميري و بالتالي تمرده على سيطرتها و حرب إعادة تدجينه من جديد..كان هذا الاستعصاء الداخلي يستدعي عادة إما قوة خارجية لتلعب دور بيضة القبان في الصراع أو يستدعي المؤسسة العسكرية كمخرج وحيد من حالة المراوحة في الصراع الدائر بين فئاتها..لا يشكل "الخيار الديمقراطي" إلا الوجه الخارجي لسيطرة هذه البرجوازية لكنه ليس إلا واحد من جملة خيارات تلجأ إليها البرجوازية للحفاظ على سلطتها كان بينها السمع و الطاعة لتسلط المخابرات السورية أو لأية قوة خارجية قادرة و مهتمة و الحروب الأهلية الطاحنة..

في لحظة تاريخية تمثلت بصعود الحراك الجماهيري الديمقراطي في سوريا اختارت البرجوازية السورية التي كانت تشعر بعجزها أن تستدعي نظام عبد الناصر إلى سوريا للوقوف في وجه المد القومي و اليساري كنظام فردي يرفض أي حراك "شعبي" لا يخضع لمؤسساته الأمنية منها خاصة على أنه الضد النوعي لحياة سياسية حزبية ديمقراطية أخذت تسحب البساط من تحت قدميها..إن البرجوازية العربية طبقة محكومة بعجزها التاريخي بسبب ضعف سلطتها و ميوعة مشروعها..هذا العجز و الذي يأخذ صفة تدميرية أحيانا يطرح ضرورة صياغة البديل الديمقراطي لكل من أنظمة القمع الفردية و مشروع البرجوازية العربية المأزوم


(160)    هل أعجبتك المقالة (158)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي