من "حلب" إلى الأردن حملت الطفلة "رزان الخوجة" ثقل الحرب والتهجير، وصور الدمار والقتل في تلافيف ذاكرتها، إلى جانب مرض اللوكيميا "سرطان الدم" الذي انتصرت عليه منذ عامين، فعاد وهاجمها منذ أسابيع، ولكن هذه المرة في دماغها.
"رزان" الطفلة ذات الوجه الملائكي، التي لم تتجاوز 11 سنة، تعد أصغر متطوعة إغاثية، حيث عملت لأشهر مع "فريق ملهم التطوعي"، وأصبحت جزءاً منه، تبلسم آلام الموجوعين، وتواسي أنّات المحزونين من الأطفال الذين هجّرتهم الحرب، غير أن جسدها الغض أصبح نهباً للآلام والأوجاع، بعد أن شفيت تماماً، ما دفع زملاءها في "فريق ملهم التطوعي" والمتعاطفين لحلق شعور رؤوسهم، كنوع من التضامن مع حالتها، ومساعدتها في التغلب على آثار جرعات الكيماوي التي تتلقاها في مشفى الملكة رانيا في عمان، حيث التقت"زمان الوصل" مع الناشط الإغاثي "أحمد أبو شعر" من فريق ملهم التطوعي، وتحدث عن بداية التحاق رزان بالفريق واندماجها بالعمل الإغاثي قبل أن يباغتها المرض قائلاً: "كانت بداية انضمام رزان للفريق مع بدء مرحلة علاجها الأولى من مرض "سرطان الدم"، بعد أن تعرف الفريق عليها أثناء خضوعها لمرحلة العلاج الكيماوي بعد تساقط شعرها".
وأضاف أن مهمة فريق ملهم كانت الإشراف على علاجها النفسي، وأثناءها أحبت رزان الفريق وتعلقت بأعضائه وأصبحت جزءاً منهم، وباتت تحضر الجلسات التي يجريها أعضاء الفريق للأطفال، وتشارك في نشاطاتهم، حتى أنها ارتدت القميص الذي يحمل لوغو الفريق.
ويؤكد الناشط أبو شعر أن "مشاركة رزان في الفريق من خلال نشاطات للأطفال أو الكرنفالات التي كانت تساهم فيها بفعالية انعكس إيجاباً على نفسيتها، ما جعلها تستجيب للعلاج بسهولة".
ويلمح محدثنا إلى أنه "في المرحلة الأولى لم يكن فريق ملهم متكفلاً بعلاجها مادياً، لكونها كانت مغطاة من مفوضية اللاجئين بخصوص الجرعات، وكانت قد حصلت على إعفاء من مكتب الأمير غازي الذي يختص بالأطفال الأردنيين ممن ليس لديهم تأمين صحي عادة"، مضيفاً أن "رزان حصلت على استثناء لأن حالتها كانت سيئة جداً".
كانت رزان متحمسة جداً للعمل في المجال التطوعي، ولم تكن تريد أن تكون مثل الأطفال الآخرين الذين يتلقون من فريق ملهم التطوعي دعماً نفسياً، وكانت ترغب بأن تكون هي المساعدة لغيرها من الأطفال، ويؤكد الناشط أبو شعر أن الطفلة رزان عملت بعد شفائها تماماً من المرض مع الفريق في كرنفالات الأطفال وكانت تقدم وجبات الأكل والهدايا لهم".
بعد حوالي سنة من تحسنها الكامل ونجاح العلاج وأثناء الذكرى السنوية للثورة العام الماضي 2014 كان هناك عرض لمسرحية "طلعنا على الضو" التي أخرجها الفنان "جلال الطويل" وكانت هذه المسرحية تهدف لعلاج الأطفال من مصابي الحرب أو بالأمراض الخطيرة وذوي البتر والإعاقات أو السرطان من خلال "السيكو دراما"– أو العلاج بالدراما– ويشير الناشط أبو شعر إلى أن رزان "كانت بطلة هذه المسرحية وأخذت دور الأميرة الحالمة، وذلك ساعد على شفائها تماماً بعد أن كانت قبل ذلك تفتعل المشاكل في أسرتها وتفكر بالانتحار".
بعد شفائها من هذا المرض، وإعلان الأطباء عن شفائها من اللوكيميا بنسبة 80 % هاجمَ المرضُ الخبيث جسد المتطوعة الصغيرة منذ حوالي أربعة أسابيع بعد شعورها بألم في رأسها".
وحول ذلك يقول زميلها أبو شعر:"لدى إسعافها وإجراء الفحوصات اللازمة اتضح أن الخلايا السرطانية عادت إلى جسدها وبشكل أقوى من ذي قبل للأسف".
وعن التكلفة المادية لعلاجها أكد الناشط أبو شعر أن "علاج رزان يكلف من 5000 إلى 7000 دولار أسبوعياً لأن العلاج عبارة عن جرعات كيماوية"، مضيفاً أن "المرض عاد لرزان -للأسف- في الفترة التي انقطعت فيها مفوضية اللاجئين عن تغطية نفقات علاج اللاجئين السوريين".
وينوّه الناشط أبو شعر أن "حالة رزان ستتم مراقبتها لمدة ثلاثة أشهر للتحكم بالخلايا السرطانية والحد من انتشارها أو إيقافها، من خلال الجرعات الكيماوية، وفي حال نجاح العلاج الكيماوي فهي بحاجة لعملية زرع نخاع من أحد الأقارب بعد إجراء تطابق أنسجة من أمها أو والدها أو أخوالها، وتبلغ تكاليف هذه العملية بحسب محدثنا ما بين 50 إلى 70 ألف دولار".
ويلمح أبو شعر إلى أن فريق "ملهم التطوعي"سعى لإدخال رزان إلى مركز الحسين لعلاج السرطان، وهو من أهم مراكز علاج السرطان في الشرق الأوسط لكن دون جدوى، رغم تلقي الفريق وعوداً كثيرة من أشخاص ومؤسسات وجمعيات، ولذلك يتكفل الفريق الآن بتغطية نفقات الجرعات من خلال التبرعات التي يتم جمعها بانتظار أن تمتد أيادي الخير لتنقذ رزان من هذا المرض الخطير".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية