أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

صور معذبي بشار على جدران "متحف المحرقة"، وبدء المحاكمات رهن بوجود أمريكي أو أوروبي بينهم

سيزار شهد في الكونغرس عام 2014

رصد تقرير مصور لقناة "بي بي سي" الأم، عرض صور سوريين قضوا في سجون النظام تعذيبا، على جدران "متحف المحرقة" في واشنطن، متسائلا عما إذا كان عرض الصور في هذا المكان "سيغير رأينا"، أي سيجعل العالم يهتم بهذه الصور الفظيعة التي تجاهلها وكأنها لم تكن، ولم تدم صدمته بما حوته سوى أيام معدودة.

وكتبت "كيم غطاس" مراسلة "بي بي سي" من واشنطن حول تقريرها المصور، موضحة أن اهتمام العالم يتركز حاليا على "الفظائع التي ارتكبها ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية" في حين أن السوريين قلقون ومستاؤون من نسيان معاناتهم التي سببها النظام لهم.

أبشع من أي شيء في المتحف
التقرير الذي اطلعت عليه "زمان الوصل" وترجمت أهم ما جاء فيه، قال إن هذه الأيام تشهد تذكيرا بمعاناة السوريين على جدران "متحف المحرقة" في واشنطن، وهو المكان المخصص لعرض مختلف ما يرتبط بـ"المحرقة" اليهودية.

وذكّر التقرير بمسرب صور التعذيب "قيصر" الذي أخذ على عاتقه تقديم 55 ألف صورة موثقة لجثث حوالي 11 ألف سوري قضوا في سجون بشار الأسد تعذيبا.

ورأت "غطاس" أن "متحف المحرقة" يحاول عبر عرض صور التعذيب أن يحفظها للأجيال القادمة، كدليل على الجرائم المرتكبة من قبل النظام، ناقلة عن "كاميرون هدسون"، مدير مركز المتحف لمنع الإبادة الجماعية قوله: "عرض الصور جزء من رسالتنا التي تهدف إلى إظهار أن الإبادة الجماعية لم تنته مع المحرقة، وأن المحرقة ليست مشكلة القرن الـ20 وحسب، بل هي مشكلة القرن الـ21 أيضا".

ووصف "هدسون" صور ضحايا تعذيب النظام التي تم عرضها، بأنها أكثر قسوة من أي شيء آخر يعرضه متحف "المحرقة"، مضيفا: "الدروس المستوحاة من المحرقة لم يتم تعلمها، وفكرة لا لتكرار التجربة مرة أخرى لم نحققها".

وتابعت "غطاس": "في نفس المبنى حيث صور الأسود والأبيض لسجناء معسكرات الاعتقال النازية تحدق بالزوار، رواد المتحف يعاينون حاليا صورا بالألوان الكاملة لضحايا أحدث، تابعين لنظام تعذيب آخر، وفي حين أن مقياس القسوة بين الصور القديمة والحديثة لايقارن، تبدو الأساليب متشابهة إلى حد مرعب.

الأصابع النازية
صور سوريا، التي التقطت بين عامي 2011 و 2013 من قبل "قيصر"، تظهر الهزال، الرضوض والكدمات، على جثث ملقاة على الأرض، يتم التمييز بينها عن طريق رقم مدون عليها أو على بطاقة، وهذا الرقم يوضح توثيقا منهجيا يذكرنا بأساليب النازية.

قال نظام بشار الأسد إن الصور وهمية أو إنها تعود إلى جثث المقاتلين قتلوا في المعارك، ولكن خبراء في القانون الجنائي الدولي يؤكدون أن الصور صحيحة.

من جهته قال "قيصر" إن الصور التي توثق مقتل حوالي 11 ألف سوري، هي مجرد رأس جبل التعذيب، فما زال في سجون النظام ما لايقل عن 150 ألف شخص.

عندما نشرت بعض الصور في الإعلام، وجد ناجون من معتقلات النظام فرصتهم لإقناع الناس بما كانوا يروونه عن فظائع تلك المعتقلات، ومنهم الناشط قتيبة إدلبي (24) عاما، الذي اعتقل مرتين خضع خلالهما للتعذيب، قبل أن يغادر سوريا نحو الولايات المتحدة.

يقول قتيبة: في كل مرة كنت أقص ما شاهدت داخل المعتقل من تعذيب ممنهج، كان هناك من يستغرب ما أقول مؤكدا استحالة الأمر.. ولكن عندما ظهرت صور التعذيب للعلن أصبح بإمكاني أن أقول: هذا ما كنت أخبركم عنه!
"غطاس" عرجت في تقريرها على من اسمته "فني الموت" لدى الزعيم النازي "هتلر" وهو مجرم الحرب "ألويس برونر" الذي وجد ملاذا آمنا في حضن نظام حافظ الأسد، حيث تردد تعيينه مستشارا له، و لاشك أن مثل هذه المنهجية في التعذيب لدى نظام دمشق تعزز فرضية الأصابع النازية، التي نقلت خبراتها في التعذيب عبر "برونر"، قبل أن يوافيه الأجل ويدفن في سوريا، منذ عدة سنوات.

من يكترث؟
ومع كل ما تشكله الصور من دليل أساسي فإن عجلة العدالة الدولية تدور ببطء، وفق ما يقول التقرير، منوها بأن وزارة الخارجية الأمريكية، تواصل العمل على الملف.

يقول "ستيفن راب" السفير المسؤول عن ملف جرائم الحرب في الخارجية الأمريكية، إن تحويل الملف إلى محكمة الجنايات الدولية "قد لا يحدث هذا العام، ولا حتى بعد 5 سنوات من الآن، ولكن عندما يكون لديك أدلة وناجون، والتزاما من الدول الكبرى مثل بلدنا، فإننا سنصل إلى هذا اليوم الذي نقدم فيه الأدلة ضد المسؤولين عن الجرائم"، علما أن إحالة الملف تتطلب موافقة جميع الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن الدولي.

لكن "راب" بالمقابل أوضح إمكانية المباشرة بعقد محاكمات للمسؤولين عن التعذيب، إذا ما كان بين الضحايا أشخاص مزودجي الجنسية، أي يحملون جنسية أمريكية أو أوروبية مع جنسيتهم السورية.

وتضيف "غطاس": "حتى الآن لم يستطع متكب التحقيقات الفدرالي التعرف إلى أي مواطن أمريكي بين الضحايا، رغم أنه فحص أكثر من 22 ألف صورة، بينما يحتمل أنه تم التعرف مبدئيا على مواطنين أوربيين بين الضحايا".

وأخيرا، يرى الناشط "قتيبة إدلبي" أن السوريين باتوا أقل ثقة (في الوعود بدعمهم ومحاكمة المسؤولين عن مأساتهم)، بينما تركت لهم المقاعد خارج المتحف ليجلسوا عليها، متأملين لوحة مكتوب عليها "لا لتكرار المحرقة مرة أخرى"، لكن العالم في الحقيقة نسي كيف بدأت القصة في سوريا.

ولدى سؤاله عما إذا كان عرض الصور سيحدث فرقا، أطلق "قتيبة" زفرة عميقة لبضع ثوان، قبل أن يقول: "كنت آمل أن يحدث هذا الفرق، ولكن لسبب ما لم يحدث".

ويضيف: "النظام تسبب في كل هذا، ولكنه الآن يظهر أنه ملاك يقاتل الشياطين، فمن بعد هذا يكترث لمقتل حوالي 200 ألف شخص أو مئات آلاف المعتقلين، أو 10 ملايين من المشردين المهجرين؟!".
ويختم "قتيبة" معتبرا أنه رغم وجود القرائن المثبتة بالصور، فإنه يبدو أن "لا أحد يهتم حقا".

زمان الوصل-ترجمة
(97)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي