كشفت الدكتورة "شهد صالحة" الأكاديمية في عدد من الجامعات البريطانية أنها بصدد إنجاز أول قاموس من نوعه لمصطلحات الثورة السورية باللغتين العربية والإنكليزية.
وقالت لـ"زمان الوصل" إن هدف تقديم تعريفات للمصطلحات المستخدمة، "إلزام كل من يخرج للحديث في وسائل الإعلام على استخدامها".
وأكدت صالحة أن مشروعها "جزء من العمل الثوري الساعي إلى استعادة الثورة لمسارها الذي خرجت عنه بفعل عدة عوامل"، مشيرة إلى أن "الثورة السورية لا زالت شعلتها متأججة، وإن كانوا حولوها إلى حرب و صراعات بإرادتهم لزج المنطقة كلها في دمار شامل للحفاظ على الأسد".
وتردف:"نحن كثوار ملتزمون بنهجنا الثوري السلمي القائم على حقيقة مواجهة الموت بالحياة وظلامية الفكر بنورانيته وتحرره".
وحول فكرة المشروع الذي تنجزه بالتعاون مع المدرس "صلاح جمعة" قالت د. صالحة: "منذ بداية الثورة السورية وإلى الآن لفت نظري بشدة استخدام الإعلام والإعلاميين لمصطلحات عديدة لا علاقة لها بالثورة، هذه المصطلحات لا تعبر عن مضمون الثورة وتسعى إلى تقديمها بالرؤية السياسية التي تتبع لها القناة، فبدلاً من مصطلح "ثورة" استخدموا مصطلحات أخرى مثل "حرب أهلية"، "أزمة"، "صراع"، "حرب".
وتضيف صالحة: "كل هذه المصطلحات لا تعبر حقيقة عن الثورة، والتي هي في أساسها انتفاضة ضد الطغيان والاستبداد بكل أشكاله".
وألمحت إلى أن"القنوات الإعلامية سواء العربية أو العالمية استطاعت، ومن خلال اللعب بالمصطلحات تحييد الرأي العام العالمي والعربي الشعبي، وأدت إلى التكتلات التي نراها الآن".
وأوضحت أن "مسألة دخول الكثير من الأطراف على خط الثورة مثل تنظيم "الدولة" وغيرها، كان لا بد من تحديدها وتوصيفها حتى لا تضيع المعاني لاستفادة الثوار من المعلومات لإعادة الثورة إلى مسارها".
وفيما إذا كانت هناك ألفاظ أو تعابير تكفي لتشكيل مادة لقاموس أوضحت الدكتورة شهد أن "القضية ليست فقط في الألفاظ و التعابير"، فالمصطلح سيضم– كما تقول "صور للقادة و الأبطال الشهداء والرموز مثل "القاشوش" و"الحاج مارع "و"أبو فرات" و"تامر العوام" و"غياث مطر" وجمع المظاهرات السلمية وتسمياتها ومصطلحات مثل "التشبيح" و"التشبيح الثوري".
وحول المعايير العلمية أو البحثية التي سيتم اعتمادها في "موسوعة الثورة السورية"، بيّنت صالحة أن "القاموس سيعتمد المعايير العالمية لبناء المعاجم حيث سيتم ترتيب المعجم بحروفه الأبجدية، والتأكد من المعلومات المثبتة من شهود عيان أو من وثائق أو من أحداث".
وأردفت: "يشاركني في إتمام المعجم الأستاذ صلاح جمعة، وهو مدرس لغة إنجليزية لترجمة المصطلحات والتعابير للغة الإنجليزية"، مضيفة: "سأقوم بإنشاء لجنة مراجعة من أخصائي اللغة العربية وبعض الناشطين السياسيين والحقوقيين".
وأكدت شهد إلى أن "الهدف من القاموس ضبط المعاني والمصطلحات، وقد يكون في جزء منه تاريخيا".
وتتابع: "أنا لست مؤرخة بل باحثة وثائرة ومفكرة، وأسعى من خلال معجمي إلى ضبط الفوضى في المصطلحات، وتوضيح أثر المصطلحات على تخريب الأوطان إذا وضعت في غير أماكنها".
ورأت معدة القاموس أن مشروعها هذا "دعوة لإعادة التفكير في كل ما نقول ونستخدم، فمصطلح سقف الوطن يستخدمه الجميع ولكن كل يغني على ليلاه حتى أصبح الوطن من دون سقف".
وحول العوامل التي ساهمت في إشاعة ما أسمتها "فوضى المصطلحات" نوّهت د. شهد بأن "هناك عدة عوامل ساهمت في ذلك، أولها جهل من يخرج للإعلام حيث انبثق عن الثورة مجموعة من الأشخاص سموا أنفسهم زورا وبهتانا إعلاميين وهم -بحسب قولها- "لا يفقهون حقيقة أن الإعلام أخطر الأسلحة" وثاني هذه العوامل "الإعلام غير الحر، فقنوات الإعلام والإعلاميين في التلفزيونات -كما تلمح-" كانوا يسعون لخدمة أجندات وكالاتهم، فبدا أنهم يستخدمون المصطلحات لخدمة غايتهم بعيدا عن الحقيقة".
وتضيف محدثتنا بأن "ثالث هذه العوامل قلة عدد المفكرين في الثورة الذين تركوا "الحبل على الغارب" لتلك الفوضى"، ورابعها "ضعف مهارات المعلومات في وسائل التواصل الاجتماعي، فأغلب من يتناقل المعلومات يتناقلونها بقاعدة القص واللصق دون التمحيص"، وآخر هذه العوامل -حسب صالحة "الجهل بقيمة الكلمة وتأثيرها".
ومن جانب آخر ألمحت صالحة إلى أن "كلمة ثورة أو مصطلح الثورة هو من أكثر الألفاظ إشكالية" فـ"بين كلمة ثورة و المرادفات التي استخدمت لها كالأزمة والحرب والحرب الأهلية والصراع ضاعت الحقوق وضاعت الثورة وضاع السوريون". وكذلك لفظة "الثوار"بين "متمردين، عصابات، مندسين ومجاهدين" ضاعت حقيقة من يقاوم على الأرض وما هدفه".
ولفظة "الوطن"بين أرض ودولة ونظام وانتماء ضاع مفهوم الوطن"، ولفظة "الشعب" بين مؤيد ومعارض ورمادي ودخيل ومرتزقة ضاع مفهوم "الشعب". ولفظة "المجاهدين" بين مجاهد بالكلمة ومجاهد بالسلاح ومحارب وإرهابي ومرتزق وأمير حرب ضاع مفهوم المجاهد".
وتابعت د. صالحة "ينقصنا الوعي الفكري منذ بداية الثورة لحقيقة ما يحاك لنا"، مضيفة: "لو قرأت البيان الأخير الذي صدر عن اجتماع موسكو لعرفت حجم المأساة والخيانة في المصطلحات".
واستدركت:"ثورتنا سميت أزمة زوراً وبهتاناً، والميليشيات الطائفية أعطيت بمصطلح الوطن الأحقية لقتلنا".
وأبانت د. صالحة: "أنا كأكاديمية أول ما أطلبه من طلابي عند القيام ببحث هو تعريف دقيق للمصطلحات والالتزام بها طيلة خط سير البحث، لتكون النتائج سليمة والأمر سيان بالنسبة للثورة"، مؤكدة "هذا مشروعنا كثوريين سوريين وعلينا أن نثبت المصطلحات ونلتزم بها".
ومن المتوقع أن تصدر النسخة الأولى للقاموس مع ذكرى انبثاق الثورة السورية وستكون النسخة تجريبية من أجل استطلاع الآراء لأن المعجم بحسب معدّته "جديد من نوعه".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية