لم يكتفِ الموت بأخذ نصيبه من معاناة المحاصرين ليحل المرض والفقر وتبعاته ثقيلا عن المأسورين داخل هذا السجن الكبير.
"محمد" ابن العام الواحد كتب عليه أن يعاقب هو الآخر، لا لشيء، إنما لأن قدره أن يولد في أكثر مناطق العالم نكبة وحصارا.
فبعد نزوح أهله من بلدتهم "حجيرة" باتجاه "ببيلا" إثر اجتياح الميليشيات الطائفية لها منذ عام ونيف، واستشهاد شقيقيه الأكبر منه بعد محاولتهم الدفاع عن مناطقهم، لم يبقَ للأسرة معيل، وخاصة أن رب هذه الأسرة معتقل لدى النظام ولا يعرف عنه شيئا.
تقول والدة "محمد" إن طفلها أصيب باليرقان والجفاف، وحالته في تدهور مستمر، وإنها لم تألُ جهدا في البحث عن دواء له في المشافي الميدانية ولكن دون جدوى، وحالة صغيرها في تدهور، ووزنه في انخفاض مستمر ولا تعرف ماذا تعمل، وتضيف "أم محمد" "ضاقت السبل، فالبحث عن دواء هنا كمن يبحث عن إبرة في كومة قش".
وتردف بأن الأطباء حذروها من خطورة حالة فلذة كبدها إذا استمرار الوضع على ما هو عليه، ونصحوها بإطعام صغيرها حليب الأطفال في غياب الدواء اللازم، إلا أن هذه الوصفة تكاد تكون أشد ندرة من الدواء نفسه، فلا مال لديها لشراء الحليب حتى إن وجد، فهي تعيش وطفليها المتبقيين على اليسير مما تقدمه المنظمات الإغاثية.
وتختم بحرقة قلب وبعينين باكيتين "أخاف أن أفقد صغيري من بين يدي دون أن أتمكن من عمل شيء".
أبو عبدالله الحوراني - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية