نفّذت الناشطة الحقوقية د."شهد صالحة" الأسبوع الماضي إضراباً عن الطعام لمدة ثلاثة أيام لتلفت الانتباه إلى معاناة السوريين والأطفال منهم بالذات من جراء البرد والجوع.
وشاركت صالحة، التي تعيش في بريطانيا منذ سنوات، بعدة مظاهرات من أجل الإفراج عن "طل الملوحي" قبل الثورة، ولديها مشاريع خاصة لدعم اللاجئين والمتضررين من الحروب.
وتقول صالحة لـ"زمان الوصل" إن فكرة الإضراب مستمدة من سلمية الثورة، فطموح الشعب كان سلمياً، ولم يكن هذا الشعب في يوم من الأيام شعباً قاتلاً أو إرهابياً أو مدمّراً بل شعب حضاري بكل معنى الكلمة.
وتضيف د. شهد:"عندما كنا نحاول نقل معاناة هؤلاء الأطفال للغربيين هنا في بريطانيا كانوا يسمعوننا ولا يفهمون كيف يموت الناس من البرد أو الجوع، فقررت أن أنظم إضراباً عن الطعام لأطلع الناس على حقيقة الأمر، وكمحاولة لإحداث ضجة إعلامية حول هذا الموضوع عسى أن ينتبه الناس إلى أن هناك أطفالاً يموتون من الجوع أو البرد".
وتردف د. صالحة: "تزامن الكلام مع إعلان أكثر من مائة ألف نازح سوري الإضراب عن الطعام".
هذه الظروف دفعت د.شهد صالحة للتفكير بالإضراب، فنشرت إعلاناً على "فيسبوك"، وحول ذلك تقول "بدأت اليوم الأول بمجموعة أنشطة كجمع التبرعات الإنسانية وشرح معاناة السوريين ومأساتهم، وكان الهدف من خلال هذه النشاطات، إضافة إلى الإضراب عن الطعام لفت الأنظار إلى ما يجري".
في اليوم الثاني بدأت أعراض الإضراب تظهر على جسد د. صالحة وخاصة أنها من النوع النشيط –كما تقول- "نظراً لعملي الجامعي ونشاطاتي الإنسانية والاجتماعية الأخرى وبخاصة أن الإضراب عن الطعام يحتاج إلى جلوس والتزام بالمنزل بدأت علامات الإرهاق تظهر على جسدي لدرجة أن رفيقاتي في الجامعة انتبهن، وعندما عرفن أني مضربة عن الطعام، سألنني:" لماذا الإضراب عن الطعام" وحينما نقلت لهن صورة ما يحدث ودواعي الإضراب رأين صورة حقيقية لإنسان يعاني الجوع".
وتشرح صالحة أن الهدف من لجوئها إلى الإضراب أن تكشف عن الوجه المتعب الناحل للأشخاص الذين يعانون الجوع لأناس يبدون بعيدين عن هذه المشاعر. وتردف د. شهد: "نتيجة هذا الإضراب استطعنا أن نجمع تبرعات مادية لأهلنا في الداخل السوري اشترينا بها حرامات شتوية وأرسلناها إلى سوريا عبر هيئة إغاثة في بريطانيا، وجمعنا ثياباً ومستلزمات يمكن الاستغناء عنها من بيوت البريطانيين".
خطوة الإضراب دفعت عدداً من النشطاء والمتعاطفين مع مأساة الشعب السوري إلى التواصل مع صالحة وملاحقة منشوراتها في يوميات الإضراب على موقع "فيسبوك"، التي كانت تشرح فيها الحالة النفسية والإنسانية التي تعيشها: "حاولت أن أنقل حالات المعاناة التي تخطر للجائع وكيف تضيع قوة جسده وينخفض السكري علاوة على الحالات النفسية المرافقة للجوع لدى الناس هنا كي يتعايشوا مع هذه المعاناة".
وتنوّه د.شهد إلى أن "الكثير من الناس تضامنوا مع هذه الخطوة وأعلن بعضهم إضراباً عن الطعام ليقفوا معي ولو ليوم واحد، كما تواصل الكثير من الناس في الداخل السوري معي عبر "فيسبوك".
وتضيف: "أبدى الكثير منهم سعادتهم لأن هناك في الخارج من يمتنع عن ضرورات الحياة اليومية، كالأكل والشرب لإيصال صوتهم للعالم، وخصوصاً أن هذا الأمر يأتي بشكل طوعي".
وتبيّن د. شهد أن أكثر من أثر فيها هم الأطفال والنساء اللواتي يموت أطفالهن وتستدرك قائلة:"هناك نشطاء من أصدقائنا يوصلون لنا الصورة كما هي على أرض الواقع لتوثيقها حتى لا يكتب الآخرون التاريخ حسب أهوائهم، فيكون لدينا دلائل عما يجري حقيقة، لأن الرابح هو من يكتب التاريخ، مضيفة: "نحن لا نريد للرابح أن يكتب التاريخ بل نريد للحقيقة أن تصل لأجيالنا والأجيال القادمة".
وكان لصالحة تجربة سابقة في الإضراب عن الطعام في عام 2011 أي في بداية الثورة السورية، ولكن تلك التجربة لم تكتمل لأسباب صحية.
وعن ذلك تقول: "كنت قد أنجبت ابني يعقوب الذي لم يتجاوز عمره 3 أشهر آنذاك، وقررت حينها أن أضرب عن الطعام معلنة عن هذه الخطوة على"فيسبوك" لكن الأخصائي الاجتماعي حذرني من هذه الخطوة لأن السلطات البريطانية تأخذ الطفل في هذه الحالة بسبب جفاف حليب الأم. وتضيف:"لم يستمر الإضراب عن الطعام سوى 4 ساعات وكانت هذه المحاولة آنذاك بسبب اعتراضي على صمت العالم تجاه موتنا".
وتردف صالحة: "في الإضراب الثاني لم يكن المجتمع الدولي ببالي على الإطلاق لأني اعتبرت هذا المجتمع بمثابة غابة، ومجتمعاً منافقاً، فالهدف كان مختلفاً في الخطوتين، وكذلك الظرف الوضعي الذي أعيشه كان مختلفاً".
وتوضح محدثتنا:"أنا كإنسانة لا أؤمن بالسلاح والقتل، فالثورة لا تجتمع مع الموت، لأن الثورة حياة، وهي حكماً ضد الموت.
وتستدرك: "ما يجري في سوريا لم يعد ثورة بل حرب، الكل يتحارب مع الكل على كل شيء، ويتم حل كل القضايا والملفات على حسابنا.
وتتابع: "من أجل ذلك تلمست طريقة لإرجاع النكهة السلمية للثورة لأقول إنه ما زال هناك سوريون يحاربون بالسلمية ويؤمنون بها لأنها أصل الثورة وأساسها.
والدكتورة "شهد صالحة"حاصلة على شهادة الدكتوراه مهارات المعلومات وماجستير في أنظمة المعلومات من بريطانيا ودبلوم في علم التواصل الإنساني من جامعة تورنتو والليسانس من جامعة دمشق -قسم المعلوماتية.
فارس الرفاعي- زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية