أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

العقل المدبر لاضطرابات البحرين وشرق السعودية.. دادي الجنرال الإيراني قاتل نخبة ثورة سوريا

استطاع الجنرال دادي اختراق القرار الأمني وكان له دور بارز في إزاحة واعتقال ضباط كبار داخل أجهزة النظام

عملية "مزارع الأمل" التي حصدت "دستة" من العناصر التابعة للاستخبارات الإيرانية وعناصر "حزب الله" اللبناني بينهم قيادات وازنة، شكلت فارقاً على مستوى حرب الاستخبارات في منطقة الشرق الأوسط، إذا ما عرفنا طبيعة وقيمة القتيل الإيراني الأهم منذ بداية الأحداث في سوريا.

يبدو أن صيد إسرائيل الثمين كان يتمثل في مقتل اثنين من القادة البارزين لحزب الله، وهو أمر في إطار المعقول مهما كانت قيمة عناصر الحزب طالما أن لهم نشاطاً تجري متابعته على الأراضي السورية لجهة الحدود مع الجولان المحتل.

بصرف النظر عن أهمية عناصر حزب الله المستهدفين، فالأهم هو طبيعة الشخصية الإيرانية التي سقطت في الضربة وهو الجنرال محمد علي دادي، فمن يكون هذا الرجل، وما تاريخه، ودوره فيما حصل ويحصل في سوريا منذ اندلاع الثورة وحتى ما قبلها.

تبدو المعلومات الأولية عن أن دادي هو ضابط في الحرس الثوري الإيراني في مساره الطبيعي طالما أن العسكر الإيراني منخرط في العمليات على الأرض، لكن المعلومات الأكيدة هي أن الجنرال دادي ليس مجرد قائد تشكيل ميداني بل هو ضابط استخبارات رفيع تولى عددا من العمليات الدقيقة والخطيرة خارج الأراضي الإيرانية.

قامت الاستخبارات الإيرانية بتكليف دادي بعدد من المهمات الخارجية، حيث استطاع الدخول إلى مملكة البحرين باسم مستعار وتولى مهمة تشكيل خلايا قبل فترة من اندلاع الاضطرابات، وصولا إلى إدارة عمل تلك الخلايا خلال أحداث فبراير 2011 وصدامات دوار اللؤلؤة.

في الشهر الأول من عام 2011 تم تسجيل دخول الجنرال دادي إلى سوريا مع شخصيتين يعتقد أنهما مرافقان، وكان يتم التعريف به على أنه مجرد عقيد متقاعد من قوات الحرس الثوري، وتبين أن الرجل كان ينسق عمليات إيران مع "حزب الله"، وأنه مسؤول عن تأسيس "حزب الله" بنسخته البحرينة، كما أنه لعب دوراً في أحداث المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، وكان مسؤولا عن عمليات استخبارات دقيقة واغتيالات وتشكيل ميليشيات داخل الأراضي العراقية.

مع اندلاع الثورة السورية كانت إيران حريصة على العمل باتجاهين، الأول الدخول بشكل مباشر لمعرفة تفاصيل ما يجري على الأرض وحماية مصالحها، والثاني توجيه عمليات الجيش والاستخبارات السورية بحيث تضمن عدم سقوط الأسد مع تعزيز ارتهانه بحماية إيرانية وبالتنسيق مع "حزب الله".

لم تكن بعض أجهزة الاستخبارات السورية تبدي ارتياحاً لطبيعة التحرك الإيراني، وسعيها للمشاركة في القرار، إلا أن تصاعد الأحداث واتساع رقعة ونقاط المظاهرات عزز من هذا التدخل مدعوما بما يسمى "حزب إيران" في القصر الجمهوري وأجهزة المخابرات المتصلة بشكل مباشر مع إيران و"حزب الله".

بعد مرور نحو شهرين على اندلاع الثورة بدا أن دادي فرض نفسه عضواً أساسياً في غرفة عمليات أمنية تفكر في وضع الخطط لقمع المظاهرات، فطرح الأخير عدة أفكار مستفيداً من تجربة "الباسيج" في مواجهة المظاهرات في أعقاب انتخابات الرئاسة في تموز ـيوليو عام 2009، وكان من الأفكار أن يتم استخدام طريقة كسر الأرجل للمتظاهرين ثم اعتقالهم لاحقاً، وكذلك استخدام نوع من السوائل الخاصة التي تترك أثراً على ثياب المتظاهرين واصطيادهم بالقناصات، وجرى استخدام هذا الأسلوب في عدد من المناطق بينها مدينة داريا بريف دمشق، ومع ارتفاع وتيرة المظاهرات وضع دادي مع أجهزة النظام خطة شيطنة الثورة ودس السلاح بيد عناصر غير منضبطة، وإرسال عناصر استخبارات ملثمين لقتل المتظاهرين كما حصل في حيَي القابون وجوبر بدمشق في نيسان ـإبريل 2011، وهي عملية معقدة كان الهدف منها توحيد جهود الأجهزة الأمنية واستبعاد القيادات التي تأخرت في استخدام العنف "العاري" عبر القتل المباشر لنخب الحراك الثوري.

استطاع الجنرال دادي اختراق القرار الأمني وكان له دور بارز في إزاحة واعتقال ضباط كبار داخل أجهزة النظام بضغط من إيران، ويعتقد أن عملية خلية الأزمة صيف 2012 التي أطاحت بضباط كبار جاءت مستندة لتقييم الجنرال دادي لدورهم، حيث كان يزود قيادته في إيران بتقارير عن نشاطات قيادة النظام وأجهزته الأمنية، ووصل الأمر إلى أن أصبح يجتمع بقادة تلك الأجهزة بشكل يومي لتزويدهم بالتعليمات وسبر ميولهم وآليات عملهم، كما برز دوره في ترشيح شخصيات قريبة من إيران لتولي المسؤوليات داخل أجهزة الدولة ومنها تعيين أشخاص في السلك الدبلوماسي من مضموني الولاء لإيران.

وعلى اعتبار أن من مهمات دادي التنسيق لدور "حزب الله" وعملياته في سوريا، فقد عمل الضابط الإيراني مع مجموعات قريبة من التشكيل القديم الذي كان يديره من الجانب السوري العميد محمد سليمان (قتل في شباط ـ فبراير 2008) ومن الجانب اللبناني عماد مغنية قائد عمليات حزب الله (قتل في آب ـ أغسطس 2008) وكلاهما على علاقة بملف النووي السوري الذي قصفته إسرائيل في أيلول ـ سبتمبر 2007، حيث كان مسؤولا عن تنسيق عمليات "حزب الله" في إطارها الاستخباراتي مع جهاد عماد مغنية الذي قتل في نفس عملية "مزارع الأمل".

ويقول متابعون إن الجنرال محمد علي دادي الذي تولى قيادة بعض التشكيلات الميدانية في قوات الحرس الثوري خلال ثمانينيات وتسعينيات القران الماضي وحتى حرب العراق 2003، تحول إلى ضابط استخبارات قاد عمليات في العراق وأسس ميليشيات شيعية، حيث تطورت مهمته في هذا المجال وصولا إلى تكليفه بمهمات إقليمية آخرها في سوريا.

واللافت في عملية تصفية الجنرال الإيراني أنها مبنية على معطيات استخباراتية قد يكون مصدرها عناصر رفيعة من داخل النظام، وهي تقارب عملية اغتيال مغنية الأب والعميد محمد سليمان من حيث الحجم والتفاصيل، ويرجح أن يكون دور "دادي" تطور مع تحولات الوضع في سوريا والحديث عن تشكيل "حزب الله" السوري بعد فشل كل محاولات النظام مدعومة بإيران و"حزب الله" اللبناني في إخماد الثورة السورية، وكذلك الفشل في إقناع المجتمع الدولي سياسياً بأن النظام يبقى بأسوأ الظروف بديلاً موضوعيا عن الإرهاب.

وتبقى نقطة أن يقتل المسؤول الاستخباراتي الإيراني عند حدود الجولان المحتل، ما يفسر المرحلة التي وصلت إليها الاستخبارات الإيرانية بالتعاون مع نظام الأسد لجهة التمدد في منطقة الحدود لإدخال إسرائيل في المعادلة عند اللحظة المناسبة، كما يبقى الإحراج الأكبر هو توقيت مقتل المجموعة بعد ثلاثة أيام من خروج الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله نافياً أي وجود للحزب في الجولان.

علي عيد - زمان الوصل - خاص
(121)    هل أعجبتك المقالة (128)

[email protected]

2015-01-21

... ذهب دون استطلاع او تمويه راح تعملوه سوبرمان؟شوية واقعية.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي