أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بعد عام على "غزوة" مشفى الأطفال.. أمهات على قيد الوجع

أهالي وأصدقاء شهداء المجزرة وناشطون في "وقفة الشموع" بمناسبة ذكراها الأولى

فجر يوم الأربعاء في الثامن من شهر كانون الثاني-يناير من العام الماضي، كانت عشرات الأمهات الحلبيات على موعد مع رصاصات الرحمة التي اخترقت أفئدتهن وأدمت قلوبهن بعد أن شاهدن صور أبنائهن الذين غيبوا قسرياً لأيام طويلة دون أن يعرفوا عنهم أي خبر أو معلومة تجعلهن ينمن قريرات الأعين ليلة واحدة كتلك التي نمن فيها بعد أن اطمأنوا على فلذات أكبادهن وأودعوهم عند أرحم الراحمين.

تلك الرصاصات التي استقرت في رؤوس قرابة الخمسين شابا معظمهم من الناشطين في الثورة سواء في المجال الإعلامي أو الطبي أو العسكري، تجاوزت أسوار مشفى الأطفال في حي قاضي عسكر، وتسللت إلى الشرفات التي كانت تقف عليها أمهاتهم وزوجاتهم منتظرين أحباءهن، لتسكن أفئدتهن وتفطر قلوبهن حزناً عليهم.

في مثل هذا اليوم ولدت من الخاصرة، ولدتني أمي من جديد بعد مخاض عسير استمر 53 يوماً متخمة بالدموع التي بللت وسادتها في كل ليلة نامت فيها قبل أن أكلمها وأطمئنها عني، ومليئة بالخوف على مصيري الذي أواجهه في سجني الرابع، وممزوجة بالذل الذي قاسته على أبواب "أمراء" وغلمان التنظيم خلال رحلتها اليومية في السؤال عني.

أما المغيبون، فأولئك لهم ولأمهاتهم قصص أخرى لم تُطوَ صفحاتها بعد، عبد الوهاب ملا ومؤيد سلوم وحسام نظام الدين وسمر صالح ومحمد العمر وغيرهم الكثيرون الذين لا يزالون مجهولي المصير، ولكل واحد منهم أم .. ثكلى دون قتيل تبكيه وحُبلى بمولود لم يرَ النور بعد، وقد فات ميعاد ولادته لكن إحداهن تأبى أن تصدق أنه لن يأتي وتصلي.. تصلي لكي يبقى على قيد الأمل.

في مثل هذا اليوم رحل التنظيم الأشد بطشاً على حلب من عصابة الأسد عن مدينة حلب، وأخذ معه العشرات من أبناء ثورة حلب الأنقياء، بعضهم أخذ روحه وترك جثمانه مضرجاً بالدماء في ساحة مشفى الأطفال (مقر تنظيم الدولة وسجنه) ومنهم من ساقهم إلى المجهول وأخفاهم حتى اليوم.

سبق كل هذا أربعة أيام صعبة، حين بدأ الثوار حصارهم لمقر التنظيم وبدأت أصوات الرصاص تعلو وتعزف لحن الحرية التي لم ينلها سوى ثمانية أشخاص من الزنزانة التي كنت فيها من أصل ثمان وعشرين شخصا، ومثلهم تقريباً في الزنازين العشر الأخرى، حيث قام التنظيم بإخراج العشرات على دفعات وفرزهم إلى مجموعتين، مجموعة تم تصفيتها على الفور والأخرى تم نقلها إلى سجون أخرى.

حين بدأت المجموعات تخرج وفق قوائم وأسماء ينادي بها سجانو التنظيم كانوا يقسمون لهم بأن المحطة القادمة هي المنزل، بحجة أنهم يريدون أن يواجهوا (الصحوات) وحدهم، وإسلامهم يأمرهم بأن لا يزهقوا أرواحاً بريئة في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، إلا أن الحقيقة كانت أنهم يرغبون بقتل أكبر عدد ممكن منا قبل أن يصل الثوار إلى أسوار السجن الذي باتوا على مقربة كبيرة منها لدرجة أننا كنا نسمع نداءاتهم وهم يطالبون "داعش" بالاستسلام.

اليوم .. تشعل أمهات شهداء مجزرة مشفى الأطفال شموعاً قرب صور أبنائهم، وتطفئ أمي شمعة السنة الأولى من عمري الجديد الذي منحني الله بعد أن أخرجني من السجن، وتشوى قلوب أمهات المغيبين حتى الآن على نار الانتظار، على أمل أن يفرج الله عن أبنائهن الذين طووا سنة وأكثر من عمرهم في الظلام، أو أن يحن قلب أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي ويعفو عنهم احتفالاً بنجاح غزوة (شارلي إيبدو).

أحمد بريمو - زمان الوصل
(96)    هل أعجبتك المقالة (106)

سوري

2015-01-08

الله لايرد كل خائن لوطنه وعرضه وشرفه وبتستاهلو داعش والبرد والصقيع والتشرد واللجوء لأنكم جحدتم نعمة الله عليكم فذوقوا نعمة الحرية من أردوغان والحمدين.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي