لجأت جريدة "النهار" إلى حركة لاتليق بشهرتها ولا بتاريخها الممتد حوالي 8 عقود، عندما استنكفت عن تقديم اعتذار للسوريين، مكتفية بنشر ما سمته "توضيح" تبرر فيه مقالا اعتبره كثير من السوريين "عنصريا" و"مسفا".
وعمدت "النهار" إلى حركة تشبه المثل الشامي القائل "تبويس الأيادي ضحك على اللحى"، معتقدة أنها تستطيع "تطييب" خواطر السوريين والضحك عليهم، بعبارات إنشائية بقيت فارغة من مضمونها.. ببساطة لأن جريدة "الديك" أبقت المقال الذي حاولت تبريره في مكانه، دون أن تعمد لحذفه أو حذف شيء منه، ليبقى السؤال معلقا: ما فائدة ما قدمته "النهار" في توضيحها؟!
واللافت أن "توضيح" الجريدة اللبنانية جاء بعد ما سمته "التعليقات السلبية"، ولولا هذه التعليقات لما كان لأكبر جرائد لبنان أن "تتنازل" للقراء، وتوضح لهم!
فقد قالت النهار بالحرف الواحد: "بعد الاطلاع على عدد من التعليقات السلبية الصادرة عن بعض القراء والمتصفّحين الكرام، والمتعلّقة بالمقال المنشور اليوم في عدد صحيفة "النهار"، تحت عنوان: "الحمرا لم تعد لبنانية..."، والتي تنسُب الى الصحيفة تعمّدها "الاساءة الشخصية والانسانية الى السوريين في لبنان"، يهم إدارة "النهار" أن توضح أن هذا الأمر لا يمكن أن يعبّر عن قيم "النهار"، ولا يعكُس خطها التحريري العام، بأي شكل من الأشكال".
وتابعت: "إن الزميل الذي كتبَ المقال قام بنقل مشاهداته الخاصة، وتصريحات من التقاهم في شارع الحمرا، وإن ضمّنها بعضاً من انطباعاته الشخصية، التي لا تعكُس الخط التحريري العام للصحيفة.
في كل الأحوال، إن أزمة النازحين واللاجئين السوريين هي أزمة إنسانية شديدة ومؤلمة، ناتجة عن الأوضاع المتفاقمة في بلادهم، وهي أكبر وأعمق وأخطر من حصرها في طابع معيّن، داخل شارع معيّن من شوارع بيروت. وباعتراف الجميع، فإنها أزمة انسانية تطال الملايين، جلّهم من الأبرياء والمدنيين العزَّل، في ظروف قاهرة واستثنائية، وتحمل انعكاسات سياسية واقتصادية واجتماعية ومعيشية وغيرها، على كافة دول الجوار، خصوصاً البلدان المحيطة بسوريا، ولبنان من ضمنها".
وختمت دون أدنى كلمة اعتذار: "ولا يسعنا في هذا الإطار إلاّ أن نتمنّى مخلصين أن تنتهي محنة النازحين واللاجئين السوريين، في لبنان وخارجه، كي يتمكّنوا من العودة السريعة والكريمة إلى ديارهم وأهلهم، معزّزين مكرّمين، سالمين وآمنين".
وكانت "النهار" نشرت موضوعا يخلط بين المقال والتقرير، لكاتب يدعى "حسين حزوري"، جزم فيه أن "الحمرا" (الشارع الشهر في بيروت) صارت "سودا"، مفسرا قوله: "...أمست الحمرا في أيدي "الأشقاء" أو "الغرباء" سياحة، عمالة وتسولاً. أتذكرون وتذكرون... الحمرا اليوم تفتقد أهلها. في الحمرا، سياح سوريون يتسيّحون، عمّال يسترزقون وأطفال يتسوّلون، وما بدأ يظهر أخيراً للعيان هو انتشار المطاعم بـ"آرمات" سورية، ويكون موظفوها، من أصغرهم الى أكبرهم، سوريين".
وظهرت نبرة الاستعداء على السوريين، أكثر في لهجة الكاتب الآمرة، حين قال: "ما يجري في الحمرا يستدعي احتواء للوضع من الدولة، وان كان للتوسع السوري ايجابياته، فله أيضا سلبياته.
السوريون باتوا في كل زاوية من زوايا الحمرا، كيفما ادرت وجهك تراهم، أكانوا اغنياء ام فقراء، واللبنانيون يغيبون عن المشهد، فيما الساحة خالية للاجئين السوريين الذين فاض عددهم في لبنان، وبدأت الدولة تفكر جدياً في الحؤول دون تزايد اعدادهم واعادة بعضهم الى بلادهم".
بدورها استقصت "زمان الوصل" عن الكاتب، فتبين أنه حسين نبيل حزوري، وهو صحافي شاب، بل ومبتدئ، حصل قبل أشهر عدة فقط على إجازة في الإعلام من الجامعة البنانية.
ويتحدر حزوري من بلدة "الطيبة" من قرى "جبل عامل" جنوب لبنان، ولايبدو على بشرته أنه "غير أسمر"!


إيثار عبدالحق - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية