أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كبرى تشكيلات الغوطة تتبرأ من "محاربة المفسدين".. وتخوف من محاكاته لمصطلح "مكافحة الإرهاب"

ليست المرة الأولى التي يقع فيها صدام دام بين "جيش الإسلام" و"جيش الأمة"

تتسارع الأحداث في الغوطة الشرقية بعيد الهجوم الذي شنه جيش "الإسلام" على "جيش الأمة" صباح أمس الأحد، مخلفة وراءها سيلا من التحليلات والجدل والتوقعات وحتى الشائعات التي وجدت وسط هذا الزحام بيئة حاضنة لها.

تنطلق عناصر "جيش الاسلام" فجر ذاك اليوم في عملية عسكرية، ليست لضرب مواقع النظام كما جرت العادة، بل ضد "المفسدين"، تحت عنوان "تطهير البلاد من رجس الفساد".

من مدينة "دوما" كانت ساعة الصفر حيث مقرات قيادة "جيش الأمة"، ساعات قليلة ينجلي ظلام الليل، ويسود هدوء حذر شوارع عاصمة الريف الدمشقي، معلنا فيه "جيش الإسلام" القضاء على ماكان يعرف بـ "جيش الأمة"، لتنطلق بعدها ردود أفعال متباينة -غالبها منددة بأي اقتتال داخلي- وتفاصيل كثيرة وتساؤلات قد لايكون لها إجابات.

*للخلاف جذور
ليست المرة الأولى التي يقع فيها صدام دام بين "جيش الإسلام" و"جيش الأمة"، ففي منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي، اندلعت اشتباكات دامية أوقعت قتلى وجرحى بين الطرفين على خلفية رغبة كل طرف بالاستيلاء على المركز الثقافي في "دوما"، ليتطور النزاع إلى مواجهات دامية بينهما، انتهت بنزع فتيل الأزمة عبر لقاء جمع قيادات من الفصيلين.

إلا أن الأمر لايقف عن هذا الحد، فلهذا الحادث خلفيات بدأت مع الإعلان عن تشكيل "جيش الأمة" بقيادة "أحمد طه-أبو صبحي" في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، والذي يضم نحو 10 ألوية وكتائب منها لواء "أسود الغوطة" ولواء"شهداء دوما"، حينها جاء الرد سريعا من قائد "القيادة الموحدة للغوطة" "زهران علوش" بالقول: "لن نسمح أن يكون لجسد واحد رأسين"، في دعوة واضحة لجيش الأمة بالانضواء تحت هذه القيادة، الأمر الذي رفضه الأخير لعدة أسباب وتبريرات كان أساسها الخلاف على موضوع القيادة. 

لتنطلق بعدها حملات من الاتهامات المتبادلة والتخوين بين الطرفين حول عمالة كل منهما للنظام تارة وبالمتاجرة بالمخدرات وبقوت الناس تارة أخرى، عبر صفحات ومواقع إعلاميين ومؤيدين لكل طرف منهما.

*ردود أفعال وبيانات
بعد عملية "تطهير البلاد من رجس الفساد"، نسبت فيها مواقع تابعة لـ"جيش الإسلام" هذا العمل "للقيادة الموحدة" بمظلة قانونية من هيئة القضاء الموحد في الغوطة، ليأتي الرد سريعا على لسان 3 من كبرى تشكيلات الغوطة وهي "حركة أحرار الشام" و"فيلق الرحمن" و"الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، في بيان ينفي بشكل قاطع أي علم مسبق بما قام به "جيش الإسلام"، كما لم يصدر "القضاء الموحد" عبر مواقعه الإعلامية أو المتحدثين باسمه أي بيان يدعم ما ذهب إليه "جيش الإسلام".

وفي ذات السياق تداول ناشطون عبر مواقعهم، بيان قالوا إنه منسوب لـ"الجبهة الجنوبية" يعلن من خلاله الحرب على "جيش الإسلام" عقابا على فعلته ضد "جيش الأمة"، ويضيف البيان بأن فصائل "الجبهة الجنوبية" اتخذت هذا القرار تطبيقا لمعاهدة "الدفاع المشترك" المبرمة في وقت سابق بين فصائلها.

وبالمقابل لم يتبنَّ أحد من فصائل "الجبهة الجنوبية" أو أي جهة معروفة هذا البيان المزعوم، والذي يرى فيه ناشطون مكيدة من قبل النظام، وذلك لأسباب عدة كون "الجبهة الجنوبية" عبارة عن تسمية مجازية تطلق على تشكيلات الجيش الحر في جنوب سوريا وبشكل أساسي في حوران والقنيطرة، وليس لها أي بناء هرمي ولا قائد ولا مكتب إعلامي مخول بالحديث باسمها مجتمعة، فيما تكاد تنعدم تسمية "الجبهة الجنوبية" في الغوطة الشرقية، إضافة إلى أن أيا من "جيش الإسلام" أو "جيش الأمة" ليسا من تشكيلاتها ليتم إصدار هكذا قرار.

*"محاربة المفسدين" بحاجة للتوضيح
لم يقدم حتى الآن "جيش الإسلام" أي سبب واضح لعملية الهجوم على مقرات "جيش الأمة"، مكتفيا قائد التشكيل "زهران علوش"، بتعليل هذه الخطوة بأنها لمحاربة المفسدين دون تفصيل، الأمر الذي أثار استهجانا لدى كثير من المحاصرين في الغوطة، حسب ما أفاد به الناشط الإغاثي "دريد أبو نصر" لـ"زمان الوصل" بأنهم كانوا ينتظرون هكذا حملة لمكافحة "تجار الدم" الذين يحتكرون السلع والمواد الغذائية عن أبناء الغوطة، ولفك الحصار عنهم.

وفيما يبدو تخوفا من قبل قيادات الغوطة الشرقية من مطاطية مصطلح "مكافحة المفسدين"، يظهر ذلك في ردود أفعال هنا وهناك، لعل أبرزها ما قاله قائد "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" "أبو محمد الفاتح" في "تغريدة" على "تويتر" بشكل ساخر بأنه يخشى أن يصبح مصطلح "مكافحة المفسدين" شبيه بالمصطلح الدولي "مكافحة الإرهاب".

*للحصار أولويات
تحجم غالبية القيادات والإعلاميين في الغوطة الشرقية بهذه الظروف عن الإدلاء بالمواقف والتصريحات على العلن؛ نظرا لما يرونه "حساسية الموقف" وخطورته، إلا أن بعض الكلام و منشورات بعض الناشطين والكلام غير المعلن؛ يعكس شيئا من هذه التباينات في المواقف.

فهناك من يرى فيها سعيا من قبل "زهران علوش" للقضاء على معارضيه في الغوطة الشرقية عبر انفراده بالقرار، وبالرغم أن هناك شبه إجماع يندد بسلوكيات "جيش الأمة" "غير الأخلاقية"، حسب وصفهم، إلا أن هناك أولويات تقتضيها ظروف الحصار التي ترزح تحته بلدات الغوطة الشرقية، والتي تجلت في الأسابيع الماضية عبر مظاهرات تدعو "القيادة الموحدة" إلى كسر الحصار المفروض ومحاربة الاحتكار، إضافة إلى الجبهات المشتعلة في الغوطة مثل "حي جوبر" و"زبدين" و"حوش الفارة" وليس آخرها الغارات الجوية اليومية والتي تصاعدت وتيرتها مؤخرا على مناطق الغوطة الشرقية مخلفة في كل يوم شهداء وجرحى.

أبو عبدالله الحوراني - دمشق - زمان الوصل
(124)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي