كحال أي بداية، كانت الأمور بسيطة عندما وضعنا قدمنا على أول طريق اختراق النظام بهياكله وشخوصه المنخرطين حتى النخاع في استباحة سوريا والسوريين.. كان الحصول –يومها- على وثيقة من داخل "النظام-المافيا" غاية، ونشرها إنجازا.
معايير
وعلى رأس المعايير التي اتبعتها "زمان الوصل" لنشر تسريبات النظام، أن تحتوي الوثيقة بيانات تفيد جمهور السوريين –بغض النظر عن كونهم موالين أو معارضين- ممن تعرضوا لجرائم وانتهاكات على يد أجهزة النظام من جيش وأمن وشرطة ودفاع وطني (شبيحة) وجواسيس، بحيث نقدم لهؤلاء الضحايا أجوبة ولو أولية عن أقارب ومعارف غيبهم النظام وأعوانه، قتلا أو اعتقالا أو خطفا، فضلا عن تعريف ذوي الضحايا بأسماء المتورطين المباشرين (ضباط، عناصر...) في مآسايهم، ما يوفر للمنتهكة حقوقهم نوعا من الراحة النفسية، ويفتح لهم باب أمل بمقاضاة أولئك المتورطين ولو بعد حين.

هذا هو القدر الذي نستطيع أن نصرح به حول ملفات الاختراق وطريقة تعاطينا معها، أما الجزء الآخر فيبقى طي الكتمان، حرصا على سلامة المصادر وعلى استدامة توثيق الجرائم ومرتكبيها، وحرصا على كل ضحية سورية تطمح في يوم من الأيام إلى معرفة جلاديها بأسمائهم الصريحة.
طالب ومطلوب
عملت "زمان الوصل" خلال 2014 على 8 ملفات اختراق رئيسة، جاء في مقدمتها ملف المطلوبين للنظام (الموضوعين على قوائم الملاحقة للاعتقال والقتل)، حيث تم نشر أضخم قائمة من نوعها، حوت أسماء حوالي 150 ألف مطلوب، مع "محرك" خاص لتسهيل البحث عن الاسم المستهدف.
وعلى الجانب الآخر، أماطت "زمان الوصل" اللثام عمن يضعون أو يساعدون في قوائم المطلوبين، فكشفت ما يقارب 70 ألف اسم للعاملين ضمن أجهزة المخابرات المختلفة (جوية، أمن دولة...)، بما فيها الهيكيليات الكاملة لبعض الفروع (مهام خاصة، تحقيق..)، مستعرضة أسماء جميع ضباطها وصف ضباطها وعناصرها.
وشملت التسريبات أسماء كامل أعضاء "الدفاع الوطني" في اللاذقية، الذي كان يقوده "هلال الأسد"، وهم يعدون أكثر من 9 آلاف فرد، فضلا عن آلاف أسماء المتعاونين مع الفروع الأمنية والشبيحة.
وشكلت هذه الأسماء قاعدة بيانات فريدة من نوعها بحق "رجال النظام"، كونها وردت ضمن وثائق رسمية صادرة عن النظام نفسه، ما جعلها تحظى باهتمام ومتابعة المنظمات الحقوقية.
وضمن ما يقارب 700 موضوع، بنيت على حوالي 5 آلاف ورقة من الوثائق، تم نشرها في 2014، احتلت تسريبات الداخلية موقعها في قائمة الملفات، لاحتوائها على آلاف الوثائق الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية التابعة للنظام، وقد تم فرز قسم منها ونشره، ولايزال العمل جاريا على فرز القسم الآخر ونشر الأهم منه.
شهادات من الداخل
ومع التنامي المتسارع لدور مليشيات "الشبيحة" في تثبيت دعائم النظام وتنفيذ جرائمه، ركزت "زمان الوصل" في 2014 على "تعرية" هذا الجهاز المرعب في انتهاكاته، وحققت اختراقا نوعيا تجلى في كشف "الوجه الخفي" له، وهو جرائمه بحق الموالين حتى الطائفيين منهم.
فمع ربيع العام الجاري، باشرنا نشر سلسلة من المستندات التي توثق جرائم "شبيحة سلمية" بزعامة "مصيب سلامة" وآخرين، واكتسبت المستندات حساسيتها بوصفها تمثل شهادات من داخل النظام على جرائم "الشبيحة"، حيث جاءت في صور تقارير مخابراتية عن عمليات خطف ونهب وتعذيب وابتزاز وقتل وحرق وقطع أوصال (موثقة بالأسماء) لم يسلم منها حتى المولوان.
وعلى وجه العموم، فقد قدمت الوثائق التي تم عرضها في ملف الشبيحة معلومات استثنائية مدعمة بالأسماء والتواريخ، عن جرائم لايمكن تصورها، لاسيما جريمة الابتزاز والانهتاك الجنسي بحق نساء وأخوات قتلى النظام، والتي كان الحديث عنها أكثر من "تابو" في صفوف الموالين، نظرا لأنها تمس الأعراض، ولأنها –وهذا هو الأهم- تضرب النظام في مقتل، وتسقط عنه هالة حماية الطائفة، التي يلجأ إليها كلما أراد حشد مزيد من أبنائها للموت في سبيله.
ومن النقطة الأخيرة، جاء الاستنفار على أعلى المستويات وبتدخل شخصي من بشار الأسد، لمحاولة "لفلفة" الملف وضمان عدم تسرب المزيد من الوثائق عنه.
وقد قدمت الوثائق -التي نشرت خلال العام الجاري- شهادات مفصلة أدلت بها نساء قريبات من قتلى النظام، حول الاعتداء عليهن أو محاولة ابتزازهن جسديا وماليا، مقابل إدراج أسماء قتلاهن في جداول التعويضات، وسيكون لهذا الملف بقية تقدم شهادات أكثر تفصيلا خلال 2015، مع حفظ الخصوصية الشخصية للضحايا، كما درجت عادة "زمان الوصل".
وأخيرا، فإن التركيز على جانب النظام، لم يحل دون الاهتمام بجانب المعارضة ومؤسستيها الكبريين، وهما "الائتلاف الوطني" و"الحكومة المؤقتة"، وقد لـ"زمان الوصل" قصب السبق في نشر محاضر وتقارير ومستندات تخص هاتين المؤسستين، وما شهدته كواليسهما من تجاذبات خلال 2014.

نائب رئيس التحرير - ايثار عبدالحق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية