أعلنت النتائج الرسمية يوم الاثنين فوز المرشح الباجي قائد السبسي بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس بنسبة 55.68 في المئة مقابل 44.32 في المئة لمنافسه الرئيس الحالي المنصف المرزوقي.
وبذلك تكون تونس قد تجاوزت آخر مراحل الانتقال إلى الديمقراطية بعد ثورة 14/كانون الثاني/2011 التي أطاحت بالديكتاتور زين العابدين بن علي، والتي كانت باكورة ثورات "الربيع العربي".
وسبق النتائج الرسمية إعلان المرشح الرئاسي الباجي قائد السبسي عشية يوم الأحد فوزه بجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التونسية خلال تجمع ضخم نظمه أنصاره أمام مقر حزب "نداء تونس".
ولا يملك الرئيس القادم سوى صلاحيات محدودة فيما يتعلق بالسياسة الدفاعية والخارجية. في حين يملك البرلمان الذي يقوده حزب "نداء تونس" الذي فاز بمعظم المقاعد في تشرين أول-أكتوبر الماضي، السلطة لاختيار رئيس وزراء جديد لقيادة الحكومة.
وأهدى السبسي فوزه عبر وسائل الاعلام إلى شهداء تونس، كما شكر المرزوقي مشيراُ إلى ضرورة أن يعمل الجميع دون إقصاء أحد، غير أن "المرزوقي" رفض مزاعم السبسي بتحقيق الانتصار، قائلاً إنه سيكون الفائز حين تنشر النتائج الرسمية.
وقال "المرزوقي" لأنصاره من شرفة مقر حملته في تونس العاصمة إن تونس فازت والديمقراطية فازت وإنه ينبغي أن يبقى الشعب موحداً.
وحذر المراقبون من هيمنة الحزب الواحد في حالة شبيهة لحكم "بن علي" من خلال سيطرة "نداء تونس" على كل السلطات (التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة)، ما يشكل خطراً على المسار الديمقراطي، ويجعل من إمكانية التطوير والإصلاح السلمي والتدريجي غير واردة في المستقبل.
وفقا لاستمزاج للرأي قامت به "زمان الوصل"، يرى أنصار "السبسي" في رئيسهم المنتخب امتداداً لحكم "بورقيبة" وليس عودة لنظام "بن علي"، فهو قادر على عبور الأزمات الاقتصادية والأمنية التي تعصف بسفينة الحراك الديمقراطي.
وحيد مراد، 19 سنة، طالب ثانوية عامة، قال لـ"زمان الوصل" إنه يريد عودة أيام بورقيبة، وليس هناك أفضل من السبسي وحزبه "نداء تونس"، مضيفاً، "السبسي رجل يحافظ على كلمته إذا وعد ويستطيع بناء علاقات دولية ناجحة".
ويرفض السبسي، الذي تولى رئاسة البرلمان في عهد "بن علي" وحقيبة الداخلية في عهد بورقيبة، ما يقوله منتقدون من أن فوزه سيمثل عودة لرجال النظام القديم. ويقول إنه الرجل الخبير الذي تحتاجه تونس بعد ثلاث سنوات اتسمت بالاضطراب في ظل حكومة ائتلافية قادها حزب "حركة النهضة" الإسلامي.
وكانت نتائج الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية في 23 تشرين ثاني-نوفمبر الماضي قد أعطت السبسي تفوقاً على منافسه المرزوقي بست نقاط (39.46% سبسي، 33.43% المرزوقي)، لم يستطع من خلالها حسم الجولة الأولى لتحدد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات موعدا لجولة الإعادة اليوم الأحد.
*مخاطر التشكيك
وانتقدت جمعيات المجتمع المدني قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منع مراقبي المجتمع المدني من التواجد بساحات مراكز الاقتراع، واعتبرته قرارا خطيرا.
واعتبرت ليلى الشرايبي عضو الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" ، قرار الهيئة قراراً خطيراً.
وأوضحت الشرايبي أن هذا القرار يمكن أن يفقد الانتخابات نزاهتها وشفافيتها ومصداقيتها. مشددة على تمسك الجمعية بحقها في أداء واجبها الوطني المتعلق بملاحظة الانتخابات بكامل مواقع العملية الانتخابية.
وحمّلت الشرايبي هيئة الانتخابات المسؤولية عن كل ما يمكن أن ينجر عن "هذا القرار الإقصائي للمجتمع المدني من تشكيك في العملية الانتخابية برمتها"، خاصة مع وجود عدد من الخروقات تتمثل في الدعاية لأحد المترشحين في جندوبة وعدم إزالة اللافتات الانتخابية في ولاية نابل ومحاولة التأثير على ناخب في القصرين وعدم تحبير الإصبع في مدرسة الصادقية بتونس العاصمة، وفقا لشبكة "تونس الآن".
*تهنئة النهضة
ويربط الكثير من التونسيين فترة رئاسة المرزوقي بحكومة "حركة النهضة" التي يقول معارضون إنها كانت متراخية أكثر من اللازم مع الإسلاميين المتشددين.
وبالرغم من ذلك، أشاد الشيخ راشد الغنوشي رئيس "حركة النهضة" بالنتائج الأولية للانتخابات قائلاً: "شعلة الثورة انطلقت من تونس، وانتقلت لدول أخرى وتعترث، ولكننا استطعنا أن نحافظ على تلك الشعلة.
وأضاف الغنوشي: "نهنئ أنفسنا ونهنئ الشعب التونسى والمتنافسين على هذه الملحمة.. استطعنا أن نحقق تداولا سلميا للسطلة، وكانت حركة لنهضة من قادت ذلك التداول..سنهنئ الفائز والذى ستعلن عنه الهيئة الوطنية المستقلة".
وبعد إقرار دستور تقدمي جديد وانتخاب برلمان كامل في تشرين أول- أكتوبر أشيد بتونس بوصفها مثالاً للتغيير الديمقراطي في منطقة مازالت تواجه آثار ثورات الربيع العربي في 2011.
وشهدت الساعات الأولى قبيل الاستحقاق الرئاسي توترات أمنية؛ حيث أعلنت وزارة الدفاع التونسية، أمس، مقتل مسلح واعتقال ثلاثة آخرين أثناء محاولتهم الهجوم على مدرسة تحوي مواد انتخابية في إحدى قرى ولاية القيراوان.
كما أعلنت السبت عن تعرض أحد الجنود لطلق ناري من سيارة عابرة أمام مدرسة في قرية "حفوز" ما أدى إلى اصابته بجروح طفيف.
ودعا جهاديون تونسيون في شريط فيديو نشر الخميس الماضي على الإنترنت إلى مقاطعة الانتخابات قائلين إنها "كفر". كما هددوا الشعب التونسي بأنه لن يعيش باطمئنان "مادامت تونس لم يحكمها الإسلام".
محمد حمدان - تونس - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية