يستمر النظام في إطباق حصاره على بلدات جنوب العاصمة، مستهدفا في ذلك لقمة المحاصرين، التي كانت ولا تزال الهدف من حربه، وفي غمرة الجوع وقلة الموارد يجد كل ذي حاجة مخرجا، عسى أن تكون بديلا يسد من خلالها رمق ذويه الجوعى.
في حي التضامن الدمشقي حيث تنعدم المساحات الزراعية، يجد "أبو خليل" في استثمار "حارته" -المهجورة من سكانها بسبب الحرب والتي لم يبق فيها سواه- وسيلة لسد رمق أسرته.
فمن خلال حرث شارع بيته وبذره، تمكن هذا الرجل الخمسيني من ابتكار الحل، فالزراعة لم تعد حكرا على أرباب هذه المهنة كما كان شائعا.
يقول" أبو خليل" لـ "زمان الوصل" إنه اضطر لهذا العمل بعد توقف كل مصادر الدخل لديه، فهو لا يريد تكرار مأساة الشتاء الماضي، وما حصل لطفلته من أمراض ناجمة عن سوء التغذية.
ويردف قائلا إنه تمكن بجهده الذاتي من زراعة حارته الضيقة التي لا تتجاوز 100 متر مربع، من خلال زراعة أنواع من المحاصيل سريعة الإنبات مثل (البقدونس و الكزبرة والخس والباذنجان) وغيرها من الخضروات التي لا تحتاج جهدا كبيرا.
ورغم ما يعانيه "أبو خليل" أثناء تأمين المياه اللازمة لري محاصيل "بستانه" الصغير، إلا أنها تبقى تجربة يفتخر بها –على حد وصفه- كونه وجد عملا يؤمن من خلاله قوت عائلته.

*زراعة الأسطح
تضيق المساحة الزراعية في جنوب العاصمة، لكن أعوام الحصار تمكنت من ترويض النفوس والعقول على الابتكار.
ليست الأرض فقط هي ما يمكن زراعتها، في مدينة "الحجر الأسود" ذات الكثافة العمرانية، فقد ابتكر قاطنوها سبيلا للتغلب على هذا الأمر، عبر زراعة أسطح المباني، والتي قد تحمل مشقة أكبر من سابقتها.
يقول "أبو حسين" من سكان "الحجر الأسود" لـ"زمان الوصل"-وكان من السباقين لهذا النوع من الزراعة- إنه اضطر لتحمل عناء هذا العمل، عبر شهور من نقل التراب والماء بشكل يدوي إلى سطح منزله، ليحقق نوعا من الاكتفاء الذاتي له ولأسرته في زراعة سطح منزله، فالمساحة هنا ضيقة جدا، لكنها قد تغني بعض الشيء خاصة أن محاصيلها للاستهلاك المنزلي وليست للتجارة.
يقول "أبو حسين" إنه لم يمتلك في حياته أي قطعة أرض، ولم يزاول الزراعة قط، إلا أن الحصار أجبره على تعلم هذه المهنة، لكنها –رغم مشقتها- تبقى وسيلة فعالة للتخفيف من معاناة الحصار.
أبو عبد الله الحوراني -دمشق -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية