أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الخيار الفلسطيني... والخيار الأردني... حسن بلال التل

الخيار الفلسطيني... والخيار الأردني...

حسن بلال التل

منذ أن أطلق مساعد ماكين المرشح الجمهوري لانتخابات البيت الأبيض تصريحه المشؤوم بأن ماكين يتبنى ما يعرف بالخيار الأردني والذي في أبسط صوره يقتضي توطين اللاجئين والنازحين الفلسطينيين في الأردن وتجنيسهم ويصل في السيناريو الذي يتبناه ماكين إلى حدود إزالة الدولة الأردنية كما نعرفها والإتيان بدولة فلسطينية جديدة مكانها، منذ لحظته والكل ينفخ في قربة من إحدى ثلاث: إما مهاجمة ماكين، أو الدفاع عن الكيان الأردني وتبرير وجوده، أو نفي قبول الفلسطينيين بهذا الخيار، لكن أحداً لم يتكلم في مسألة أن دعوا ماكين يقول ما يقول، ولولا العيب لقلت ( ط... فيه) دعوه يبعبع كيف شاء فلا هو ولا ألف مثله يمكنهم أن يغيروا في الأردن مقدار شعرة؛ فماكين الذي ناهز الثانية والسبعين والكثيرون يشككون في قدرته على إتمام ولو دورة رئاسية واحدة، حتى لو نجح لن يمكنه بجرة قلم أو تصريح على لسانه أو لسان أحد مستشاريه أن يلغي تراثاً وتاريخاً أردنياً حديثاً قارب على القرن من الزمن، كما لن يمحو نضالاً فلسطينياً جاوز الستين عاماً من الدم...
إذن فلم نهاجم ماكين الذي تقف في وجهه العديد من آلات الإعلام في بلده، خصوصاً في هذه المرحلة التي لن يعير خلالها أي انتباه لأي إعلام آخر ليس بقادر على التأثير في حملته الانتخابية إلى درجة أن مساعديه لم يكلفوا أنفسهم نفي هذه التصريحات إلا بعد أن اتصلت بهم السفارة الأردنية في واشنطن، هذا عدا عن أن الكثيرين يشككون في أنهم اعتذروا أو نفوا فعلاً؟؟؟.
ولم ندافع عن الكيان الأردني ونبرر وجوده؟؟، فنحن موجودون وبإذن الله باقون شاء من شاء وأبى من أبى فنحن الأردن منذ أن جندها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماها جند الأردن قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام، أما الولايات المتحدة الأمريكية، فهي الكيان الطارئ على هذا العالم ودولتها التي بالكاد قاربت المئتي عام من الوجود، هي التي يمكن أن تزول في أي لحظة، أما نحن فباقون، باقون بتراث عربي عمره يزيد على أربعة آلاف عام وتاريخ إسلامي قارب على ألف وخمسمائة عام، ونضال وثورة شعب زادت على المئتي عام، ودولة دستورية قانونية قاربت على المئة عام، فيما أمريكا ذاتها بالكاد مضى على اكتشافها 500 عام ودولتها بالكاد ناهزت القرنين، أما ماكين فهو ليس إلا مرشح لرئاسة هذه الدولة قد ينجح وقد يفشل، وإن نجح فقد يحكم أربع سنوات وغالباً لن يتمها بعدها سيطويه النسيان، كما طوى عشرات من قبله، أما نحن أردن وأردنيون فباقون ما بقيت الدنيا إن شاء الله.
أما القول أن الفلسطينين يرفضون هذا الخيار، فهذا أمر طبيعي فمن قضى 60 عاماً في سبيل استعادة أرضه لن يفرط بها بسبب بضع كلمات من مستشار لمرشح لرئاسة دولة في أقصى أصقاع الأرض، وحتى إن كان هناك من فلسطينيي الداخل والشتات شرذمة قد يعجبها هذا الكلام وقد تأخذ به أو حتى تعمل من أجله، فليعلموا أن أمرهم إلى زوال فإن لم تطلهم أيدي شرفاء الفلسطينيين، فلن يكونوا ببعيدين على أيدي الأردنيين وشرفاء العرب الذين يرفضون التفريط بشبر من تراب فلسطين أو أن يضعوا قضيتها في مأزق جديد قد تستغله إسرائيل إن وجدت أن بعض الخونة والرعاع ممن يدعون أنهم فلسطينيون يرحبون بهذا الخيار أو يدعون له.
إذن، فنحن باقون أردن الأردنيين ليس أردنيي الأصل أو الجنسية، فالأردن كان دوماً أرضاً لكل العرب لكن أردنيو الخيار الأردني، خيار النضال والدفاع والتمسك بالحق إلى جانب كل قضايا الأمة، ليس فقط من المحيط إلى الخليج بل من أقاصي الهند والصين إلى أطراف أخر أرض فيها عربي أو مسلم.
والفلسطينيون باقون وأيضاً ليس فقط من لا يزال متمسكاً بأرضه أو جنسيته منهم، بل كل من اختار الخيار الفلسطيني خيار الثبات على الأرض والعهد ومفتاح الدار وصورة الأب والجد يستند إلى زيتونته العتيقة...
أما أمريكا، فهي إمبراطورية شر إن صمدت يوماً فستنهار غداً وماكين ما هو إلا عجوز خرف غرته هالة الإعلام وأصبح إثبات أنه حي وموجود هو هاجسه الوحيد، ولو أعمل ماكين عقله للحظة لوجد أن ما قاله هو أول عدو له، فلو كان من مكان حقيقي للخيار، لكان الخيار الفلسطيني في إسرائيل أوليس يعلم أن عدد الفلسطينيين داخل فلسطين الطبيعية أكبر من عدد اليهود؟؟؟...
سيد ماكين، ليس نحن من نخشى الخيار، فخيارنا معروف لم يتغير، لكن اخش أنت عندما تختار آراءك وأفكارك وسياساتك ومستشاريك فإن كنت تسعى لتحكم واشنطن فلن نسمح لك أن تحكم عمان وإن كان دونها دم كل من سكنها..

(101)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي