كشفت الأيام الأخيرة عن تهتك واضح في جدار تحالف النظام مع إيران على المستوى المليشاوي، حيث اتهمت مجموعة من المرتزقة الإيرانيين الموجودين في سوريا ببث إشاعة استفاد منها "الثوار" في مهاجمة إحدى النقاط الحيوية بريف حماة.
ففيما كان قائد مليشيا "المقاومة العقائدية" في الريف الحموي يهم بجلب تعزيزات إلى جبهة "الزلاقيات"، قام مجموعة من المرتزقة الإيرانيين الناشطين في تلك المنطقة بنشر إشاعة تفيد بانسحاب هذه المليشيا من الموقع، وأنهم سيأمنون –أي المرتزقة الإيرانيون- بديلا لهذه المليشيا لترابط على الجبهة.
ويبدو أن الإشاعة أعطت مفعولها ونقلت إلى "الثوار" صورة عن التخبط والتنازع الحاصل بين مرتزقة الداخل والخارج، فما كان من الكتائب الثورية إلا أن هاجمت حاجز وقرية الزلاقيات وقضت على ما يقارب 20 عنصرا هناك.
هجوم "الثوار" لم يلحق بالنظام وحليفه خسائر في الأرواح فقط، بل ألحق هزيمة معنوية كبيرة بهم، حيث زاد الهجوم من توقد الشكوك بين الطرفين، التي تحولت لدى مرتزقة النظام إلى يقين بتورط الإيرانيين (يسمونهم الحجاج!) في مقتلة الزلاقيات، من خلال بث إشاعة انسحاب "المقاومة العقائدية" رغم أنها لم تنسحب، كنوع من تصفية الحسابات بين "الحجاج" و"يوسف شاهين" قائد مليشيا "المقاومة العقائدية"، الملقب "أبو حيدر".
فمع توسع نطاق الحرب وتكاثر المليشيات الداخلية والخارجية، بات القائد الميداني أشبه بحاكم مطلق للمنطقة التي يسيطر عليها، يفعل ببشرها وبيوتها ومحلاتها ومزارعها ما يشاء، دون أن يخشى مساءلة أو يفكر بمحاسبة، ومن هنا أصبح النزاع على سيادة الموقف، نزاعا على كل تلك "المكتسبات" وليس مجرد صراع على فرض الهيبة فقط.
ويبدو أن أوساط مناصري النظام لم تعد تخفي امتعاضها من هذا النزاع، الذي سيحول الموالين إلى "عبيد" في المزرعة الإيرانية، بعد أن كانوا –أي الموالين- "أسيادا" في المزرعة الأسدية، فيما لسان حالهم يقول إن كانت سوريا ستنهب فلنكن نحن ناهبوها وليس "الغرباء"، في إشارة إلى المرتزقة الإيرانيين.

وليس هذا فقط، بل إن مرتزقة النظام وجنوده باتوا أكثر شعورا بوطأة النظرة الشعوبية لدى "الحجاج"، التي تحتقر العنصر العربي، أيا يكن ولاؤه وانتماؤه، وتراه شخصا من الدرجة الثانية أو الثالثة، مقارنة بالعنصر الفارسي "المتميز"، وهذه نقطة أثارت وما زالت حفيظة عناصر وضباط كثر في جيش النظام، ليس من باب الحمية لـ"السيادة الوطنية" بقدر ما كانت تعبيرا منهم عن رفض استبدال "السيد المحلي" بآخر من الخارج.
وهذا "المندوب السامي" نفسه، طالب مسبقا بإخلاء جميع عناصر مليشيا "المقاومة العقائدية" من ريف حماة، بعد أن تكبد فيها خسائر فادحة، منطلقا في مطالبته من منطق "الممول دائما على حق"، وإلا فسيتم قطع الرواتب والطعام عن المليشيا.
واللافت للنظر في قصة التنازع السوري الأسدي، أن "المقاومة العقائدية" هي فرع "مليشيا "حزب الله" في سوريا، وهي مشروع إيراني بحت بتمويله وتدريبه وتسليحه، فقط عناصرها من داخل سوريا، ومن بيئة معينة تلبي "المواصفات" الإيرانية.. ما يطرح سؤالا عميقا مفاده: إذا كان تعامل طهران مع مرتزقتها الذين دربتهم وسلحتهم وانتقتهم بمنهتى الدقة بهذا المستوى من الدونية والابتزاز، فبأي مستوى يمكن أن تنظر لغيرهم من موالي النظام؟!
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية