لليوم الخامس على التوالي يستمر اليوم (الأحد) الاعتصام الذي ينفذه أكثر من مائتي لاجىء سوري ممن تقطّعت بهم السبل، ومُنعوا من مغادرة اليونان، ويأتي هذا الاعتصام السلمي في ساحة "السانتغما"مقابل البرلمان اليوناني (وسط أثينا) احتجاجاً على الأوضاع الصعبة لهؤلاء اللاجئين التي لا تنفصل عن أوضاع اليونانيين عموماً.
وأفاد الناشط الإعلامي "مصطفى الشيحاوي" الذي يشارك في الاعتصام منذ بدايته لـ"زمان الوصل" بأن الاعتصام جاء بدعوة من عدة أشخاص تحت مطلب أساسي من الحكومة اليونانية لإيجاد حل لوضع السوريين العالقين، والذين يُقدّر عددهم -حسب إحصائيات غير رسمية- أكثر من 35 ألف شخص.
وقال الشيحاوي إن عددا كبيرا من السوريين بينهم أسر كاملة لبوا الدعوة، مضيفاً أن "العدد مرشح للازدياد وربما يبلغ أكثر من 200 شخص حسب ساعات النهار".
وأشار الناشط الشيحاوي إلى أن "استمرار الاعتصام جاء ليؤكد مطلب المعتصمين المحق بإيجاد حل لمشكلتهم، ولذلك يفترشون الأرض ليلاً ونهاراً، والكثير منهم ينامون في الساحة".
ومن جانب آخر أكد الناشط الشيحاوي في حديثه لـ"زمان الوصل" أن"السلطات اليونانية تعاملت مع هذا الاعتصام بروح إيجابية، ولا سيما أنه يُقام مقابل البرلمان اليوناني، مما دفع معاون وزير الداخلية وعدد من الشخصيات البرلمانية للقاء المعتصمين، وطلبوا منهم تشكيل لجنة لمقابلتهم، وتقديم طلبات المعتصمين في اليوم الثاني من الاعتصام".
وأضاف الشيحاوي أن "الاعتصام يكتسب أهميته بالنسبة للمسؤولين اليونان من مكانه في منطقة حيوية مدنياً وسياحياً بحكم قربها أيضاً من "الاكروبول" الشهير وهو المنطقة الأثرية الأساسية في أثينا، ولم يكن من السهل تجاهل هذا الحراك وخاصة أن المعتصمين يُعدون بالآلاف". وفيما إذا كان الاعتصام صامتاً أم تم ترديد شعارات ومطالبات أوضح الشيحاوي أن المعتصمين جلسوا على الأرض ورفعوا لافتات طولية باللغات العربية واليونانية والإنكليزية، وبوالين للأطفال، وفي المساء تم إشعال الشموع.
ويضيف:"عندما سألت المنظمين عن هذا الأمر أكدوا أن قرارهم بجعل الهدف من الاعتصام فقط لإيصال رسائل إلى الحكومة ودول الاتحاد الأوربي حول مطالبهم، دون إحداث بلبلة أو فوضى كما يجري عادة في مثل هذه الاعتصامات".
ويردف الناشط: "في اليوم الثاني للاعتصام أتى عازف "كيتار" سوري، وقام المعتصمون بترديد أغانٍ، كي يعطوا وجهاً مدنياً وحضارياً للتجمع".
ويؤكد الناشط الشيحاوي أن "منظمي الاعتصام قاموا بتشكيل لجنة انضباط كي تدير العملية وكي يظل الوضع باتجاهه الصحيح بما فيه جانب النظافة.".
وأوضح مراسل إذاعة "ألوان" أن المعتصمين هم أنفسهم العالقون في اليونان بمن فيهم إدارة الاعتصام، "وهم من تعرض للابتزاز المادي، ووقعوا تحت رحمة المهربين الذين لم يرحموا أوضاعهم الإنسانية ونفاذ مدخراتهم"، و"لكل واحد من المعتصمين قصة ومشكلة تتقاطع وتختلف عن غيره".
وأضاف أن الاعتصام ليس تابعاً لأي منظمة في اليونان كما جرت العادة.
ولفت الناشط الشيحاوي إلى أن "غلاء أجور السكن الذي أوجد تجاراً لهذا الموضوع من المهربين أنفسهم دفع باللاجئين السوريين في اليونان للتفكير بالهجرة ثانية إلى دول تضمن حقوقهم وحقوق أطفالهم بحياة مستقرة.
وشرح محدثنا أن وضع اللاجئين العالقين في اليونان سيئة للغاية فـ"اليونان بلد منهار اقتصادياً، ملمحا إلى أن "اليونانيين أنفسهم يعيشون في حالة صعبة من الفقر والتقشف ومن الطبيعي أن لا يؤمنوا للاجئين أي شيء من حقوقهم.
وبالتالي فأوضاع اللاجئين هي صورة عن وضع اليونان بدءاً من الطفل الصغير الذي بحاجة للرعاية بكل المواصفات إلى الكبير الذي لا يقوى على العمل، كلهم خرجوا بحثاً عمن من يحترم حقوقهم".
وحول أسباب منع اليونان لخروج اللاجئين العالقين لديها يوضح الناشط "مصطفى الشيحاوي" أن "اليونان كحكومة لا تقدم على أمر غير قانوني، وهو غير قانوني بنظر الاتحاد الأوروبي، وهذا الأمر أولاً وأخيراً قرار أوروبي".
ويضيف محدثنا أن "هناك أيضاً خبراء ألمان يديرون العملية في اليونان بالإضافة لليونانيين للحد من تدفق المهاجرين إلى العمق الأوروبي، ولكن اليونان أحياناً تترك بعض الثغرات لترتاح من ضغط وجود اللاجئين".
ونقل الناشط الشيحاوي أن"المعتصمين السوريين قدموا شكلاً راقياً على التضامن والتعاون والاحترام والانضباط من أجل إنجاح هذا الاعتصام كباراً وصغاراً على حد سواء"، ومن أشكال التعاون خلال الاعتصام – كما يؤكد الشيحاوي- "الاهتمام بالأغطية وتوزيع الماء والفواكه التي كانوا يشترونها بأنفسهم، مما دفع الكثير من محطات التلفزة الأوروبية لتغطية الحدث إلى جانب حضور أحد الأحزاب اليسارية التي لها مقاعد في البرلمان اليوناني للوقوف وقفة تضامنية معهم".وبحسب الناشط الشيحاوي، فقد قدم المعتصمون مطالبهم، ووافقت الحكومة على منحهم حق اللجوء هنا في اليونان ولكنها "منقوصة الحقوق" بحكم الوضع الاقتصادي، وعندما سأل ممثلو المعتصمين عن إمكانية منحهم حق اللجوء من دول أخرى، قالت الحكومة لا ضمانات بهذا الشكل". وأضاف الشيحاوي: "بحكم إقامتي في السويد سألت أحد المسؤولين عن الهجرة: هل تعيد السويد من يقدم لجوءا وهو لديه لجوء باليونان؟ فكان الجواب بأنها تعيد السوريين في هذه الحالة إلى اليونان".
فارس الرفاعي- زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية