لم يجد الباجي قائد السبسي، المرشح للفوز بالجولة الأولى للانتخابات الرئاسية التونسية يوم الأحد، من ردّ على سؤال "زمان الوصل" إذا ما كان هو الرئيس المقبل لتونس أم لا، سوى بابتسامة تدل على الثقة، وبآية من القرآن الكريم "وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا."
السياسي المخضرم، بعمر يقترب من التسعين، بات يوقن بأن أياماً قليلةً فقط تفصله عن قصر قرطاج، رغم المنافسة التي تبدو شرسة مع الرئيس التونسي المؤقت، منصف المرزوقي، الذي رفع شعار "ننتصر أو ننتصر"، رغم فشله في الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي وحصوله على على ثلاثة مقاعد، فضلاً عن السخط الشعبي بين الأوساط والنخب العلمانية والمجتمع المدني وأنصار النظام السابق.
وفي هذا الوقت، يحاول السبسي تقديم نفسه على أنه رجل دولة لديه ما يكفي من الخبرة لإصلاح المشاكل ووقف الاضطراب وإنهاء الانتقال الديمقراطي بنجاح، وهذا ما أثمر عن اكتساح حزبه "نداء تونس" لأغلبية مقاعد البرلمان بعدد 86 مقعدا متقدماً على خصمه الإسلامي "حركة النهضة" التي فازت بـ 69 مقعداُ في 23 تشرين الأول-أكتوبر الماضي.
وتستعد الشوارع التونسية لثالث انتخابات حرة منذ 14 كانون ثاني-يناير/ 2011، بآلاف الأعلام الوطنية الحمراء المزينة بهلال ونجمة تعود للإرث العثماني؛ حيث يبدو شارع الحبيب بورقيبة أكثر رونقا وشموخاً استعداداً للعرس الديمقراطي، مزداناً بصور المرشحين بعد أن كانت شوارع تونس كافة مليئة بصور زين العابدين بن علي لا غير ولأكثر من عقدين من الزمن.
ويعول التونسيون "البورقيبيون" كما يلقبون أنفسهم على "السبسي" للحفاظ على إرث الحريات الذي تركه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، والذي يصفه أنصاره بـ"أتاتورك تونس".
ووفق استمزاج للرأي أجرته "زمان الوصل"، أجمع الكثير من الآراء على رفض عودة تونس لحقبة "بن علي"، وعدم استحضار سياسات النظام في القمع وتعزيز "الدولة البوليسية".
وفي نفس الوقت يرى الكثير من الشباب بين (18-25) بأن تونس لا يمكن أن تكون "دولة إسلامية إخوانية" في إشارة إلى "حركة النهضة" التي هيمنت على الحياة السياسية منذ نحو أربع سنوات عقب ثورة.
وعلى الرغم من قول الشيخ راشد الغنوشي لـ"زمان الوصل"، عقب هزيمته معركة الانتخابات التشريعية بأن "تونس ربحت" غير أن منافسي ومناوئي الحزب الإسلامي اعتبروا الهزيمة رد فعل قويا على أداء حكومة الترويكا التي قادتها النهضة ومن كان لها من انعكاسات على الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي.
وحتى عشية الانتخابات لم تدعم "النهضة" مرشحاً بعينه، وإن كان شباب "حركة النهضة"، وهم تيار قوي، طالبوا بدعم المرزوقي كي لا تفشل الثورة، لاسيما وهم يعتبرون أن السبسي رمز للنظام السابق، وهو من أشرف في يوم من الأيام على التعذيب في وزارة الداخلية حين كان وزيراً.
وينافس المرزوقي والسبسي أربعة مرشحين آخرين هم حمة الهمامي (63 عاما) زعيم الجبهة الشعبية وهو مناضل اشتراكي كان مسجونا وتعرض للتعذيب في عهد بن علي.
الهمامي الذي صعدت أسهمه بشكل كبير يريد الاستفادة من المصداقية والتعاطف اللذين تحظى بهما الجبهة الشعبية التي حصلت على 16 مقعدا في البرلمان.
والمرشح الرابع كمال مرجان (67 عاما) هو آخر وزير خارجية لبن علي وشغل ايضا منصب وزير الدفاع مع بن علي. مرجان هو المسؤول الوحيد في النظام السابق الذيي اعتذر عن ممارسات هذا النظام.
أما خامس المرشحين فهي كلثوم كنو (52 عاما) قاضية وهي أول امرأة تترشح لانتخابات الرئاسة في تونس.
تقول كنو إنها واثقة من الفوز رغم أنها تواجه منافسين مخضرمين مثل السبسي والمرزوقي وتقول إنها ستدافع عن قيم الحداثة ودعم حقوق المرأة.
والمرشح السادس نجيب الشابي (70 عاما) هو معارض شرس لبن علي. انسحب الشابي من ائتلاف علماني يضم "نداء تونس" وقال إن الأخير يسعى للسيطرة على باقي الأحزاب.
الشابي يريد الاستفادة من تاريخه النضالي للوصول إلى قرطاج، وسبق أن شغل منصب وزير التنمية الجهوية في أول حكومة بعد الثورة في 2011.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية