أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لغة «حزب الله» ... داود الشريان

من الصعب قبول اعتذار «حزب الله» عن شتائم الوزير السابق وئام وهاب الذي ظهر على قناة «المنار» وتهجم على السعودية، بالقول إن وهاب «يتحدث باسمه الشخصي ولا يعبّر عن موقف الحزب»، فوهاب ليس له سوى هذه الوظيفة على القنوات الفضائية وأولها «المنار»، فضلاً عن أن قناة «المنار» محطة رسمية، تعبر عن سياسة الحزب، وعلى فرضية أن تصديق هذا الاعتذار الذي أصبح جزءاً من حالة التكاذب المسكوت عنه في وسائل الإعلام العربية، كيف يمكن الاعتذار عن الهجوم الذي شنه مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي على السعودية من دون أن يسميها؟

إن لغة الشتائم التي لا تليق بالسياسيين والإعلاميين، فضلاً عن من يدعي «الجهاد» و «المقاومة». ليست هذه هي المشكلة، فنحن في العالم العربي لا نجيد من لغة الاختلاف إلا الشتائم، وتاريخنا السياسي والإعلامي يشهد لنا ببلاغة لا نحسد عليها في التفنن بلغة الإسفاف والردح، لكن المشكلة مع «حزب الله» أنه تنازل عن وقاره وترفعه عن الخوض في المهاترات، في شكل أسرع مما كنا نتصور، فاستبدال التهديد والتخوين باللغة السياسية وتقاليد الاختلاف السياسي والحوار، والأهم أن هذه اللغة دليل على أن الحزب بات يعاني من غياب أو ضبابية في رؤية مستقبله في لبنان، فتبدل الأوضاع الإقليمية على هذا النحو المتسارع والغامض، وتغيير دمشق لأساليبها التقليدية في التعامل مع الأزمة اللبنانية والمشكلة الفلسطينية، وتخليها عن حزمة التبريرات التي سهلت لـ «حزب الله» بناء ترسانته العسكرية، دفعت الحزب إلى اللجوء للعنف اللفظي الذي ينم عن حيرة وقلق وغياب الرؤية السياسية في التعامل مع الوضع الجديد، وإن شئت الدور الجديد.

إن إعلان «حزب الله» أن اتفاق الدوحة «اتفاق الحد الأدنى بالنسبة إلينا»، و «أننا لن نسمح ببناء جسم أمني أو عسكري في لبنان»، إشارات لا تحتاج إلى دليل على أنه يتصرف بطريقة تشير إلى أن لديه تفسيره الخاص لاتفاق الدوحة.

فهو اعتبر الاتفاق انتصاراً بالمعنى العسكري، وتفويضاً للاستمرار في التمسك بمنطق القوة والهيمنة، وهذا الفهم لا يتفق مع التوجهات السورية الجديدة، ولأنه كذلك، فإن تصرفات «حزب الله» الراهنة تؤكد أن لبنان مقبل على وضع لا مجال فيه للحلول السياسية، فالحزب «المقاوم» بدأ يدق طبول الحرب من جديد، ولكن في الداخل هذه المرة.

(104)    هل أعجبتك المقالة (101)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي