"بيت الرقة" في "أورفة" التركية.. من مأوى إلى حاضنة ثقافية واجتماعية للناشطين

في منطقة "صرين" بمدينة "أورفة" التركية يقع مبنى "بيت الرقة" الذي أسسه عدد من ناشطي محافظة الرقة منتصف تشرين الثاني عام 2013 ليكون حاضنة ثقافية واجتماعية للناشطين والهيئات الاجتماعية في الداخل والخارج، بمختلف انتماءاتهم العرقية والدينية، وتهدف فكرة المشروع إلى تأهيل الكوادر الشبابية القادرة على المشاركة في بناء سوريا حديثة ديمقراطية والمؤهلة فكرياً وإدارياً. والتواصل والتعامل مع جميع الهيئات والمنظمات الحكومية، وغير الحكومية، في الداخل والخارج للتوافق على رؤية واحدة وهدف واحد، وتمكين الشباب السوري من القيادة وإدارة المجتمع المدني والمؤسسات الخدمية، إضافة إلى تفعيل دور المرأة في المجتمع وتأهيلها. والاهتمام بالأطفال وتوفير الدعم النفسي لهم في الداخل والخارج.

المعارض السوري "خلف المحمد" الذي كان أحد المساهمين في نجاح هذه التجربة تحدث لـ"زمان الوصل" عن فكرة البيت وظروف تأسيسه قائلاً: أسست بيت الرقة منذ عام مجموعة من الناشطين الذين وردت أسماؤهم في قائمة المطلوبين من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية"، كمأوى ومكان لممارسة نشاطاتهم الثورية والمدنية، ويشرح المعارض المحمد أن البيت "كان في البداية مأوى آمنا للناشطين من تنظيم "الدولة" وفق تفاهماتها مع الدولة التركية، ولذلك استقبل البيت مئات ممن تقطعت بهم السبل من الناشطين من المحافظة والمحافظات الأخرى، وكل ذلك موثق بأرشيف البيت".

يتألف البيت–كما يقول "خلف المحمد" من فيلا عبارة عن طابقين وفيها وجيبتان متوسطتان وخمس غرف وصالة اجتماعات تتسع لأكثر من 50 شخصاً وثلاث حمامات ومطبخ، بالإضافة لمكتب "مجلة الحرمل" وهو مكان آخر يتبع للبيت ويقع خلف بلدية "أورفة".

وعن عدد نزلاء البيت وهل هم أفراد أو عائلات يقول المحمد:"هناك حالياً حوالي 14 ناشطاً و50 عنصراً من مقاتلي لواء "ثوار الرقة" الذين غادروا "عين العرب" مؤخراً، أما بالنسبة للنساء أوالعائلات فلا توجد إلا امرأة مريضة، وهي الشاعرة والكاتبة المعروفة " فوزية المرعي".

ويتابع المحمد: "من بيت الرقة تم تأسيس الهيئة الوطنية المؤقتة لمحافظة الرقة بوصفها هيئة سياسية، وآخر أعمال البيت إطلاقه لمبادرة تأسيس مجلس محافظة في المنفى، وقد أنهت اللجنة التحضيرية أعمالها وسمت مجلساً توافقياً".

ومن بيت الرقة أيضاً تم تأسيس منظمة "نوافذ" الثقافية التي أقامت العديد من النشاطات داخل أورفة ومنها، كما يوضح المعارض المحمد،"مسرحية وأمسية ثقافية تليت فيها قصائد وقصص مميزة وتخلل الأمسية حفل موسيقي، وكان مكان النشاط مسرح بلدية "أورفة"، كما أُقيمت ورشتا رسم للأطفال ورُصد ريع لوحات الأطفال التي بيعت من المعرض الذي أقيم أمام بلدية "أورفة" لصالح جمعية خيرية تركية، غير أن أميز ما في نشاطات بيت الرقة -حسب خلف المحمد- مجلة الحرمل وهي– كما يقول"مجلة سياسية ثقافية (ليست إخبارية) نصف شهرية، نبعت فكرة تأسيسها من الحاجة الملحة في المساهمة بمشروع دولة المواطنة والقانون الديمقراطية، وقام بتأسيسها نخبة من مثقفي الرقة وكتابها وسياسيها". و"الحرمل" -كما يوضح محدثنا- هي "باكورة أعمال مشروع إعلامي نطمح أن يكون كبيراً يضم كبار كتاب سوريا ومثقفيها وسياسييها".

*عقدة النجار
ولأن التمويل هو "عقدة النجار" في كل مشروع تطوعي، أو مبادرة إنسانية واجهت بيت الرقة مشكلة في تمويل نشاطاته ونفقاته، ويشرح المعارض المحمد أن "البيت موّل لدى تأسيسه من قبل منظمة نرويجية هي (هيلب- إغاثة) ومن تبرعات بعض الرقاويين، ومن تبرعات صحيفة coz الألمانية.
ويؤكد محدثنا أن (الائتلاف الوطني) و(الحكومة المؤقتة) لم يسهما بأي جزء من تمويل البيت بل"تم التضييق عليه لأن البيت لم يصطف معهم، بل حافظ على استقلالية شبه مطلقة".

واعتبر بعض أعضاء الائتلاف -وخاصة ممثلي الرقة تحديداً- أن نشاطات البيت تشكل خطراً عليهم. وبعض الكتل مثل (الإخوان المسلمين) اعتبرت أن "بيت الرقة" مكان للعلمانيين، فيما اعتبرت بعض أطراف الائتلاف أن البيت بدأ "يبلور كتلة سياسية ومدنية" تزاحمهم في الفعل والتأثير.

والمعارض خلف المحمد من مواليد الرقة عام 1963 كاتب وباحث سياسي كان عضواً في الحزب الشيوعي السوري وأمضى عشر سنوات في سجون نظام الأسد.