أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

موت الشجر لإحياء البشر.. الحصار يعيد إحياء مهنة "التحطيب" في ريف حمص

للشتاء الثالث على التوالي، غابت مدافئ المازوت عن معظم بيوت السوريين، بعد أن بات الحصول على الوقود مهمة شاقة تراود جميع السوريين، وخاصة مع وصول ثمن لتر المازوت إلى (300) ليرة سورية بالمناطق المحاصرة، و(100) ليرة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.


هذا الواقع، الذي فرض نفسه بقوة على العائلات السورية، أجبرها إلى الاتجاه نحو الحطب لمواجهة الشتاء، وبرده القارس، وبالتالي ولادة نشاط جديد من رحم الثورة السورية، وتجّار جدد، ومستهلكين جدد.


ولكن، هل مدفأة المازوت، التي كانت تجتمع حولها الأسرة السورية على مدار (50) سنة الماضية، غابت وإلى الأبد؟ ما هي أسعار الحطب حاليا، وهل تستطيع كل الأسر السورية شراءه؟
 في التحقيق التالي، تحاول "زمان الوصل"، الإجابة على هذه الأسئلة، وأسئلة أخرى.


 *التحطيب
 في الماضي كان الاستعداد لفصل الشتاء، والذي هو نعمة من الله، ويجلب الخير والمحبة معه، ترويه عمليات الازدحام أمام محطات الوقود لمواجهة الشتاء، وشراء مازوت التدفئة، أما اليوم فانتقلت طوابير مواجهة الشتاء إلى مناشر الخشب، وبائعي الحطب الذين ينتشرون بكثافة على أطراف المدن، وداخل القرى والبلدات السورية.. فالحطب بات الحل الأمثل للفوز بقليل من الدفء في ليالي الشتاء الطويلة..
يقول أحد تجار الحطب بريف حمص لـ"زمان الوصل": أعمل بمهنة التحطيب منذ 10 سنوات، وكان استخدامه يقتصر على طبقة ميسورة من الناس.


وأضاف:ازدادت نسبة المبيعات في العام الماضي، وفي هذا العام 15 ضعفا، نتيجة إقبال الناس الكثيف على شرائه، ممّا أعاد إحياء فرص عمل جديدة، انقرضت في سوريا منذ 40 عاما، وهي مهنة "التحطيب".
وكشف تاجر الحطب (أحمد-س) لـ"زمان الوصل"، أنه أضاف إلى ورشته ما يزيد عن 20 عاملا بعد أن كان يعمل معه ولده فقط...وأشار حطاب آخر لـ"زمان الوصل"، إلى أن التجّار انتبهوا إلى إقبال المواطنين على الحطب بغية التدفئة والطبخ, فرفعوا سعره عدة أضعاف.


 *من 8 آلاف إلى 25 ألفا
 يقول مواطن التقته "زمان الوصل"، في أحد أسواق الحطب بريف حمص، يبحث عن حطب رخيص: "النظام الأسدي المجرم، منع دخول المحروقات إلى منطقتنا المحاصرة منذ 3 سنوات، ما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار مادتي المازوت والغاز، حيث يباع لتر المازوت بـ250 ليرة، واسطوانة الغاز بـ10 آلاف ليرة سورية، ما دفعنا للاستعاضة عنهما، بالحطب الرخيص وبقايا المواد البلاستيكية لعمليتي الطبخ والتدفئة.
وقال (محمد-م) من سكان تلبيسة لـ"زمان الوصل": "من شبه المستحيل أن يعرف الناس، وخاصة بالمناطق المحاصرة بحمص أو غيرها، شكل مدفأة المازوت هذا الشتاء، لأن الأسرة تحتاج وسطيا 6 لترات يوميا، أي حوالي 50 ألف ليرة سورية شهريا، وهو حلم صعب المنال لأكثر من 90 بالمائة من الأسر السورية".
وأضاف زميل محمد قائلا: "نفضّل تكسير أثاث البيت الخشبي ونتدفأ عليها".


 *2 طن مونة الحطب
 وبحسب المهندس الزراعي مصطفى السليمان, فإن التدفئة بالحطب أقل بكثير من التدفئة بالمازوت، موضحا لـ"زمان الوصل"، أن حاجة الأسرة السورية من الحطب خلال أشهر الشتاء، تتراوح ما بين (2-3) أطنان، مشيرا إلى أن ثمن الحطب قفز بشكل مفاجئ من 8 آلاف ليرة قبل عامين، إلى25 ألفا هذا العام، وبالتالي تحتاج الأسرة المتوسطة إلى 50 ألف ليرة ثمنا لحطب التدفئة..


 *مدافئ الحطب نشطت
 بعد أن غابت مدافئ الحطب من البيوت السورية منذ 40 عاما، عادت اليوم وبقوة إلى الأسواق السورية.
ولاحظت "زمان الوصل"، خلال جولة لها بأحد أسواق ريف حمص الشمالي، أن مدفأة الحطب المستعملة، ارتفع ثمنها هذا العام إلى 4 آلاف ليرة سورية، بعد أن كانت تباع قبل عام بـ1500 ليرة سورية، كما لاحظت "زمان الوصل"، أن بعض المواطنين قاموا بتحويل مدافئ المازوت إلى مدافئ للحطب.


 *تجارة مضرّة
 الإقبال الكبير على مهنة التحطيب، والتي تعني بالعربي الفصيح، قطع الأشجار المثمرة والحراجية من البساتين والغابات الصناعية، سببه الأرباح الواسعة التي يحققها التجار، وحاجة الناس الماسة للحطب ..والتكلفة الوحيدة التي يدفعها الحطابون, هي أجور نقل الأشجار "المسروقة" من الغابات الصناعية، أو من البساتين، وأجور مناشر قطع الأشجار، والتي تعمل على البنزين.


يقول أحد الحطابين في مدينة الرستن بريف حمص: "نحصل من قطع شجرة كينا واحدة على طن حطب، أي ما يعادل ثمنه مابين (20-30) ألف ليرة سورية، وهناك بعض الأشجار المعمّرة تعطي حوالي 2 طن.
لكن هذا الواقع، الذي فرضته حواجز النظام الأسدي وشبيحته، إذا استمر لسنوات كثيرة، سيؤدي إلى انقراض غابات سوريا الطبيعية والصناعية، والبساتين المثمرة.


ولا يجد تاجر الحطب (م-الطالب) مشكلة في قطع تلك الأشجار، لأن حسب رأيه، حاجة الناس للتدفئة والطبخ، أهم بكثير من الثروة الحراجية، وخاصة في المناطق المحاصرة، وفي ظل انعدام فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة بين الناس إلى 90 بالمئة.

ماهر رضوان- حمص- زمان الوصل
(114)    هل أعجبتك المقالة (120)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي