من رحم الألم يولد العطاء، ومن عمق المعاناة يزهر الإبداع، هذا ما تحاول أن تعبر عنه فرقة "بامبينو" التي تعمل لزرع الابتسامة على وجوه أطفال الغوطة الغربية بدمشق وما حولها اليوم، من خلال تقديم نشاطاتها الترفيهية وحفلاتها المتنوعة التي تهدف لإخراجهم من حالة الحرب والاضطرابات الناجمة عنها، إلى فسحة من الحياة والأمل.
وأقامت الفرقة منذ بداية الثورة السورية أكثر من 40 حفلاً منوعاً في مدارس اللاجئين بمدينة "زاكية" في الغوطة الغربية، وحفلات في روضات "خان الشيح" ومدارس منطقة "مرانة" و"المقيلبية" وغيرها.
حول فكرة الفرقة والغاية من إنشائها يقول مديرها الفنان "ضياء عسود": "بامبينو فرقة تطوعية شبابية تعمل في الغوطة الغربية بدمشق، وهي منطقة محاصرة كما هو معروف، آلت الفرقة على نفسها منذ بداية الثورة السورية أن تعمل على موضوع الدعم النفسي والمعنوي للأطفال لإخراجهم من حالة الحرب والاضطرابات النفسية الناجمة عنها وعلاجهم بالفن".
بدأت نشاطات الفرقة قبل الثورة بسنوات، وكانت تضم 20 عضواً بين شاب وفتاة ومعظمهم جامعيون، ولكن بعد الحرب تقلص العدد إلى 6 أشخاص فقط، ولكن هذا لم يمنع الفرقة من الاستمرار في نشاطاتها والعمل في ظروف صعبة، من عدم وجود مقر للفرقة وانقطاع للكهرباء، ويشرح مدير الفرقة ظروف العمل وصعوباته قائلاً: "عملنا أشبه بالخيري، إذ نقوم بالتنسيق مع جهات محلية أو خارجية لتدعم نشاطاتنا، ونقوم عادة بتجهيز مكان الحفل ثم نزيّن المكان أو القبو، وبعدها نحضر مولدة كهرباء، لأن الكهرباء مقطوعة بشكل دائم، وبعدها نجمع الأطفال ونبدأ بعروض الخفة ومسرح العرائس ونعرض عدة مسرحيات هادفة.
وحول أشكال الترفيه التي تقدمها الفرقة يقول الفنان عسود: نعرض مسرحيات عرائس وعروض خفة للأطفال، ونلبس شخصيات كرتونية كبيرة الحجم خاصة بالأطفال كـ "باربي" و"ميكي ماوس" و"فلة" وغيرها، كذلك لدينا شباب يرسمون على وجوه الأطفال، ويعلمونهم بعض الأشغال اليدوية كعجينة الأشكال مثلاً، ونزين مكان الحفل بالبالونات.
ويردف مدير الفرقة: "نحاول في حفلاتنا أيضاً تهيئة جو من المنافسة ببن الأطفال، من خلال ألعاب جميلة وبسيطة كـ"شد الحبل والقطار والصحون الورقية الطائرة وفي النهاية نوزع ألعاباً وهدايا للأطفال".

*تمويل ذاتي
ينفي مدير فرقة "بامبينو" وجود أي شكل من أشكال التمويل لفرقته"لدينا مستلزمات العمل منذ ما قبل الثورة، وإذا احتجنا شيئاً جمعنا ثمنه من أموالنا الخاصة أو نحضره من منازلنا، فمن لديه "لاب توب" ونت نستخدمه في الترويج، ومن لديه سيارة أو آلية للنقل نستخدمها في نقل أغراضنا".
ويردف عسود بثقة عالية: "رأس مالنا هو تصميمنا على الهدف الذي وضعناه لأنفسنا وهو زرع البسمة على وجنة طفل كسير القلب".
ولكن هذا لا يمنع من القول إن الفرقة تعيش في ضائقة مالية بسبب ظروف الحرب وإن الاستمرار في رسالتها يتطلب تغطية للنفقات المتعددة–كما يقول عسود- ومنها "توفير أجهزة صوت لوضع أغاني الأطفال، وثمن الهدايا وزينة البوالين و"الستريوبول" وتكاليف النقل وغسل الدمى، علاوة على تكاليف استئجار أقبية آمنة تحمي الأطفال من الصواريخ والقذائف".
ويلمح "عسود" إلى أن" أعضاء الفرقة لا يطمحون لأموال أو رواتب، بل يطمحون لزرع الابتسامة على وجوه الأطفال وإخراجهم من جو البراميل والصواريخ والموت".
ويوضح ذلك قائلاً: "لا نقترب في عروضنا وفقراتنا من أي شي يذكر بالحرب أبداً، بل على العكس نبحث عن أشياء تبعد عن الأطفال ذكرى القريب الشهيد أوالمنزل الذي تدّمر بالقصف أو الحارة المهجورة كل تلك الصور نسعى لمسحها من مخيلة الطفل".
ويصف مدير الفرقة أصداء ما تقوم به بين الناس والأطفال تحديداً بأنها أكثر من رائعة:"أكثر ما يحمسنا للاستمرار والمتابعة في مجال عملنا تشجيع الأهالي الذين يشدّون من عزائمنا، بل ويعرضون علينا أحياناً ما لديهم من أشياء تساعد العمل كالأقبية أو المولدات أو النقل أو حتى في تقديم بعض الهدايا.

*رسالة تحدٍ بوجه الطغاة
ويشرح الفنان "ضياء عسود" رؤيته للترفيه في أجواء الحرب بالنسبة للأطفال قائلاً: "للترفية دور كبير في الحرب لأنه يبعث رسالة صمود وتحدي بوجه الطغاة".
ويتابع:"نحن في النهاية بشر وبحاجة لنرفّه عن أنفسنا وننسى الحرب وويلاتها وخصوصاً الأطفال أصحاب القلوب الصغيرة الذين صدموا بويلات حرب لا تبقي ولا تذر، حرب لم تشهد كل كتب تاريخ البشرية مثيلاً لها.
يحمل الفنان "ضياء عسود" درجة الماجستير في الجغرافيا ويتقن ثلاث لغات "الإنكليزية، الإيطالية، واليابانية" إلى جانب العربية وكل من يعمل إلى جانبه في الفرقة من حملة الشهادات الجامعية مما يشير إلى أن فريق "بامبينو" لا يقومون بهذا العمل لأجل إضاعة الوقت.
وحول ذلك يقول: "نحن نعلم وندرك أن عملنا ذو هدف سامٍ ولا يقل قيمة عن مجاهدي البندقية في ساحات القتال في البحث عن مجتمع حر وكريم وديمقراطي".
فارس الرفاعي – زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية