أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

(دمشقيات..غير منسيات) ... قمر كيلاني

هذه المدينة دمشق..المغرقة في الأصالة والقدم هي أم المدائن..ولها بناتها اللائي نبغن في كل المجالات على مر التاريخ..فكان منهن الملكات..والمجاهدات المقاتلات..والشاعرات والأديبات..وكذلك الفقيهات والعالمات..وربما السياسيات أيضاً اللائي شاركن في المصائر إن لم يكن بشكل مباشر بل من وراء من حكموا من الملوك والسلاطين والسياسيين,

 

ولعل التاريخ يذكر أسماء كثيرات منهن..ولايزال طيف( ست الشام) في حدائق دمشق..هذا لقب لأخت صلاح الدين التي كانت تعشق هذه المدينة..وغيرها كثيرات..ويقال إن خولة بنت الأزور استقرت في دمشق ودفنت فيها.‏

أما ما أريد التحدث عنه فهو سجل لعله منقوص لنساء دمشقيات خلال قرن مضى تركن بصمات غير منسيات في عوالم الشعر والأدب والصحافة, فها هي (ماري عجمي) الشاعرة والأديبة والخطيبة ببراعة وتميز تترك صوتها لا في كتبها القليلة بل في مجلة تاريخية صدرت عام 1910 وهي مجلة (العروس) فواكب صوتها صوت (ماريانا مراش) الحلبية في هذه المجلة بالذات..فكانت أول مجلة نسائية تهتم بشؤون المرأة وتدافع عنها وتنادي بحقوقها في ظروف تراكمت فيها الأحداث والخطوب ووقعت فيها البلاد في أقسى النوائب والكروب.‏

و(ماري عجمي) هي ابنة حماة لكنها استقرت في دمشق وجعلتها مركز انطلاق لحركتها الفكرية والأدبية والصحفية, وقد كنت قد تنبهت إلى أهمية هذه الرائدة بعد قيام ثورة آذار 1963 فقطفت من مقالاتها الجميلة ومقاطع أوردتها في صحيفة البعث منبهة إلى الدور الرائد الذي قامت به..فكان هناك اهتمام بها في أيامها الأخيرة..وكان هناك من النقاد والمؤرخين من ثبت اسمها في سجل الريادة النسائية الأدبية.‏

أما (وداد السكاكيني) الكاتبة المميزة..والمؤلفة التي لا تنسى في كتابها(أروى بنت الخطوب) فقد كان لها أن انضمت إلى اتحاد الكتاب العرب..وجرت دراسات وبحوث حول عطائها الأدبي كان لي نصيب صغير منها.‏

ولعل النساء اللائي بدأن يسجلن أسماءهن في سفر الأدب والصحافة والشعر هن أكثر مما يحتمله الذكر في هذه الزاوية..لكنني وأنا أرصد إنتاجهن لا أنسى( عفيفة الحصني) الشاعرة القومية الأصيلة والنقية, ولا استطيع أن أغفل غيرها من الشاعرات المعاصرات لها..ولعلي أيضاً استطيع أن اعتبر من أقمن في دمشق وسطعت عليهن الأنوار فيها هن دمشقيات بطريقة ما..فها هي( سنية الصالح) اليمامة العابرة في سماء الشعر عرفت كدمشقية في الشعر أكثر مما عرف غيرها..وكذلك (عزيزة هارون) النسمة الحائرة في أفق دمشق تألقت في مؤتمراتها وعلى منابرها وفي مناسباتها كشاعرة من دمشق أيضاً.‏

وليس لي أن أنسى( ألفة عمر باشا الادلبي) التي عطرت أجواء دمشق بإنتاجها الشامي الأصيل ورصدها للأحداث التاريخية الهامة ليس في فترة الاستعمار الأجنبي فقط بل في فترة الاستقلال والحريات والتطورات.‏

إنها ورقة صغيرة ألفت فيها الأنظار في هذا المسار ليس إلى اللائي يبدعن في الشعر والأدب والصحافة فقط بل إلى اللائي يتقدمن الصفوف في مجال حقوق المرأة..وفي رعاية النوادي الأدبية و(الصالونات الفكرية)..وإن تجاوزها الزمن إلى حد ما إلا أنها لاتزال ذات تأثير لا يشابه ذلك التأثير في النصف الثاني من القرن الماضي لكنه على أي حال هام ومثير.‏

دمشقيات..غير منسيات..ودمشقيات أخريات هن نجمات في سماء هذه المدينة الخالدة.‏

(123)    هل أعجبتك المقالة (126)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي