أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

النظام يضع جنوب دمشق أمام خيارات ثلاثة أفضلها سيناريو باصات حمص الخضراء

صورة حديثة لجوبر - عدسة شاب دمشقي

على مدى الأيام القليلة الماضية، كان حديث الناس في جنوب العاصمة دمشق منصبا في موضوع الانسحاب من المنطقة، تلك القضية التي لا تلبث أن تخمد حتى تعود لتطفو على السطح من جديد لتتصدر واجهة الأحداث؛ وهو ما خلق تباينات وسجالات عميقة في الرؤى والتحليلات، لم تكن في المرات الماضية بهذا الصخب.

يأتي هذا الجدل بعدما تم ترويجه، بأن النظام وجه رسالة إلى المعارضة المسلحة تضعهم أمام خيارات ثلاثة، إما المصالحة وتحولهم إلى "جيش وطني" وإما الانسحاب إلى خارج المنطقة أو الحرب العسكرية؛ خيارات أحلاها مر بالنسبة للمعارضة المسلحة التي تعيش منذ فترة نوعا من حالة اللاحرب واللاسلم مع النظام، وسط شح في العتاد تعانيه المنطقة المحاصرة منذ سنتين.

*بيانات رفض واستنكار
فيما يخوض النظام حربا مفتوحة في جوبر والغوطة الشرقية المجاورة، يرى عدد من الناشطين أن إفراغ جنوب العاصمة من مقاتلي الجيش الحر سيكون أكبر خدمة يتلقاها النظام من عدوه، وبالمقابل نشرت الهيئة الشرعية في جنوب دمشق، بيانا هاجمت من خلاله التشكيلات الداعية الى الانسحاب بشكل فردي، و بينت "حرمة التولي من أرض الجهاد" حسب ما ورد في البيان.

إلى ذلك سارعت عدد من كتائب وتشكيلات الجيش الحر إلى إصدار بيانات، كانت في مجملها رافضة لفكرة الانسحاب، وللتأكيد على موقفها الثابت في حربها مع النظام، يقول أحد الناشطين رافضا الكشف عن اسمه، لـ"زمان الوصل": إن عددا من قادة هذه التشكيلات منخرط في مفاوضات سرية وغير مباشرة مع النظام، بهدف تأمين طريق آمن للانسحاب، لكن الخوف من من المسؤولية التاريخية، هو ما دفعهم لإصدار هذه البيانات "الخلبية" على حد وصفه.

وفي تصريح لـ "زمان الوصل" قال الشيخ أبو عبد الرحمن قائد الجبهة الإسلامية في جنوب دمشق، بأن الخروج من جنوب العاصمة هو "فرار من الزحف"، مستشهدا بآيات قرآنية وأحاديث تبين حرمة الخروج من المنطقة، وأضاف بأن الجبهة الإسلامية وباقي التشكيلات "ذات الوزن" آثرت البقاء في المنطقة على الانسحاب وأنها ستقاتل النظام "حتى آخر رمق".

ويضيف الناشط الاعلامي "رائد" بأن هناك تشكيلات بعينها –رفض البوح باسمها- باتت منخرطة فعليا في مفاوضاتها مع النظام، بشأن التنسيق للخروج "الآمن"وأن هذه التشكيلات ليس لها جذور ولا فاعلية، تحاول شق الصف وخلق بلبلة في المنطقة.

*لماذا الآن؟
بعد قتال دام استمر لشهور، خاضته تشكيلات من الجيش الحر مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، انتهى مؤخرا بعقد صلح بين الطرفين، ما قد يرى فيه النظام "نقضا" لما كان يعول عليه من استمرار الاقتتال الداخلي، وجد فرصة ليحاول فرض شروطه على منطقة –يعرف مسبقا- محدودية قدراتها العسكرية، مستغلا في ذلك الحالة النفسية التي أفرزها الحصار والجوع الذي فرضه عليها.

حالة نفسية يرى فيها كثير من المقاتلين، الذين في جلهم مغتربون من محافظتي درعا والقنيطرة، سببا لرغبتهم بالانسحاب والعودة إلى بلداتهم وقراهم الأصلية.

يقول عبد الكريم من أبناء محافظة درعا، بأنه يقاتل هنا منذ سنتين ونيف ولم يتمكن من رؤية أهله، يرى أنه لا جدوى من الاستمرار بالبقاء في منطقة فيها 5 بلدات وأحياء بين مصالح ومهادن للنظام، و"ساقطة عسكريا" يتحكم فيها النظام حتى "بنوع السجائر التي يدخنوها"، فمن الأفضل –حسب وصفه- الانسحاب والانتقال للقتال في مواضع أخرى.

بعد الانسحاب "الآمن" الذي وفره النظام لثوار حمص القديمة عبر "حافلات خضراء"، على مرآى من فضائيات العالم، باتت قضية الانسحاب "الآمن" من جنوب العاصمة نموذجا يعجب كثيرين، يرون فيه خاتمة قد تكون –أقل إهانة- لمسيرتهم الثورية في جنوب العاصمة، على أن يتحولوا الى ميليشيات "دفاع وطني".

الأمر الذي أثار سخط مؤيدين للنظام، من خلال مطالبتهم له في صفحاتهم عبر الانترنت بالقضاء على "فلول" الجيش المنسحب إلى محافظات الجنوب، وعدم ترك الآلاف من الثوار ينسحبون بأمان، خشية تحولهم لقتال النظام في جبهات أخرى.

*تأمين محيط العاصمة
يرى مراقبون أنه فيما لو نجح النظام بتحقيق أي من تهديداته، سيكون قد تمكن من تأمين محيط العاصمة بطريقة تحقق له مكاسب استراتيجية، أكثر مما كان يطمح له عن طريق عقد هدن ومصالحات ركيكة مع البلدات الثائرة.

وحينها سيكون قد تمكن من صناعة "مربع أخضر" في دمشق، ولن يتبقى أمامه إلا جبهة حي جوبر التي يخوض فيها منذ شهور حربا شرسة.

أبو عبد الله الحوراني -دمشق -زمان الوصل
(145)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي