"الست بتلا عامر" سيدة دين درزية.. بين المبالغة والحقيقة

أخذت "الست بتلا" في الآونة الأخيرة حيزاً لا بأس به من النقاش، بعد أن اعتبرها البعض السيدة الآمرة الناهية في حياة أهالي السويداء عبر سلطتها الدينية ومن خلفها السلطة السياسية.
أحد الصحفيين اعتبرها "حاكمة السويداء وشيختها"، مغالياً في وصف نفوذها الديني الممتد حتى إلى الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، في حياة الدروز، غامزاً من قناة توسع هذه السلطة لتصل حد السياسة والعسكرية، لكن هل في السويداء حقاً مثل هذه السيدة؟.
السويداء التي تعتبر من أكثر المجتمعات انحيازاً للتمدن وللانفتاح، والتي ترتفع فيها نسبة التعليم، تضم أيضاً فئات متدينة، تغالي في تمسكها بالتفاصيل والشكليات، وفيها أيضاً من يعتبر أن "كل ما يقبله العقل والمنطق هو الدين"، ولعل السيدة بتلا ومريديها من الفئة المتمسكة بالتفاصيل حد التطرف، لكن في الوقت ذاته، فإن هؤلاء ليسوا بكثر على أية حال، ولا يمسكون بزمام الحياة في المحافظة كما يحاول البعض أن يروّج، لكنها ظاهرة موجودة وتستحق الدراسة وتسليط الضوء عليها.
لكن القراءة المتأنية لهذه الظاهرة تحتاج إلى الغوص عميقاً في دراسة المجتمع "الدرزي المنغلق على ذاته نسبياً"، لكن يمكن على الأقل ملامسة بعض الحقائق المتعلقة بالست بتلا كما تعرف في وسط أبناء السويداء.
عرفت "السيدة بتلا عامر" في تسعينات القرن الماضي، حيث بدأت النساء بالتردد إلى منزلها الكائن في السويداء، على اعتبار أنها الأكثر اطلاعاً ومعرفة بتفاصيل التعاليم الدينية للطائفة الدرزية، حيث يقال إنها حافظة لكتب "الحكمة" وهي الكتب الجامعة لتعاليم الطائفة، وهو مكان من النادر أن تصل إليه سيدة.
وينعتها البعض بـ"المشعوذة"، ويغمز البعض الآخر من قناة علاقتها المباشرة أو غير المباشرة بالأجهزة الأمنية، فكاتب المقال المشار إليه في البداية يذهب حد الحديث عن زيارةٍ لبشار الأسد إليها خلال الأعوام الماضية، وهو ما نفاه أحد أبناء السويداء.
إحدى السيدات اللواتي ترددن في فترةٍ من الفترات على الست بتلا تصفها بأن شأنها شأن أي داعيةٍ ديني، تشرح أصول الدين، وتتم استشارتها في الحلال والحرام، حيث تحول منزلها إلى "خلوةٍ" للنساء الراغبات في تعلم أصول الدين، خاصةً وأن النساء اللواتي يخضن عميقاً في تفاصيل الدين هم قلة، وهذا ما جعل للست بتلا مكانةً لدى طالبي المعرفة.
وتؤكد السيدة أن الحديث عن تحكم الست بتلا في الحياة الاقتصادية هو أمر غير حقيقي، لكن على سبيل المثال لا يمكن للمتدينين الشراء من محلات تبيع الكحول، وهذا ما يقوله معظم المشايخ وليس فقط الست بتلا.
أما من الناحية الاجتماعية، فيمكن للنساء استشارتها في بعض تفاصيل حياتهن الخاصة، وهذا أمر وارد.
ويقلل أحد أبناء السويداء من ظاهرة الست بتلا بالتأكيد على أن أي طلب للمعرفة الدينية أو الاستشارة لو توجهت به النساء إلى رجل دين لما كان هناك مشكلة لكن لأن سيدة هي التي تقدم النصح في مجتمعٍ منغلق لم يسبق له أن تعامل مع سيدة دين واسعة الاطلاع، هو ما أدى إلى كثرة التحليلات حول هذه الظاهرة.
ويضيف: إن "بتلا" سيدة تعلمت الدين وأرادت تعميم معرفتها، يمكن أن تخطئ أو تصيب ويمكن أن تذهب حد التطرف، لكن كثرة التحليلات واعتبارها الآمرة الناهية في حياة أبناء السويداء أمر فيه مبالغة.
زينة الشوفي - السويداء - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية