"إيلاف" طفلة سورية لاجئة في الأردن لم تتجاوز الشهور السبعة من عمرها، وُلدت برأس مشوّه نتيجة إصابتها باستسقاء دماغي، إضافة إلى وجود كتلة نخاعية قطنية سحائية، ورأسها الضخم الذي يكاد يزن نصف جسمها بسبب تراكم السوائل فيه لم يستطع إخفاء ملامح طفولتها وبراءتها، وإن استطاع أن يمنعها من إغماض عينيها عند النوم.
أجري لها العديد من العمليات لسحب السوائل بواسطة جهاز وهي "بحاجة ماسة لمتابعة وضعها الصحي، وتبديل جهاز سحب السوائل بواسطة جهاز غال جداً مما جعل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تتخلى عن مساعدتها في تأمين الجهاز أو العلاج بسبب ارتفاع كلفتهما"، كما يؤكد والد الطفلة "أحمد محاسنة" الذي تحدث لـ "زمان الوصل" عن قصة "إيلاف" منذ بدايتها قائلاً:
ولدت طفلتي منذ سبعة أشهر بعملية قيصرية، وقبل الوضع بأسابيع قليلة أبدت الطبيبة التي كانت تعالج عندها شكوكها من أن يكون لدى الجنين مرض في الرأس، وطلبت الطبيبة أن تُعرض الأم على طبيبة أخرى لديها جهاز كشف رباعي، وبعد تصويرها أكدت هذه الطبيبة أن الجنين سليم 100%.
ويستطرد والد الطفلة قائلاً: "أدخلت زوجتي إلى مشفى ربيعة للولادة في إربد فطلب دكتور المشفى أن نأتي إليه في العيادة بعد أيام، وكان أمام زوجتي أيام قليلة لتدخل في شهر الولادة، وعندما عدنا إلى الدكتور في عيادته كان ضغط الأم قد وصل 22، ولذلك طلب الدكتور المذكور إدخالها إلى غرفة العمليات على الفور.
وفعلاً تم إخضاعها لعملية قيصرية في ذات اليوم استمرت لأكثر من خمس ساعات، وولدت"إيلاف" قبل موعد ولادتها بحوالـي 6 أيام، وبقيت الطفلة لأيام في الحاضنة قبل أن نستلمها.
بعد خروج "إيلاف" إلى الحياة بدأت معاناتها مع تضخم رأسها، والأمراض الخطيرة التي رافقتها قبل أن تولد، يقول والدها "أحمد محاسنة": "بعد ولادة "إيلاف" فوجئنا بتضخم رأسها بشكل غير عادي، وتم تحويلنا إلى دكتور أخصائي أجنّة بمشفى إربد التخصصي كتب تقريراً يفيد بإصابتها باستسقاء دماغي، وكتلة قطنية في العمود الفقري، ويردف: "عندما أخذت التقرير إلى الطبيب الذي كانت تعالج عنده، قال هذا الكلام غير صحيح، ولو كان صحيحاً لكان ظهر في الشهر الثاني أو الثالث من خلال تصوير "الإيكو".
ويتابع والد "إيلاف": "بعد التأكد من وجود "استسقاء" دماغي وكتلة نخاعية في العمود الفقري، تم إجراء أول عمل جراحي لها في مشفى "عاقلة" بعمان، وتم تركيب جهاز شفط لسحب السائل الدماغي، وقذع الكتلة النخاعية في الفقرات 2و3و4 من ظهرها والتي كان من الممكن أن تؤدي إلى شلل في قدميها -كما أكد الأطباء.
الجهاز غير موجود !
ويضيف والد "إيلاف":"بعد شهرين توقف الجهاز عن العمل فأجريت لها عملية ثانية عبارة عن تصريف الجهاز، وتم فتح البطن مرة ثانية بعملية جراحية، واستمر الجهاز في العمل لمدة شهر تقريباً ثم توقف بعدها عن العمل.
ويستطرد والد الطفلة المريضة في سرد جوانب من رحلة معاناته: "منذ شهر تقريباً أحدث الجهاز مضاعفات والتهابات شديدة، فأسعفناها إلى مستشفيات عدة خلال عشرة أيام تقريباً، فرفضت كل هذه المستشفيات إجراء العملية لها بحجة عدم وجود مثل هذا الجهاز في وزارة الصحة الأردنية، وهو موجود– كما قالوا-في الأسواق ولكنه مكلف جداً، إذ يبلغ ثمنه ما بين 400 إلى 1000 دينار حسب نوعية الجهاز.
لجأ والد "إيلاف" إلى منظمة (العون الطبي) المتخصصة بتغطية نفقات العلاجات والعمليات الجراحية للاجئين السوريين، بالتنسيق مع المفوضية فقاموا بتحويل ابنته إلى مشفى الجامعة، وبعد أن عاينها طبيب متخصص في جراحة الدماغ والأعصاب اكتشف أن لديها تقرّحات والتهابات عبارة عن بداية "سحايا" وهنا بدأت المعاناة الحقيقية.
من "التقرحات" إلى "السحايا" !
يقول أحمد محاسنة "قدمت طلباً للمفوضية لتغطية نفقات علاج ابنتي وإجراء العملية الجراحية الملحة، فقالوا لي بعد علاج الالتهابات نعطيك موافقة على إجراء العمل الجراحي واستبدال الجهاز، ويضيف: "عرضت "إيلاف" على دكتور أخصائي أعصاب فقال لي: "إن لديها تقرحات في الجهاز أي خارجية"، ولم يذكر أن هذه التقرحات هي بداية لحالة سحايا، وتم علاجها لدى الدكتور المذكور لمدة 12 يوما.
ويتابع والد الطفلة: "خلال فترة العلاج هذه لم تبق تقرحات خارجية فعدت إلى (العون الطبي) فأعطوني تحويلاً إلى مشفى الجامعة، وبعد أن عاينها طبيب هناك أكد وجود التهابات داخلية عبارة عن بداية "سحايا"، وأنها تحتاج إلى عمل جراحي لنزع الجهاز وتركيب أنبوب خارجي لسحب السوائل من الدماغ".
وأضاف الطبيب أن "على الطفلة أن تخضع لفترة علاج بين 15 و45 يوماً في المشفى للتأكد من خلو الدماغ من السحايا بالمضادات الحيوية، ومن ثم تركيب جهاز الشفط".
وبعد أن أخذ والد "إيلاف" التقرير من المشفى وسلّمه للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في عمان فوجىء برفضها لتغطية النفقات دون إبداء الأسباب، فلم يبق من وسيلة أمامه سوى أهل الخير الذين ساعدوه بجزء من التكاليف ومنهم "فريق ثابت التطوعي".
يقول الوالد: "بعد أن تم تأمين مبلغ من أهل الخير ودفع 2000 دينار كسلفة أولى لقبولها في المشفى أدخلت طفلتي إلى غرفة العمليات– أثناء إجراء اللقاء معه.
ويردف قائلاً "هذا المبلغ ليس هو المبلغ الكلي فتكاليف العملية مفتوحة، وبعد إجراء العملية التي نجهل تكلفتها يمكن للطفلة أن تخضع لعلاج يمتد لـ 45 يوماً بمعدل 100 دينار لكل يوم أي 4500 دينار دون تكاليف العملية، ويستدرك والد الطفلة "إيلاف": "أغلقت الأبواب بوجهي ولم يبق إلا وجه الله الذي سلمت أمري إليه، وبنبرة مؤثرة يضيف قائلاً: "إن رؤية ابنتي تموت في المشفى أهون من أن تموت بين يدي ولا أستطيع أن أفعل لها شيئاً".


تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية