أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"التغريبة التركمانية" تشتت أهالي "عقرب" بين الداخل والخارج

"عقرب" بلدة سورية زراعية بامتياز، تقع بريف حماة الجنوبي الغربي (32كم عن مدينة حماة، و37كم عن حمص)، أي في منتصف المسافة ما بين حمص ومصياف، تحيط بها القرى الموالية للنظام من ثلاث جهات، من الغرب والشمال والشرق.. أغلبية سكانها من "التركمان" المعارضين للنظام، إضافة إلى سكان موالين للنظام من الطائفة العلوية، ويقدّر عددهم بحوالي (2000 نسمة).


كانت "عقرب"، ومنذ مئات السنيين، مثالا للتعايش السلمي بين الطائفتين، إلى أن قامت شبيحة الأسد، ومنذ بداية الثورة، بأعمال استفزازية ضد الأغلبية من السكان، وفي نهاية العام 2012، حدثت فيها أعمال لم تحدث في أي قرية سورية، فشبيحة النظام وجنوده، ارتكبوا بحق السكان، المعارضين والموالين، عدة مجازر ذهب ضحيتها أكثر من 600 شخص، ما أدى إلى تهجير كلي لسكان القرية والبالغ عددهم حوالي12 ألفا.


ولكن ما هو الواقع الحالي لبلدة "عقرب"؟ وماذا فعل النظام بأهلها؟ وماهي تفاصيل "مجزرة عقرب"؟.
في التحقيق التالي، تحاول "زمان الوصل" الإجابة على هذه الأسئلة، وأسئلة أخرى.


 *نصفها مدمّر والباقي لا يصلح للسكن
 لم يزر عبد العزيز الرشواني (47سنة) مسكنه المتواضع في بلدة "عقرب"، سوى مرة واحدة منذ أن خفت حدة القصف العشوائي اليومي الذي تقوم به "شبيحة نظام الأسد" منذ بداية العام 2013، الرجل النازح والذي تنقل بين منازل أصدقائه، بـ"الحولة" المجاورة لقريته، وبريف حمص الشمالي، قرر أن يعود الآن، لكن "عودة ليست للسكن" على حد قوله.


 "شعرت بالصدمة حين وجدت المنزل شبه مدمّر من كثرة القذائف التي سقطت عليه، كما تعرض المنزل للسرقة من قبل اللصوص"، هكذا يروي الرشواني قصته لـ"زمان الوصل".


في طريقنا إلى منزل الرشواني، المكون من طابقين، يضم عدة غرف وباحة دار واسعة، سقط فيها أكثر من أربع قذائف، بدت عشرات المنازل الموزعة على شوارع وأزقة ترابية ومعبدة، خالية من سكانها، وهناك أكثر من حي، وخاصة بالقسم الغربي من القرية، مدمّر كليا، ونادرا ما تجد منزلا استهدف بقذيفة واحدة فقط".


مكالمة موبايل قاطعت حديثنا مع الرشواني، توقف وقال: "هذا قريب لي نازح مع زوجته وابنته في مدينة "غازي عنتاب" التركية (مخيم مالاطيا)، وهو يسأل الآن عن البيت الذي تركه قبل عامين، تعرفنا إلى قريب عبد العزيز عبر الهاتف، تسلمنا المكالمة وسألناه متى ستعود؟ فأجاب: لا أعتقد أننا سنعود، بعد الرعب الذي عشته أنا وزوجتي وطفلتي".


وتابع "لسنا في أفضل حال طبعاً، لكن مأساة النزوح عند الأجداد بتركيا أخف وطأة من رعب القتل على يد "الميليشيات الطائفية" التابعة لبشار الأسد، خصوصاً أن عمليات القصف الهمجية ما تزال متصاعدة، والحواجز المحيطة بالقرية من ثلاث جهات، تدك القرية يوميا بعشرات القذائف، وبعض القذائف تخترق (5) جدران قبل أن تنفجر، فضلا على البراميل المتفجرة، والصواريخ الفراغية التي تلقيها طائرات النظام المجرم بين الفترة والأخرى، والتي أدت إلى تدمير نصف منازل القرية تدميرا كليا، والنصف الآخر جزئيا".
يعد "الرشواني"، واحداً من آلاف السوريين "التركمانيين"، الذين تركوا مساكنهم في "عقرب" هرباً من القصف العشوائي اليومي لحواجز النظام، وخاصة حاجز قرية "التاعونة"، وإذ نزحت الغالبية إلى بيوت أقاربهم في "طلف، وبرج قاعي" بريف منطقة الحولة، وأصدقاء لهم بـ"الحولة"، استسلم آخرون، ممن لم يسعفهم الوقت للهرب، أو ممن لا يملكون أقارب في أماكن آمنة يلجؤون إليهم".



وفقا لما رصدته "زمان الوصل"، يصل عدد النازحين إلى 10 آلاف، أي حوالي
(80% )من السكان، مشتتين ما بين الداخل (الحولة وريفها)، وما بين مخيمات اللجوء في لبنان وتركيا.


وقد علمت "زمان الوصل"، أن الحكومة التركية أنشأت مخيّما خاصا لتركمان حمص وحماه، في مدينة "غازي عنتاب" الحدودية، وسمحت للمقيمين فيه، بالعمل خارج المخيم والعودة للنوم فيه.


عضو لجنة الإغاثة "عبد الجبار حوجك" أكد لـ"زمان الوصل" أن أعداد الضحايا والنازحين كبيرة لكن المعلومات غير متوفرة حتى اللحظة، وهناك عائلات بكاملها مفقودة، ولا نعرف عنهم شيئا.


وردا على سؤال "زمان الوصل"، عن العمل الإغاثي بالقرية قال: بعض أعضاء لجنة الإغاثة يتواجدون بتركيا، يقدمون لنا شهريا حوالي 13 طنا من مادة الطحين، وبسبب خطورة الطريق بين تركيا وحماه، يباع الطحين في ريف إدلب الشمالي، ويرسل ثمنه للقرية لنشتري بثمنه هنا طحينا من ريف حمص الشمالي، وبالتالي تقديم مادة الخبز للأسر الباقية في "عقرب" بسعر مقبول، كما يصلنا دعم مادي شهريا، يخصص لشراء سلال غذائية توزع للأسر التي فقدت كل أرزاقها، ولا تستطيع الذهاب إلى أراضيها الزراعية لاستثمارها، لأن حواجز النظام تستهدفها مباشرة بالقذائف الثقيلة..


وأشار "حوجك"، إلى أن الأسر القاطنة في "عقرب" حاليا، هي تحت الإقامة الجبرية، ومن يقيم بالقرية حاليا، أما لحماية ما تبقى من أثاث منازلهم خوفا من سرقتها من قبل اللصوص، أو لعدم وجود أقارب لهم خارج عقرب يقيمون عندهم، فضلا على أن طريق النزوح باتجاه تركيا خطر جدا، وقد فقدت القرية العشرات من أبنائها، خلال سفرهم تهريبا إلى تركيا.



 "شبيحة عقرب يقتلون أهلهم"؟!
تقول: د."خولة الحديد"الناشطة الميدانية وهي من أبناء القرية: لا يمكن الحديث عن مجزرة "عقرب"، قبل الإشارة إلى ما سبقها من أحداث، والتي تدلل مباشرة إلى العمل الحثيث للزج بالقرية، وعموم المنطقة في أتون حرب طائفية، وتوريط أهلها وضرب التعايش السلمي فيها، والذي لم يرُق للنظام وشبيحته، فكانت حوادث الخطف والقتل تتكرر لأبناء القرية، وكانت حواجز الشبيحة من جهة الغرب تمارس أبشع أنواع الاستفزاز بحق أهالي القرية، وكذلك الحاجز الشرقي –حاجز المدرسة- الذي كان يأتي من خلاله شبيحة قرى "قفيلون والحميري" ليمارسوا السلب و النهب، واعتراض الأهالي، مما دفع "الثوار" للاستنجاد بالجيش الحر لضرب هذا الحاجز، وقبل ضرب الحاجز كان قد قتل شبيح من عقرب "علوي"، وله أخ قتل قبله في مدينة حماه، علماً أن والدهم كان غير راضٍ عن أفعال أولاده، وبعد مقتل ابنه بحماه غادر القرية، وقد تمّ العثور في داخل موبايل هذا "الشبيح"، على فيديوهات وصور عن مجازر "الشبيحة" بسوريا، وبعد نبأ مقتله في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2013، بدأت جميع عائلات "الشبيحية" بالخروج من القرية، كما بدأت حركة نزوج جماعية غريبة للموالين من الطائفة العلوية، وسط تخوف من عملية عسكرية موسعة في المنطقة، وبدأت حالة من الرعب تسود الأهالي، مما دفعهم للنزوح إلى قريتي "طلف والبرج" المجاورتين لهم، وبالفعل بدأ القصف على القرية من الحواجز المحيطة بها بشكل عنيف، وتم دعم حاجز المدرسة من الشرق من قبل شبيحة قرى "الحميري" و"قفيلون" مع تجمع لشبيحة قرى "بعرين والتاعونة" من الجهة الغربية، في ظل قصف عنيف على "عقرب" و"الحولة" من حاجز" قرمص"، وباقي الحواجز، فقام الجيش الحر، بهدف إلقاء القبض على الشبيحة، بمحاصرة الحي الغربي من البلدة حيث يتحصن بداخله شبيحة النظام.


 *شاهدة تروي ما حصل
 تقول إحدى الناجيات من المجزرة: "إن مجموعة من مسلحي القرية، اسماعيل جبيلي، وناصر جبيلي، وفرزات وعمار ملحم، كانوا يحتجزون حوالي (500شخص) كرهائن، وتدخّل رجال دين من المعارضين للنظام، وحاولوا إقناع المسحلين بالإفراج عن المحتجزين، فلم يفلحوا إلا بإطلاق حوالي 150 شخصا، واحتجز الوجهاء ورجال الدين مكانهم.


وأضافت تقول: "قالوا لنا إن تعرضنا لضرب من الخارج، فسنفجر المكان بالأشخاص الموجودين فيه، وحاول وفد الوجهاء إقناعهم دون جدوى، وكذلك طلب منهم الجيش الحر بـ"عقرب والحولة" المتواجدين خارج المبنى، إطلاق سراح المعتقلين مؤكدين بأنهم سيسمحون لهم بالذهاب للمكان الذي يريدونه، ولم يستجب الخاطفون لذلك.


وأكدت السيدة، التي أسعفت إلى بلدة "تلذهب" وتم إيصالها إلى قرية "قرمص" بعد معالجتها من أصابتها، أكدت، أنه تم إعدام حوالي 20 فتاة من بين المعتقلات، مخافة أن يسقطوا في أيدي شباب من منطقة "الحولة" المجاورة لهم، إن سلموا أنفسهن، ثم فجروا المكان بالموجودين فيه، بواسطة قنابل كانت بحوزتهم، وأسطوانات غاز بجانبهم.


وختمت السيدة روايتها عن المجزرة بقولها:"إن عناصر الجيش الحر هم من أنقذوها، وأسعفوا من بقي حيا من المحتجزين بعد التفجير، مشيرة إلى أن بين المعتقلين نحو 125 طفلا.


تلفزيون النظام ولأن شبيحة النظام، هم من ارتكبوا المجزرة بحق الموالين، نفى حينها وقوع مجزرة بريف حماه، كما تجاهلت بقية وسائل الإعلام الموالية خبر مجزرة "عقرب" والتي ذهب ضحيتها ما بين 150-200شخص.

ماهر رضوان -حماه -زمان الوصل
(324)    هل أعجبتك المقالة (213)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي