لم يوفر "نظام الأسد" طريقة إلا واتبعها للضغط والابتزاز بحق معارضيه وذويهم حتى بعد موتهم، وقصة أستاذ التربية الرياضية في مدينة الميادين "راشد الجازي" هي دليل واضح على ذلك.
غادر الجازي لبنان بعد ملاحقة نظام الأسد له على خلفية اعتراضه على تدخل جيش النظام في لبنان خلال سبعينات القرن الماضي، متجها إلى العراق.
ومن هناك اتجه إلى ألمانيا ليعمل في عدد من المشافي الألمانية والنمساوية كمعالج فيزيائي، وعند انتهاء عمله في النمسا رجع إلى ألمانيا، وقبل وصوله إلى بيته تعرض لحادث سير مما أدى إلى وفاته، حسب ناشطين.
و"حاول أبناء الميادين المغتربين أن يرسلوا جثمانه إلى مسقط رأسه في الميادين، ولكن السفارة السورية في ألمانيا رفضت إعطاء الموافقة على نقل جثته إلى سوريا" كما يقول صديقه وتلميذه السابق "بركات حويش" الذي سرد لـ "زمان الوصل"جوانب من حياته ومواقفه من نظام الأسد قائلاً:
"كان الراحل "عبد المرشد الجازي" المعروف باسم راشد أستاذي في مادة التربية الرياضية لاعب كره يد والقفز العالي، مشهور في مدينة الميادين وسوريا عموماً، يدرب طلاب المدارس في ألعاب كره القدم واليد وألعاب القوى، وكان يتمتع بأخلاق عالية، وروح مرحة جداً،حاضر النكتة والبديهة، لا يحب الظلم، محبوب بين أهله وزملائه وطلابه. وفوق ذلك لم ينتم لأي حزب أو منظمة أو حركة سياسية.
وحول بداية صدامه مع "نظام الأسد" يروي حويش إن الراحل الجازي "التحق بالخدمة الإلزامية في لبنان منتصف السبعينات من القرن الماضي، وعندما شاهد الظلم الذي يمارسه عناصر الجيش الأسدي، واعتداءاتهم على اللبنانيين، وسرقاتهم للبيوت، وقتلهم للمدنيين، لم يتحمل الموقف فاصطدم بالضابط المسؤول المباشر عنه".
ويضيف حاويش:"حاولت مخابرات "نظام الأسد" في لبنان اعتقاله فهرب إلى العراق عبر سوريا، ومن هناك إلى ألمانيا حيث عدّل شهادته الرياضية وأصبح معالجاً فيزيائياً في أشهر مشافي ألمانيا".
ويقول "عصام فريح" أحد تلامذة الراحل "راشد الجازي" كان الجازي رحمه الله لاعباً مميزاً في نادي الميادين الذي كان له الفضل في تأسيسه وفي منتخب دير الزور، ومنتخب معاهد سوريا، وأنشأ جيلاً رياضياً مميزاً، حصل على دبلوم التربية الرياضية من دمشق، ودرس اللغة العربية في جامعة دمشق كما درس الطب الرياضي في ألمانيا وعمل معالجاً مع بعض الأندية الألمانية".
ويتابع فريح: "أجاد الراحل جميع الألعاب "سلة -طائرة -قدم –يد" وكان مدرباً ناجحاً بكل المقاييس، ومدرساً ذا أخلاق عالية، وإدارياً فاعلاً ومؤثراً، عاش عصامياً معتمداً على نفسه حتى حقق جزءاً من حلمه، وكان محباً للخير ومخلصاً لعمله".
وحول سفر الراحل وغربته أردف فريج قائلاً:"غادر الجازي الوطن إلى بلاد الغربة رغم أنه لم يكن يحب الغربة، لكن ظروف العمل والحياة والظروف السياسية أجبرته على ذلك، ورغم ذلك كان يتابع أخبار الوطن وأخبار نادي الميادين باستمرار، ودائماً يقول: "نادي الميادين جزء مني ولا أحب أن أبتعد عن الميادين".
ويضيف التلميذ الراحل:"لازلت أتذكر في إحدى الرحلات الرياضية عندما وصلنا إلى الحدود السورية قال لي:" الله ما أحلى الوطن. وما أحلى هواء بلادي".
عاش الجازي شريداً طريداً وكان يحلم بالعودة إلى الوطن الذي أحبه كثيراً لكن القدر سبقه ولم يعد إليه حتى وهو "حشو الكفن".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية