في الغوطة.. العمل الطبي من المعجزات وأطفال بين ملائكة الرحمة

 لم تتوقف قوات النظام السوري عن استهداف الكوادر الطبية والإسعافية منذ بداية الثورة السورية في آذار/مارس/2011، وتعتبر المستشفيات والمراكز الصحية والصيدليات وعربات الإسعاف الواقعة ضمن المناطق المحررة أهدافا لنيران طيران ومدافع وصواريخ قوات النظام.


وأفادت الدكتورة ندى محروس من مركز "التحرير" الطبي بوقوع 6 عناصر من الكوادر الطبية في الغوطة الشرقية خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، ما بين طبيب وصيدلي وفني أشعة وممرض ومسعف وسائق سيارة إسعاف، بينهم طالبان يدرسان الطب وممرضة من بلدة حمورية .


واعتبرت "محروس" أن إنجاز العمل الطبي في غوطة دمشق من المعجزات, في ظل نقص في الكادر الطبي والأطباء الاختصاصيين وعدم وجود غرف خاصة للحالات المشددة, وانعدام الكثير من اللوازم الطبية وفقدان أخرى بسبب الحصار.


 *أطباء معتقلون
 وتضيف "محروس": منذ اندلاع الاحتجاجات في الغوطة الشرقية وبداية المظاهرات السلمية وجّه النظام رصاصه الحي بوجه المتظاهرين، ويوماً بعد يوم ازداد عدد الشهداء والجرحى، وكان توفير العلاج للمصابين أمراً في غاية الصعوبة، وذلك بسبب المخاوف الأمنية، حيث صنفت معالجة المصابين من المتظاهرين جريمة في نظر النظام، فقام الأطباء باتخاذ عياداتهم الخاصة ومنازلهم -بعد تزويدها بالأدوات الطبية المتاحة آنذاك- كبديل عن المستشفيات التي كانت ممنوعة من استقبال المصابين تحت طائلة اعتقال الجرحى والكوادر الطبية على السواء، لذلك كانت معالجة الجرحى تتم بشكل سري للغاية، في عيادات سرية أو بيوت خاصة، وأقدم النظام ومنذ بدء الاحتجاجات في سوريا على اعتقال العشرات من الأطباء الذين انخرطوا في علاج جرحى الثورة وتقديم الرعاية الصحية وتم الحكم عليهم بالسجن لا يقل عن 20 عاماً في محكمة الإرهاب".


ووفق "محروس" قضى أربعة من الكادر الطبي ضحايا تحت التعذيب في أقبية أفرع المخابرات، منهم صيدلي متخرج حديثا اعتقل في الجامعة أثناء ذهابه للحصول على مصدقة تخرجه".


 *أهداف عسكرية
 وقالت "محروس": "إضافةً إلى الاعتقالات التعسفية الممنهجة للأطباء والكوادر الطبية، عمد النظام إلى استهداف المستشفيات والعيادات الخاصة التي استقبلت جرحى الثورة، بعمليات مداهمة واقتحامات مستمرة قبل تحرير الغوطة الشرقية وخاصة بعد مظاهرات أيام الجمعة, وبلغت نسبة المستشفيات المدمرة دماراً كاملاً 70%، أما عن المرافق الصحية فهي بنسبة 83% وبسبب الحصار انخفضت نسبة إنتاج الأدوية هي بنسبة تتجاوز إلى أكثر من 75%.


وأبدت "محروس" مخاوفها من انقطاع العمل الطبي وتوقفه عن أداء مهامه إذا استمر النظام في جرائمه واستهدافه للمستشفيات والكوادر وعدم توفير اللوازم الطبية الضرورية مطالبة المنظمات الطبية والإنسانية بتحرك عاجل لإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية للمناطق المحاصرة.


و"بعد تحرير عدد من مناطق الغوطة الشرقية في 28-10-2012، تعمد النظام سحب جميع الكوادر الطبية من المشافي العامة وفرزهم إلى مناطق تقع تحت سيطرته، ليحرم بذلك المدنيين من الخدمات الطبية الضرورية، والتي لا تقتصر فقط على مصابي الثورة بل ما يحتاجه المدنيون من علاج للأمراض العادية والمزمنة والإسعافية أيضاً"


 *أطفال التمريض
 أدى نقص الكادر الصحي إلى دخول غير الاختصاصيين في هذا المجال الحساس، فهذا "محمد" ابن 14 عاما، يعمل باندفاع شخصي مقابل راتب رمزي لإعالة أهله، بعدما ساعده ذكاؤه وذاكرته على حفظ أسماء معظم الأدوية والإسعافات الأولية.


بدأ في هذا المجال كعامل لكن فطرته وذكاءه أوصلاه إلى أن يكون مساعد ممرض، ويناشد "محمد" أطباء سوريا طالبا منهم "القليل من المسؤولية ففي الغوطة الشرقية المحررة لا يوجد سوى بعض أطباء جراحة عامة، والأطباء الذين يعملون مع المعارضة عددهم قليل وجميعهم تركوا البلد وخرجوا بإجازة للمدن مع عائلاتهم.. للأسف".


وتوضح "محروس" أنه لم يبق من الجسم الطبي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة إلا قلة قليلة من الأطباء والاختصاصين من ممرضين وممرضات، حتى صرنا نجد بين المسعفين أطفالا, علما أن إصابات الحرب تتطلب صلابة وكفاءات وخبرات متنوعة.


لكن من هرب من الأطباء خارج البلد لم يعد, رغم النداءات المتكررة التي صدرت وتصدر من المدن والقرى السورية. وللضرورة أحكام وبات كل من له إلمام بسيط بقضايا الطب والاندفاع في سبيل قضية جلها إنساني يلقي بنفسه في خضم المعركة.


ووصفت "محروس" هروب الأطباء الاختصاصيين التاركين للعمل الإنساني بأنه بصمة عار بوجه كل طبيب سوري هجر إنسانيته، مؤكدة أن العمل الطبي لا علاقة له بما يجري من مواجهات سياسية وإن ربط النظام ذلك.

عمر الدمشقي ـ ريف دمشق –زمان الوصل
(118)    هل أعجبتك المقالة (122)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي