أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

طنِّش .. علي صقر*



في قديم الزمان.. وفي ذات يوم دخل رجل غريب قرية، سميت فيما بعد" كفر طنش" تجمع حوله الأهالي بعد أن ضربوه بالحجارة. وحين تمكنت هامته أن تتفادى إحدى الحجارة أصابت أذن شيخ القرية، وجراء تلك الإصابة أصبح يسمع نصف الكلمة. أما النصف الأخير فإن أعجبه سمعه وإن لم يعجبه" طنش" عليه هكذا سمي منذ ذلك اليوم بالشيخ" طنش" وفي إحدى اجتماعاته السرية مع الرجل الغريب دارت بينهما مباحثات وجولات.
ومنذ ذلك الزمان الى هذا الزمان.. مراسيل آلام. من حائط الطين الى حائط الإسمنت المسلح، مازال الناس يمشون بخوف. والسترة يا رب. فلنحكِ عن حائط الطين ولنترك الإسمنت للشيخ" طنش" 
-يا أبو رستم. ساعدني بدحل السطح.
-كتر الدحل بيهدم يا أبا جابر
-الشتاء سيأتي قاسياً. يا أبا رستم فإن لم تتم عملية الدحل جيداً سيدلف السقف! 
أتى الشتاء بالسيول وجرفت جزءاً كبيراً من القرية. 
في قديم الزمان. قبل الطوفان. ومن غرفة الشيخ" طنش" حيث كانت تتالى جلساته مع الغريب:
-أستغفر الله. وإن لم يحدث هذا!
الشيخ الغريب: سأدعهم يركضون ورائي بالحجارة.
على شاطىء البحر كانت مجموعة من الرجال ممن جرفهم السيل. يراقبون بزوغ الشمس بشيء من الأمل. أكثر من ألف ومائة موجة خيبت آمالهم. وما بين الألفين والعشرة آلاف..
جبال من الموج تجتاح الهضاب والسهول حاملة على ظهرها عدة قطع من الخشب والبلاستيك من جهات عدة.
التقطوها دون أن ينصبوا الشباك.
في السوق باعوها واسكتوا أفواه أطفالهم. 
ومع كثافة الأمواج. طوروا طريقتهم بصيد السمك بعد أن هاجر بعضهم بعكس الموج فكانت لهم عصا موسى. 
خرج الشيخ طنش من غرفته وهو يقول لمن بقي في القرية:
-ألم أقل لكم إن الشيخ الغريب رحمه الله، حكى عن الطوفان قبل أن يقع. وقال:
اليوم أفضل من الغد. وإني من بعده. ثم تلمس أذنه الطرشاء وتابع. لعنة الله على كل من رجمه بحجر. 
من هذا الزمان وهذا المكان اجتمع المختار مع الشيخ ووجهاء القرية. وقرروا بناء ضريح للشيخ الغريب. أحد الذين هاجروا بعصا موسى. بعث من هناك بالرخام لتلبيس الضريح الذي زين بالآيات وشق الطريق إلى الجبل مكان الضريح بعد أن زود بالماء والكهرباء .
حمدان قال لعائلته: إن لم نكن قبل الفجر عند المقام فلن نجد مكاناً.
أخذ المقام يعج بالبشر القادمين من البحر الى الجبل. وكبرت هيبة المقام وتحول الى مشفى روحي بعد أن كثرت الأحاديث حول معجزاته. الأكثرية تقول إن الشيخ الغريب شفى فلاناً…
ولاأحد سأل من هو الغريب. ولماذا سميت القرية" كفر طنش" أما أبو جابر فبعد أن حصن سطح بيته الترابي بدحله جيداً. قال لمن بقي في القرية: 
-ألم أقل لكم إن لم يتم دحل السطح جيداً سينهار.. وإن هذا الغريب رجل استغله الشيخ طنش والقرية كلها" تطنيش". 
ومن هذه الأزمنة انهار أبو جابر مع أم جابر وبقي جبر. الذي قال لمن حولـه في جلسة سميت فيما بعد محاضرة.. اطروحة.. ومن ثم رسالة… ومن ثم.. 
" بعيداً عن كل شيء. والضريح رمز يذكر فيه اسم الله. أصبح من المزارات التقليدية بالإضافة الى كونه مكاناً سياحياً مجانياً للفقراء حتى الآن لم يجرؤ أحد على استثماره." 
أكثر من مائة ألف موجة لطمت وجه جبر الآن وهو يرى قوارير الماء تملأ من أرض الضريح للمرض وتصدر للمغتربين. 
الكل يقول المياه تظهر من أرض الضريح للمؤمن فقط والكل تناسى الفيزياء. الكل يقول شاهدوا النجوم " الملائكة" تزور الضريح والأكثرية تجاهلت علوم الفلك. 
في قديم الزمان. وفي يوم من الأيام دخل رجل غريب قرية سميت فيما بعد" كفرطنش" تجمع حولـه الأهالي وضربوه بالحجارة. وكان هذا الغريب يدعى جبران بن جابر بن جبر بن…. 

كاتب سوري
(140)    هل أعجبتك المقالة (159)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي