أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تركيا "عقدة" السياسة الأسدية.. تراكمات طائفية وتوازنات تحالفية تقف أمام صفقة "الخندق الواحد"

لتركيا الحق في الدفاع عن نفسها، ونحن في سوريا نعتبر حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية".. هكذا كان مضمون تصريح بشار الأسد أواسط الشهر العاشر من عام 2007، معلقا على اختراق القوات التركية للحدود العراقية وتنفيذ عمليات ملاحقة واشتباك مع مقاتلين أكراد هناك.

تصريح بشار جرّ عليه يومها كثيرا من الانتقادات حتى من حلفاء، أفلت زمام صمتهم حيال "وقاحته" التي سموها بلغة دبلوماسية "تجاوزا لكل الخطوط الحمراء"، كما ورد على لسان الرئيس العراقي وقتها جلال الطالباني، وهو الذي عرف عنه بأنه من أكثر الساسة العراقيين المدينين لنظام الأسدين، الوالد والولد.

اليوم ومع مطلع الشهر العاشر من 2014، هناك نذر جدية لتدخل تركي مباشر في سوريا، وإرسال قوات حاشدة لملاحقة تنظيم تعده "أنقرة" -كما نظام بشار- تنظيما "إرهابيا"، فهل سيصرح القابع على رأس السلطة في دمشق بحق تركيا في "الدفاع عن نفسها" تجاه تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي تحرش مؤخرا برمز من رموز السيادة التركية على الأرض السورية، عندما حاصر ضريح جد العثمانيين "سليمان شاه" وتجرأ على الجنود الأتراك المكلفين بحراسته.

بين 2007 و2014، مرت مياه كثيرة تحت جسر العلاقة التركية السورية، لابل إن طبيعة هذه "المياه" ولونها تبدلا كلياً، لكن الحرب على "الإرهاب" و"التطرف" تبقى ثابتا لدى نظام الأسد، كونها الحرب التي أعطت حافظ رصيدا عربيا ودوليا، مكنه من البقاء في كرسيه 3 عقود لم يقطع استفراده فيها إلا الموت، وهي –أي الحرب على "التطرف" و"الإرهاب- من رمت بقشة خلاص، أنقذت بشار إلى حين، بعدما كان نظامه مشرفا على الغرق.

"حربائية" السياسة الأسدية التي يراها مريدو المدرسة النفعية "براغماتية" ناجعة، ويدافع عنها آخرون بوصفها سياسة "حافة الهاوية" الناجحة، لاتترك مجالاً لاستغراب أي شيء، وفي موقف النظام من "التحالف" الذي يضرب عمق الأراضي السورية ليل نهار، خير دليل.

هناك "خندق" يريد بشار أن يرمي نفسه فيه بأي ثمن، هو خندق "محاربة الإرهاب"، فهو المخرج الوحيد المتروك لهذا "الرجل" كي يعاد تعويمه وتأهيله، ولكن تركيا اليوم بما تثيره من مكنونات البغض الموروث في صفوف طائفة بشار، المتوزعين على الأرض السورية والتركية، وبما تحمله من عوامل التناقض مع مؤيديه الأكراد، المتوزعين على الأرض السورية والتركية أيضا.. تركيا بهذين المعنيين تحديدا ولدى هذين الجمهورين بالذات، يحمل صمت النظام أو موافقته على مشاركتها نفس "الخندق" أكثر من معنى، وقد يحدث انشقاقات غير مسبوقة في صفوف هذين الجمهورين، تهوي بـ"القائد" إلى مكان لايحسد عليه.

تبقى تركيا عقدة في السياسة الأسدية، سواء كانت حليفا كما في سنوات "العسل" القليلة، أو خصما أو عدوا، كما كانت على أيام الجنرالات وأيام الثورة السورية.. تبقى تركيا العقدة، لعوامل تاريخية وتراكمات طائفية وحسابات عسكرية وتوازنات تحالفية، على بشار شخصيا أن يتجازوها قبل أن يجبر نفسه أو يُجبر على النزول مع تركيا في نفس "الخندق".

إيثار عبدالحق-زمان الوصل
(98)    هل أعجبتك المقالة (94)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي