تلقى تجار في حمص من أصحاب المنشآت الوقفية تهديدا من مديرية الأوقاف أمهلت فيه، حتى آخر العام الجاري، أصحاب العقارات من محال تجارية ومكاتب وعيادات ومنازل ومستودعات ممن تعود ملكيتها إلى مديرية الأوقاف وباعتهم إياها خلوّاً أي "فروغا" أو هبة، وفقا للقوانين والأعراف المتداولة في الوقف الإسلامي، بمعنى أن الملكية الشكلية هي للأوقاف التي تأخذ بدل إيجار سنوي وتعويضا ماليا جيدا من المشتري والبائع على حد سواء ويبقى المستأجر هو المالك الغعلي للعقار كونه دفع في سبيل شرائه ملبلغا ماليا يوازي تقريبا السعر الحقيقي للعقار في حال كان يحمل سند تمليك "طابو".
والغريب أن جميع هذه العقارات إما مدمرة أو متضررة جراء قصفها من قبل جيش النظام، وإما خاوية على عروشها وأصبحت يبابا صفصفا بعد أن سرق بضائعها ومحتوياتها مرتزقة الشبيحة من مؤيدي الأسد.
والأمر الأكثر غرابة هنا، كما يقول مراقبون، أن نظام الأسد ممثلا بمديرية أوقاف حمص يطالب أصحاب المحلات بدفع بدلات إيجار عن أعوام 2012 و2013 و2014. وخلال هذه السنوات الثلاث بقيت محلاتهم مغلقة، بل وأضحت مدمرة ومن بقي منها بحالة سليمة جاء أنصار الأسد من سكان الأحياء والقرى الموالية له وسرقوها ولم يبقوا لأصحابها شيئا بل وأحرقوها والأمثلة على ذلك كثيرة كأسواق حمص القديمة التي بقيت بضائع المحلات سليمة في مكانها حتى خروج الجيش الحر من حمص المحاصرة، إثر اتفاق مع النظام في أيار/مايو الماضي.
وما يثير الاستغراب هنا أن نظام الأسد رفع مؤخرا بدل الإيجار السنوي إلى ثلاثة أضعاف ما كانت حتى بداية عام 2011، فالمحل التجاري الذي كان يدفع حينها للأوقاف 15 ألف ليرة سنويا كبدل إيجار أصبح لزاما على صاحبه أن يدفع 45 ألف ليرة.
واللافت هنا أن عددا من أصحاب تلك المحال والعقارات قد نزح عن حمص نتيجة سياسة التهجير الطائفي الممنهجة التي يمارسها نظام الأسد في حمص على مدى أكثر من ثلاث سنوات من عمر الثورة السورية.
وثمة الكثيرون منهم محاصرون في حي الوعر منذ أشهر طويلة.. والبعض الآخر يقطن في الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام، ولكنهم يعيشون أوضاعا وظروفا مادية صعبة للغاية، وبالكاد يستطيعون تأمين قوت يومهم ومصاريف أسرهم في ظل ارتفاع الأسعار، فما بالك بمبالغ مالية كبيرة لعقارات يملكونها على الورق فقط ولا يستطيعون الاستفادة منها أو استثمارها لغايات تجارية حيث يمنعهم النظام من إعادة فتح محالهم التجارية وخاصة في أسواق حمص القديمة وسوق الناعورة وغيرها..!
ولعل هذا ما يزيد الشكوك في ما يرمي إليه النظام وخاصة خطوته الأخيرة بتهديده لأصحاب العقارات الوقفية بضرورة تسديد بدلات الإيجار المضاعفة التي فرضها عليهم حتى نهاية العام الحالي وإلا سيقوم ببيعها بالمزاد...!!؟
وهذا يعني إفراغ وسط حمص التجاري من أصحابه الحقيقيين.
كما يثير المخاوف مجردا عن حقيقة ماكان يخطط له النظام لحمص من تغيير ديموغرافي عبر بوابة ما أسماه بـ"مشروع حلم حمص" مع العلم أن قيمة هذه العقارات في قلب حمص وحدها تتجاوز عشرات المليارات من الدولارات..!؟
فمثلا كان سعر المتر المربع للمحل التجاري قبل قيام الثورة في أسواق حمص الأثرية يتجاوز الخمسة ملايين ليرة سورية.
وكان الكثير من أصحاب المحلات التجارية في أسواق حمص القديمة والناعورة والدبلان وجورة الشياح والحميدية، وغيرها قد تلقوا تبليغا شفهيا أو مكتوبا أو عبر إعلان نشرته الأوقاف في الصحف الرسمية أو من خلال قراءة بعض التجار للإعلان نفسه الذي علقت نسخة منه مديرية أوقاف حمص في مقرها المؤقت في حي الملعب البلدي.
مأمون أبو محمد -زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية