في بداية الثورة المباركة كان معظم السوريين يخشون أن تتدخل قوات دولية كأمريكا أو حلف النيتو وتسقط الأسد. ويأتي معارضوه الذين لم يولدوا حتى في سوريا إلى سدة الحكم على ظهر الدبابة الأمريكة أو أجنحة طائرات النيتو.
وقد رددت آلاف الحناجر السورية في مظاهراتها (نحنا مانحتاج النيتو . نحنا نجيبو من نص بيتو . ياريتو يعرف ياريتو شو معنى كلمة ثوااار)، في تعبيرهم عن رفضهم للتدخل الأجنبي العسكري.
لكن عندما تصاعدت وتيرة الاحتجاجات المناهضة للأسد ونظامه واستشرس في قمعها، طالب السوريون بالحماية الدولية في جمعة حملت هذا الاسم. فلم يسمع لهم أحد، تكررت نداءاتهم للدول الغربية والعربية بحظر جوي ومنطقة عازلة وتسليح عسكري فقط يكون طريقا للثوار للتقدم يصنعون به نصرا وطنيا خالصا ...فلم يسمع منهم أحد.
كل هذه المعطيات والعوامل السابقة أدت لليأس من الغرب والأمريكان ووعودهم الكاذبة. فتنامى الفكر الجهادي في الساحة السورية حتى لدى بعض الكتائب التي تحسب على الجيش السوري الحر، ليجد تنظيم القاعدة وفروعه من "جبهة النصرة" وتنظيم "الدولة الإسلامية" أرضا خصبة لمشاريعهم الجهادية.
وسرعان ما انتشر الفكر الجهادي في سوريا وأضحى هو المسيطر على الساحة، وفي الحرب ضد الأسد وحلفائه الشيعة الذين دخلوا أيضا بفكرهم الديني المضاد للفكر الجهادي السني. لتصبح المعركة في سوريا بالنسبة لهؤلاء الجهاديين هي معركة مجاهدين مسلمين يسعون لبناء دولة إسلامية ومحاربة النصيرية والروافض، ومن سموا بالصحوات من كتائب الجيش الحر في وقت لاحق ..الى أن تم الأمر في النهاية لهؤلاء الجهاديين رغم خلافاتهم التنظيمية فيما بينهم وماحدث من صراع على مناطق النفوذ بين "جبهة النصرة" و"تنظيم "الدولة.
ليستتب الأمر فيما بعد لتنظيم "الدولة" الذي أعاد تنظيم صفوفه من جديد بعد انسحابه من ريف إدلب وبعض مناطق ريف حلب والانضمام إليه من قبل الكثير من عناصر النصرة الذين يحملون الفكر ذاته.
فاتخذ التنظيم من المناطق الشمالية الشرقية في سوريا في محافظتي الرقة ودير الزور منطلقا له لغزو العراق ومحاربة من يسميهم الشيعة الروافض فكتب له ما أراد. فعاد إلى سوريا حاملا معه الغنائم والأسلحة الأمريكية التي استولى عليها من ثكنات الجيش العراقي. وما هي إلا أيام على هذا النصر الكبير له حتى أعلن تنظيمه باسم (دولة الخلافة الإسلامية)، متخذا من الرقة عاصمة لها، لتكون الفرقة 17 واللواء 93 آخر معاقل الأسد في المحافظة المذكورة صيدا ثمينا وسهلا واكتملت الوليمة بتحرير قاعدة الطبقة الجوية في المدينة ذاتها لتصبح الرقة أول محافظة خارج سيطرة الأسد، فتسارعت مع الأيام قوة التنظيم التي رآها الغرب والعرب تهديدا خطيرا لهم. فاحتشدوا وحشدوا وصمموا على ضرب نواته وشل حركته والقضاء عليه. فأعدت العدة بانتظار ساعة الصفر، ليكون فجر اليوم الثلاثاء الموافق 23 / 9/ 2014. لتدك الطائرات الأمريكية وحلفاؤها من الجو والبحر عدة أهداف لتنظيم "الدولة الإسلامية" في الرقة و"جبهة النصرة" في إدلب وسط ذهول وترقب من السوريين الذين تحولت بلدهم الى أشبه بغربال مليء بالثقوب بفعل قذائف وصواريخ الأسد التي لم تترك مكانا لسقوط قذائف وصواريخ الأمريكان وحلفائهم من الغرب والعرب.
المحامي عروة السوسي مشاركة لـ"زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية