أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"محمد السلامات" أسعف جرحى "فزعة حوران" وارتقى شهيداً!

محمد السلامات

كان يوم الثالث والعشرين من آذار عام 2011 يوماً مفصلياً في تاريخ الثورة السورية تعمدت دقائقه وساعاته بالدم الطاهر، حينما خرج أهالي القرى في درعا صباح ذلك اليوم متوجهين من مدينة الحراك بعد أن اجتمعوا فيها سيراً على الأقدام لتلبية نداء الفزعة وفك الحصار عن محاصري الجامع العمري، وكان عدد المتظاهرين آنذاك يُقدّر بالمئات وهم يردّدون (فزعة فزعة يا حوران) و(الشعب يريد إسقاط الفساد) و(الله سورية حرية وبس).

وقبيل غروب شمس ذلك اليوم وتحت زخات المطر بدأ المتظاهرون بالوصول إلى مدينة درعا يحملون أغصان الزيتون و يصرخون (سلمية- سلمية) ولدى اقترابهم من بناء "البانوراما" بمدينة درعا فتح لهم حاجز للجيش الطريق سامحاً لهم بالدخول، ولم يعلم المتظاهرون أن هناك نية مبيته من قوات الأمن لارتكاب مجزرة بهم، وعندما أصبح المتظاهرون منتشرين على طول الطريق بين سكة القطار بدرعا المحطة ومبنى نادي الضباط أعطيت أوامر من مبنى نادي الضباط بفتح النار عليهم وانهال الرصاص على المتظاهرين من مبنى الأمن السياسي ومبنى نادي الضباط ومبنى بيت قائد الشرطة ومن بيت المحافظ فارتقى عشرات الشهداء من أبناء قرى درعا برصاص القناصين وكانت أغلب إصاباتهم في الرأس والعنق مما يشير إلى نية القتل العمد، ومن بين أوائل الشهداء في ذلك اليوم الشهيد (محمد السلامات) الذي استهدفه قناص أثناء محاولته إسعاف بعض المتظاهرين.

واستشهد معه "جمال محمد إمام" و"مجدي راكان التركماني" و"محمد أحمد السلامات" -وهو غير الشهيد محمد و"أحمد محمد أبو صافي".

زوجة الشهيد (أم نور الدين) تسرد ما جرى ذلك اليوم لـ"زمان الوصل" قائلة:
خرج زوجي ذلك اليوم مع العشرات من أهالي الحراك الذين مشوا لمسافة 35 كيلو متراً سيراً على الأقدام تلبية لفزعة حوران، لم يكونوا مسلحين على الإطلاق، بل سلمييّن حملوا أغصان الزيتون الذي يعبر عن السلام ونادوا (سلمية .. سلمية) وكان الهدف من هذه المظاهرة السلمية الاحتجاج على مقتل شهيدين في اليوم الذي سبق الفزعة وفك الحصار عن المصلين المحتجزين داخل المسجد العمري.

*الموت القادم من اللواء 52 !
وتضيف "أم نور الدين" أن الأمن كان يعرف مسبقاً أن أهل القرى سيأتون إلى درعا البلد ولذلك تأهبوا بسلاحهم واستنفروا فروعهم ومخافرهم، وعند بداية دخول المتظاهرين إلى الساحة العامة في محطة درعا أطلقت قوات النظام الرصاص الحي عليهم وكان زوجي"محمد السلامات" أحد شهداء فزعة حوران، حيث تم قنصه أثناء قيامه بإسعاف مصابين قبله، وظل ينزف لدقائق قبل أن يتم إسعافه إلى بلدة (عتمان) التي كانت مقطوعة من الكهرباء والاتصالات والخدمات الطبية فيها سيئة فتم نقله إلى بلدة (طفس) حيث استشهد هناك. وتردف أم نور الدين: بعد استشهاد زوجي بحوالي الشهرين أصبحت "الحراك" تتعرض للقصف وحملات المداهمة والاعتقالات، وكان منزلنا القريب من اللواء 52 الذي كان جيش النظام يقصف منه بيوت المدنيين القريبة يهتز ليل نهار من أصوات القذائف فأضطر لإنزال أولادي إلى غرفة تحت الطابق الذي أسكن فيه وعشت معهم حالات رعب حقيقي وهلع من أصوات القذائف والانفجارات التي تسبب بقتل العشرات من أهالي "الحراك". 

مسمار "كهربائي" في الظهر!
فقدت أم نور الدين إلى جانب زوجها الكثير من أقاربها ومنهم شقيق زوجها، ووالدها الشهيد "كمال السلامات" الذي استشهد أثناء خروجه من صلاة الجمعة في مسجد "أبو بكر الصديق" بعد أن استهدفت المصلين قذيفة هاون ارتقى على إثرها 11 شهيداً من مدينة الحراك، وكان والدها قد تعرض -كما تقول- لاعتقال قبل استشهاده استمر لأكثر من أسبوعين تعرّض خلالها لتعذيب وحشي، وكانت عظام صدره مهشمة عند خروجه، ولكنه لم يكن يتحدث عن ظروف اعتقاله خوفاً من تأثرنا، وعلمنا من رفاق له خرجوا من المعتقل أن جلاديه كانوا يمنعونه من دخول الحمام رغم أنه أجرى عملية للمرارة، وكانوا يغرزون في ظهره مسماراً تم توصيله بتيار كهربائي وتعذيبه بهذه الطريقة كي يعطيهم أسماء الثوار والناشطين في "الحراك". 

ويتدخل الناشط منير قداح ليتحدث لـ "زمان الوصل" عن حالات تعذيب وحشية أخرى تعرض لها أهالي الحراك على يد قوات النظام، فلدى اقتحام "الحراك" بتاريخ 18/ 8 /2012 دخل شبيحة النظام إلى منزل رجل مسن يبلغ من العمر 102 سنة فقاموا بقتله وحرقه بعد سكب مادة الكاز على جثته لأنه قاومهم بفأس كان يحمله، كما تم قتل مؤذن مسجد عمر بن الخطاب الذي تجاوز الثمانين من عمره لأنه كان ينادي على أسماء الشهداء في "الحراك".

ويذكر قداح أنه صوّر طفلاً من بلدة "الصورة" أثناء الفزعة تم قنصه في خده بطلق متفجر وعندما جاء أخوه ليسعفه تم قنصه أيضاً برصاصة في صدره.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(127)    هل أعجبتك المقالة (115)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي