لم يكتفِ السوريون بما لحق بهم من قتل ودمار واعتقال وتشريد بعد ثورتهم على فساد نظام الأسد، ليواجهوا فسادا لاحقهم إلى موطن تشردهم، أبطاله هذه المرة محسوبون على الثورة.
"زمان الوصل" ترصد قضية فساد جديدة ضحيتها أطفال صار مستقبلهم مرهونا بين نظام أراد أن يرضعهم حليب الاستبداد، وانتهازيين ركبوا موجة الثورة ليتاجروا بالأجيال بحسب وصف المصدر.
قصة اليوم تفتح بابا جديدا من أبواب السرقة والشحاذة باسم السوريين، والتي صارت مهنة من يسهل الهوان عليه، وأبطال القصة ممن يُفترض أن يكونوا حاميها، ولكن يبدو أن المقولة السورية لن تتغير؛ فـ"حاميها حراميها"!
*بداية القصة
يحكي عضو المجلس الوطني فواز محمد كردي، أنه خلال زيارة له لمدينة غازي عينتاب قرر افتتاح مدرسة خاصة غير ربحية للأطفال السوريين، وذلك بعد أن لاحظ كردي أن أولاد أخيه لم يتمكنوا من الدخول إلى المدرسة، التقى كردي بالمدرس "محمد -و" بحضور أحد الأتراك المهتمين بالأمر.
المدرس المذكور أعلم كردي عن حاجته مبلغ 30 ألف دولار لاستئجار مبنى المدرسة، فمنحه كردي نصف المبلغ مبدئياً وسافر إلى دبي، تاركا له متابعة الإجراءات.
*كرم الأتراك
المدرس "محمد-و" أعلم كردي، أن وزارة التربية التركية أعطتهم مبنى المدرسة مجاناً، فكان رد كردي: "الأتراك ليسوا أكرم مننا، فلتكن المدرسة مجانية، وأنا أتكفل بكافة المصاريف، لكنهما قررا في النهاية أن يدفع الطالب القادر مالياً مبلغ 100 ليرة تركية في كل فصل، وأن توضع أسماء الطلاب غيير القادرين على تأمين هذا المبلغ في لائحة خاصة، ليدفع كردي المبالغ التي تترتب عليهم، وعلى ذلك طلب المدرس من كردي مبلغ 40 ألف دولار إضافية كنفقات للفصل الأول.
وبالفعل تم الافتتاح، وفي نهاية الفصل الأول قرر كردي زيارة المدرسة التي أُطلق عليها اسم "رواد المستقبل"، "ولكن شيئاً ما يحدث خلف الكواليس، فتوتر المدرس "محمد-و" والمحاسب "جلال-ح"، يصعب تفسيره، كما يقول كردي الذي فوجئ بوجود محاسب جديد متوتر من وجوده، غير أن المدرس فسر له بأن الائتلاف فرض المحاسب عليه، وطلب منه عدم إخباره بتفاصيل الأموال التي تم صرفها على المدرسة!
تعرف كردي على الصفوف والطلاب، بصفته مفتشا مندوبا من وزارة التعليم، بحجة إخافة المعلمين، هكذا كانت رغبة المدرس.
وخلال تعرفه على المدرسة، لاحظ كردي وجود معاطف شتوية في المستودع، عندما استفسر عنها، علم أنها إهداء للطلاب السوريين من إحدى الجمعيات الخيرية التركية، إلا أن المدرس "محمد-و" وزع فقط بعضها على الطلاب، وخبأ الباقي الأمر الذي أثار استغراب كردي.
ولكن لم تستغرق الحقيقة وقتاً طويلاً قبل أن تصل إلى كردي، فبعد أيام علم كردي بأن كلاً من المدرس والمحاسب، حصلا على أموال طائلة من جهات سورية وسعودية لدعم المدرسة، على الرغم من إمدادهما بالأموال من قبل كردي في الوقت ذاته.
وعندما فاتش كردي المدرس "محمد-و" بالقصة، كان رد الأخير: هذه المدرسة لي، ولا علاقة لك بالأمر!
*مندوب الائتلاف في عينتاب
اشتكى كردي لمندوب الائتلاف في غازي عينتاب ياسر الزاكري، الذي أعلمه بأنه سيجري تحقيقا في الأمر، وبعد عدة أيام توصل الزاكري إلى أن المحاسب "جلال-ح"، شريف وأنه سيعيد الأموال التي أخذها، وأن المدرس "محمد-و" يعيد إجراءات الميزانية ولذلك حدث خطأ، بمبلغ 800 ليرة تركية فقط الأمر الذي لايستحق كل هذه الجلبة!
لم يقتنع كردي بنتائج تحقيق ياسر الزاكري، خاصة عندما علم أنه يحاول الضغط على وزير التربية في الحكومة المؤقتة ليحصل على ترخيص لمدرسة ثانية للمدرس نفسه "محمد-و"!.
*مصاب الثورة
وكان من المفترض أن تستلم المربية نسرين الجندي إدارة مدرسة "رواد المستقبل" عوضاً عن المدرس "محمد-و" وذلك بعد أن رشحتها لذلك الهيئة التعليمية، إلا أن ياسر الزاكري استبدلها في اللحظة الأخيرة، بعد أن ضغط على الهيئة، وتم الاتفاق على أن تكون الجندي نائب المدير بحسب الجندي.
ووفق الجندي، وصل المدير "محمد" إلى مبنى الهيئة مع حراس شخصيين لحمايته!
تضيف الجندي: "عندما وصلنا إلى المدرسة، بدأ المحاسب وأمين السر "جلال-ح" بمضايقتي والتشاجر معي"، الأمر الذي دفع الجندي إلى التخلي عن المنصب، خاصة بعد أن سمعت عن عمليات النصب التي تجري في المدرسة بحسب وصفها.
ويحكي كردي أن الزاكري فرض "محمد" كمدير للمدرسة، بحجة أنه أحد مصابي الثورة، ولكن تبيّن أنه مصاب بحادث سير تعرض له في تركيا!
*تحقيق أمني
تقول الجندي إنها كتبت ملفا فيه تفاصيل سرقات وتعديات "جلال-ح"، وأرسلته إلى الائتلاف، مؤكدةً وجود شهود على التعديات التي ارتكبها، ومن جهته أكد الائتلاف للجندي أنهم سيحضرون إلى عينتاب للتحقيق في الملف، ولكن أحداً لم يأتِ، وتجدر الإشارة إلى أن المحاسب "جلال-ح" يعمل حالياً في الحكومة السورية المؤقتة في وزارة البنى التحتية والزراعة.
وتم الاكتفاء بتحقيق الزاكري مع الجندي لمدة 6 ساعات، وتقول الجندي حول التحقيق: "سألني عن عائلتي وماضيي، وكأنه عنصر أمن".
ولأن فتح ملف المدرسة، بعيداً عن أعين الصحافة لم يجدِ نفعاً، يأمل كل من الجندي وكردي، بأن يتحرك الائتلاف بعد فضح المتورطين لإيقاف عمليات النصب التي تحدث باسم الطلاب السوريين.
"زمان الوصل" ستعمل على نشر المزيد من الملفات بالأسماء التفصيلية إذ لم يتحرك الائتلاف، نظرا لخطورة ماورد في شهادة كردي والجندي…
لمى شماس - اسطنبول - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية