أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"ضيوف أم لاجئون" محاضرة تبحث في وضع السوريين في تركيا وتحلل أسباب الاعتداء عليهم

شناي أوزد والكاتب ياسين حاج صالح

نظّم البيت الثقافي السوري في اسطنبول "هامش" محاضرة بعنوان "ضيوف أم لاجئون؟" للإضاءة على نظام اللجوء في تركيا والمهجرين السوريين، للباحثة التركية "شناي أوزدن".

وخلال المحاضرة أوضحت الباحثة التركية أمس أن معظم السوريين الموجودين في تركيا قدموا من الأجزاء الشمالية السورية هرباً من قصف النظام اضطهاده ومؤخراً هرباً من داعش، مبينةً أنه يوجد في تركيا 843 ألف سوري مسجلين، نصفهم من النساء وأكثر من 55% منهم أطفال دون الـ 16، وأنه يعيش نحو 230 ألف في مخيمات اللجوء، المقامة في عشر مدن تركية تقع على الحدود السورية التركية، كما يتجاوز عدد اللاجئين السوريين في تركيا المليون.

ووفق الباحثة يجري تسجيل سوريي المخيمات من قبل الوكالة التركية لإدارة الكوارث "آفاد"، بينما يتم تسجيل السوريين الحاصلين على جوازات السفر -نسبتهم ضئلة جداً- عند إدارة البوليس الخاصة بالأجانب، وهؤلاء يحصلون على إقامة في كافة المدن التركية باستثناء مدينتين، أما السوريون المقيمون في المدن وغير الحاصلين على جواز سفر، فيتم تسجيلهم عند "آفاد" أيضاً. 

"أوزدان" بينت أن المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة لاتقدم أي دعم مادي للسلطات التركية، إنما تكتفي بالمراقبة وتسجيل حالات العودة الطوعية إلى سوريا.

*35 لاجئا أوربيا لهم الأولوية!
وبحسب "أوزدان"، تُعرف تركيا اللاجئ حسب معاهدة جنيف، وفق تقيدات جغرافية، تُمنح خلالها الأولوية للاجئين القادمين من أوروبا، وعددهم 35 لاجئا فقط!
وتبيّن الباحثة أن اللاجئين الأوروبين يُصنفون تحت عنوان "اللاجئون بشروط" ويجري تسجيلهم في وزارة الداخلية، وعند المفوضية العليا للاجئين التابعة للأم المحدة، وينتظر هؤلاء في تركيا ريثما يتم توطينهم في بلد ثالث، ويعرف هذا الوضع بأنه "حرية محددة"، يتمتع المنضوون تحته بهوية خاصة بالأجانب وبإقامة مدتها 6 أشهر خاضعة للتجديد، وبإقامة محددة في واحدة من 63 مدينة تركية، وفي آخر إحصائية اتضح أن عدد اللاجئين تحت اسم "حرية مقيدة" يقارب الـ 100 ألف، 41% منهم من العراق، و21 من أفغانستان، و19% من إيران.

وتضيف "أوزدان": الصنف الثالث للاجئين يطلق عليه اسم "الحماية الثانوية"، وهؤلاء هم اللاجئون غير الأوربيين الذين ممكن أن يتعرضوا للقتل والتعذيب إن عادوا إلى أوطانهم، وهؤلاء يتمتعون يالعلاج المجاني.

* كانوا ضيوفا
وتشرح الباحثة وضع السوريين منذ بداية تدفقهم إلى تركيا، موضحةً أنه في بداية الـ 2011، اعترفت الحكومة التركية بهم، كتدفق جمعي للاجئين وأسست نظاماً خاصاً بهم، بقصد الإيضاح أن لهم وضعا خاصا، وأنهم لا يندرجون تحت أصناف اللاجئين الثلاثة سابقة الذكر، ويبدو أن العراقيين القادمين حديثاً إلى تركيا يندرجون أيضاً تحت هذا الصنف الجديد الذي يسمى بـ"الحماية المؤقتة" على الرغم من أن القواعد الضابطة لهذا الصنف لم ترسم بشكل واضح بعد. 

وتتابع أوزدان: في أكتوبر 2011، كانت لغة الضيوف شائعة في الخطاب الرسمي، وفي آذار 2012 صدر أمر إداري سري، لم يُعمم، تسرب منه أنه ينطوي على ثلاث توجيهات؛ أولاً سياسة الحدود المفتوحة، ثانياً منع الإبعاد القسري للسوريين، ثالثاً تغطية الاحتياجات في المخيمات.
وتردف: لكننا نعلم من التطبيق على الأرض أن البندين الأولين لا يطبقان دوماً.

ووفق الباحثة تم تأسيس المديرية العليا لإدارة الهجرة مؤخراً، وهي أول مديرية تهتم بأمور اللاجئين الأجانب، إذ كانت الشرطة قبل ذلك تهتم بتنظيم أمور اللاجئين.

وأصدرت المديرية قانون الأجانب والحماية الدولية الذي ينص على تقديم الحماية المؤقتة للأجانب الذين وصلوا إلى تركيا أو عبروها في تدفق جمعي، وهم لا يستطيعون العودة إلى بلدهم، القسم الثاني من القانون الجديد قرر أن حقوق وواجبات استقبال اللاجئين ستُحدد بأمر يصدر عن مجلس الوزراء، وحتى الآن لم يصدر شيء عن المجلس.

لذلك فإن تفاصيل علاج وتعليم وعمل السوريين لم تحدد بشكل واضح حتى الآن، الأمر الذي يفتح الباب أمام الفوضى والقرارات المضطربة بشأن تنظيم أمور السوريين.

*السوريون "أعداء"
لكن لغة الضيوف لم تستمر طويلاً في الخطابات الرسمية، فوفق الباحثة يسهل اليوم ملاحظة التخلي عن لغة الضيوف والضيافة، دون تحديد قانون يرسم لغة التعامل البديلة مع السوريين.

وتحكي الباحثة أن أكثر ثلاث جمل سمعتها في عينتاب بخصوص السوريين هي:
 1- ياغريب كون أديب.
2- الضيف لا يطيل البقاء لهذا الحد.
3- الضيف لا يدخل إلى غرفة نوم المضيف، بمعنى تحديد أماكن تواجد السوريين في إشارة إلى المخيمات، وأن يبقوا في عزلة بعيداً عن الفضاءات العامة، وخاصة الحدائق والملاعب العامة.

وبذلك انقلب الخطاب الرسمي الذي اعتمد في البداية؛ "ضيوف"، إلى حالة عداء ونفور اجتماعي ويُخشى -وفق "أوزدان"- من أن غياب القوانين الضابطة للوجود السوري سيزيد حدة العداء. 

*النميمة
تنتقل الباحثة التركية للحديث عن الشائعات التي تنتشر حول وجود السوريين، فمن الشائع بين السكان المحليين، القول إن السوريين يحصلون على المواطنة بغرض المشاركة في الانتخابات لصالح الحزب الحاكم، وأنهم يتمتعون بالعلاج والتعليم والسكن المجاني، بالإضافة إلى إعانة شهرية.

ومن الطرف السوري صار من الشائع القول إنهم لايسجلون أسماءهم في تركيا، لأنهم يخشون إعادتهم قسراً من أوروبا التي يفكر كثير من السوريين بالانتقال إليها تهريباً، ويتداول السوريون أيضاً أن المظاهرات المعادية للسوريين تنظمها الأحزاب المعارضة.

* الحكومة تسمح بالاعتداء على الضيوف!
وبسبب تضارب القوانين، صار من المسوغ صدور بعض التصرفات العدائية من قبل السلطات التركية، ففي مدينة غازي عينتاب تمت إزالة اللافتات العربية عن واجهات محلات السوريين، وسيق السوريون إلى مراكز الشرطة، لبحث وضعهم، دون حتى إعلامهم بسبب أخذهم بالقوة.

وتقول الباحثة: رد فعل السلطات التركية يعادل ضوءاً أخضر من أجل مزيد من الهجمات ضد السوريين، فبدلاً من توضيح القوانين الخاصة بالسوريين اتبعت الحكومة التركية سياسةً زادت الأمر سوءاً.

ومن مسوغات الاعتداء على السوريين وفق الباحثة التركية؛ أولاً مشاكل الحصول على سكن وارتفاع أجور المنازل، ثانيا البطالة وتدني أجور العمال المحليين، وثالثاً صعوبة وصول السكان المحليين للقطاعات الصحية، وتحلل الباحثة المشاكل الثلاث لتوضح أن لا يد للسوريين فيها، ففيما يتعلق بالقطاع الصحي أوضح رئيس مجلس الأطباء في عينتاب أن المعتدي الحقيقي على القطاع الصحي التركي هو الإصلاحات التي يتم تنفيذها منذ 10 سنوات والتي حولت المشافي العامة إلى مراكز تجارية. 

وبخصوص مشاكل السكن فإنها كانت منتشرة أصلاً في عينتاب بشكل خاص بسبب قانون التحول الحضري الذي يهجر الفقراء من العشوائيات.

أما بشأن مشكلات العمل فإن عينتاب هي من أكثر المدن المصنعة في تركيا، لكن رغم ذلك فإن نسبة المنتمين للنقابات العمالية فيها لا يتجاوز الـ 4% فقط، الأمر الذي يشير إلى أن عدم تنظيم شؤون العمال يجعل السوريين أكباش فداء.

وتقول الباحثة: يترامى الفرقاء السياسيون والطائفيون الأتراك تهمة الاعتداء على السوريين وفق أساس سياسي، وعلى الرغم من أن لذلك صلة بشكل جزئي، لكن الاعتداء على السوريين مرتبط أيضاً ببنية المجتمع التركي.

*العلويون في مخيمات اللجوء
تؤكد الباحثة التركية أنه ليس صحيحاً أنه لا يسمح للعلويين والكرد الإقامة في المخيمات، لكنهم يتخوفون من الإقامة فيها خوفاً من ردات فعل ساكنيها، كما أن الحكومة التركية حسب الباحثة لا تبني لهم مخيمات خاصة خوفاً من أن تعتبر أنها تشجع على الفصل الطائفي وأثني، لكنها رغم ذلك بنت مخمياً خاصاً بالتركمان في "عثمانيا" في محافظة "هاتاي"، كما تم رصد حالات تمييز ضد الكرد في توزيع المساعدات.

لمى شماس - اسطنبول - زمان الوصل
(115)    هل أعجبتك المقالة (119)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي