كما في كل مرة، اختار نظام بشار الأسد كبش فداء جديدا، يستطيع أن يحمل عنه وزر قرارته القاتلة، وينفّس بعض احتقان المؤيدين، ممن بلغ سخطهم على شخص بشار مستوى غير مسبوق، وهم يرون أقاربهم يذبحون على يدي تنظيم "الدولة الإسلامية"، في مشهد تكرر 3 مرات بحذافيره وخلال فترة قصيرة وضمن نفس المحافظة (الرقة)، دون أن يبدو على بشار ونظامه أي اكتراث.
كبش الفداء هذه المرة اختاره بشار ليكون من رتبة عالية، بل ومن ضمن مربع النخبة العسكرية التي يغلب عليها لون طائفي معروف، حيث بث النظام عبر صفحاته المؤيدة خبر اعتقال من سماه "الخائن" اللواء "علاء رجب"، نائب قائد الفرقة 17 سابقاً، ونائب قائد القوات الخاصة.
مضمون الخبر الجديد يتناقض بشكل صارخ مع اللغة التمجيدية التي وصفت فيها تلك الصفحات "رجب" عندما فر مع عشرات الجنود من مقر الفرقة 17 نحو اللواء 93 في عين عيسى، حيث نعتته بـ"البطل".
وتناقل مؤيدون بعض التسريبات التي تقول إن النظام اعتقل "رجب" لأنه كان يرفع تقارير "كاذبة" عن جهوزية الفرقة 17 وقوتها، واستحالة السيطرة عليها، وهو ما تبين خلافه بعد مهاجمة تنظيم "الدولة الإسلامية" للفرقة وقيامه بقتل عشرات الجنود والضباط، فيما فر البقية هائمين.
ويخالف الحديث عن تقارير كاذبة، تلك الوثائق التي سبق لبعض النشطاء أن سربوها بعد اقتحام مقر الفرقة 17 والسيطرة عليها، وإحداها تحذر من هجوم وشيك للتنظيم، وهي للمفارقة موقعة باسم اللواء "رجب".
ففي برقية تحمل الرقم 417، وتاريخها 21/7/2014 أي قبل يومين من اقتحام الفرقة، يحذر "رجب" بشدة جميع ضباط الفرقة طالبا أخذ الحيطة والحذر من أي هجوم محتمل، قائلا: "احتمال كبير قيام المجموعات المسلحة بهجوم على الفرقة مستغلين مناسبة عيد الفطر لرفع معنويات المسلحين بعد الاخفاقات والخسائر الكبيرة التي وقعت بهم حول الفرقة أثناء محاولتهم الفاشلة".
وعدد "رجب" في برقيته جملة تعليمات مطالبا عقداء وعمداء الفرقة بتنفيذها، ذاكرا بالاسم المحاور المتوقع تحرك المهاجمين منها.
ووزع "رجب" في برقيته المهام على قادة القطاعات مشددا على التأكد من جهوزية الأسلحة وتنظيفها.
هذه المقارنة التي أجرتها "زمان الوصل" تثبت بما لايدع مجالا للشك أن اعتقال "رجب" تمهيدا لمحاكمته التي قد تفضي لإعدامه، ما هو إلا "تكتيك" جديد-قديم قرر النظام اتباعه لامتصاص نقمة مؤيديه، وإعادة ترميم ما تبقى من هيبته في عيونهم، لاسيما أنه طال ضابطا برتبة رفيعة ومن تشكيل عسكري حظي طويلا برعاية نظام الأسد (الوالد والولد)، هذا فضلا عن أن الضابط ينتمي لنفس طائفة بشار.
"رجب" كان قائدا لأركان الفرقة 17 عندما هاجمها التنظيم، وقد رقي قبل وقوع الهجوم بأسابيع ليحل في موقع نائب القوات الخاصة في عموم سوريا، لكنه لم يستطع القدوم إلى دمشق لتسلم المنصب على ما يبدو، إلا بعد فراره من مقر الفرقة!
وتعرف "القوات الخاصة" بأنها التشكيل العسكري الطائفي الأبرز، الذي كان له اليد الطولى في حماية نظام حافظ الأسد من الانهيار، وحسم معركته مع أخيه "رفعت" المتحفز للانقاض على كرسي الرئاسة، إبان ثمانينات القرن الماضي.
وتأتي خطوة اعتقال "رجب" بعد أيام من أحاديث تناقلها مؤيدون همساً، أكدت تصفية النظام 3 ضباط في حماة بتهمة الخيانة والتسبب بخسائر بشرية فادحة، وكان من بينهم ضابط برتبة عميد.


زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية