فقد الطفل "عمار ياسر السلامات" ذراعه وساقه إثر استهداف ملجأ كان يأوي نساء وأطفالا بصاروخ من إحدى قطعات جيش النظام المحيطة بمدينة الحراك في درعا، وخلّف الصاروخ عددا من الشهداء، والمصابين ممن بترت أيديهم وأرجلهم، أغلبهم من عائلة السلامات، وذلك في بتاريخ 24/07/2012.
وبعد أشهر من هذه المجزرة أجرت صحفية من جريدة "صنداي تايمز" لقاءً مع رأس النظام، وسألته عن طفل قابلته في الأردن، فقد يده وقدمه وخمسة من أقرانه خلال قصف تعرضت له بلدة الحراك، فلم يرد على السؤال وشكك أن يكون الطفل سورياً!
"زمان الوصل" زارت عائلة الطفل "عمار" في مدينة أربد الأردنية والتقت والده "ياسر السلامات"، الذي روى بعض تفاصيل ما جرى آنذاك قائلا:
صبيحة يوم 24/7/ 2012 كان مجموعة من الأطفال يلعبون فوق سطح الملجأ الذي يأويهم بعد هدوء نسبي للقصف، وفجأة سقط صاروخ فهرعتُ مع مجموعة من الشبان إلى المكان لنجد عشرات الجثث والأشلاء والمصابين، وكان ابني البالغ 5 سنوات ذاهباً إلى الحمام عند سقوط الصاروخ، فأصيب وقامت زوجتي بإسعافه إلى المشفى الميداني رغم انها أصيبت أيضا إصابة بليغة.
ويضيف والد عمار: بعد وصول ابني إلى المشفى كانت يده قد انفصلت عن كتفه في مكان الحادث وظلت قدمه معلقة، فقام الدكتور الشهيد "إياد الحمصي" بإجراء عملية فصل لكعب قدمه بسبب تفحمه من أثر الشظية، كانت قذائف قوات النظام تتهاوى على غرفة العمليات في المشفى الميداني الذي كان يُعالج فيه ابنه فأضطر للنزول إلى غرفة الملابس في الأسفل التي تضم أيضاً مغسل الموتى لأنام مع الجرحى والمصابين. وبعد أسبوع من بقاء عمار في المشفى الميداني وبمساعدة ناشط من درعا تم نقله إلى الأردن.
موت بالواسطة!
لم تكن رحلة عمار من درعا إلى الأردن أمراً هيناً في ظل الحصار والقصف كما يؤكد والده، إذ تم التوسط مع مدير ناحية الحراك الذي توسط بدوره مع الحاجز ودفعت عائلته مبالغ كبيرة حتى سمحوا لهم بالخروج إلى الأردن، وبعد وصول عمار مع عائلته المكونة من والديه وشقيقاته الثلاث إلى هناك تم إدخاله إلى أحد المستشفيات الأردنية حيث قرر الأطباء بتر قدمه مرة ثانية، نظراً لشدة التهابها وتأزم حالتها، وبمساعدة عدد من الناشطين تم نقله بعد عدة شهور إلى فرنسا، حيث تكفلت إحدى الجمعيات الخيرية الفرنسية بتركيب ساق اصطناعية له.

بعد عودة عمار من رحلة علاجه في فرنسا زارت عائلته صحافية بريطانية من جريدة "الصنداي تايمز" وكتبت تقريراً حينها سلطت فيه الضوء على حالته وحالة مئات الأطفال السوريين من مبتوري الأطراف، ويروي " ياسر السلامات" أن الصاحفية البريطانية عندما زارتهم تأثرت جداً وكانت تحتضن عمار وتبكي، وبعد أشهر ذهبت هذه الصحافية إلى دمشق لتجري لقاء مع رأس النظام فسألته عن طفل قابلته في الأردن وقد فقد يده وقدمه و5 من أصدقائه خلال قصف تعرضت له بلدة الحراك، ولكن بشار لم يرد، واكتفى بسؤالها عما إذا كان الطفل سوريّاً وعن اسمه، لا بل أنكر إن كانت هناك بلدة تُدعى الحراك في درعا.

يد ذكية
بعد سنتين من إصابته يحاول "عمار" اليوم أن يمارس حياته الطبيعية ويتأقلم نوعاً ما مع إعاقته، فيلهو ويلعب بالكرة بقدم واحدة، ويذهب إلى مدرسة العلوم في إربد - كما يقول والده- مشيراً إلى أن معاناة طفله مع قدمه الصناعية تتمثل في الحاجة لتبديلها كلما ازداد نموه، وإن كانت نوعية الطرف الصناعي الذي تم تركيبه في فرنسا جيدة مقارنة بالأطراف التي يتم تركيبها محلياً، وأما بالنسبة ليده المبتورة فهناك صعوبة في تركيب طرف صناعي لها بسبب صغر سنه الآن، ولكنه وُعد- كما يقول- بتركيب يد ذكية بعد أن يصبح عمار في الخامسة عشرة من عمره .
قصة "عمار السلامات" التي تصدّرت وسائل الإعلام والصحف العربية والعالمية، هي نموذج لمئات الحالات المؤلمة لأطفال فقدوا أطرافهم، ولكنهم لم يفقدوا الأمل بالحياة والعيش والتفاؤل بغد مشرق تتخلص فيه بلادهم من كابوس الديكتاتورية.

فارس الرفاعي - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية