ما يزال عشرات الآلاف من أهالي عين منين والنازحين إليها في القسم الشرقي يعيشون أوضاعا مأساوية منذ عدة أيام، جراء قصف عنيف ينفذه النظام بطيرانه ومدفعيته على هذا القسم، الذي يتحصن فيه مقاتلون من الجيش الحر.
وقد استخذم النظام طيرانه في قصف البلدة للمرة الأولى ما اضطر الأهالي للنزول إلى ما يتوفر عندهم من ملاجئ، ورغم ذلك فقد أوقع القصف ضحايا، لايزال عددهم غير معروف، نظرا لتعذر الخروج من المنازل وتفقد الخسائر.
وقال شهود من داخل "عين منين" لـ"زمان الوصل" إن هناك من بات مضطرا لإطعام أولاده ما يتوفر من خبر يابس لديه، بعد نفاد هذه المادة وغيرها من المواد الغذائية، في ظل شلل تام، وحظر تجول إجباري فرضه النظام بقصفه العنيف وغير المسبوق على البلدة.
وعلاوة على سكانها البالغ تعدادهم قرابة 25 ألف نسمة، تضم البلدة ما يقارب 100 ألف وافد، نزحوا إليها من مناطق مختلفة، بدءا من حلب وانتهاء بريف دمشق، مرورا بحمص والقلمون.
وتنقسم منين بشكل رئيس إلى قسمين: غربي يسمى "السوايد"، وشرقي يدعى "الحارة الفوقا"، ووفقا لهذه التقسيم تقريبا يتقاسم الجيش الحر ومرتزقة النظام السيطرة على البلدة، حيث يتمركز المرتزقة وقوات النظام في القسم الغربي، فيما يسيطر الحر على القسم الشرقي وصولا إلى تخوم مبنى البلدية.
ونظرا لحدة الاشتباك وعجز مرتزقة "منين" و"صيدنايا" عن مواجهة الجيش الحر حتى بمساعدة طيران النظام ومدفعيته، تم استقدام مليشيات من أطياف مختلفة، أبرزها مرتزقة من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ومليشيا "حزب الله".
ورغم هذه التعزيزات فقد ساعدت طبيعة البلدة الجبلية الوعرة –على ما يبدو- مقاتلي الجيش الحر على صد هجوم شرس شنه النظام ومرتزقته لاقتحام القسم الشرقي، وسقط خلال المواجهات عدد من قتلى النظام على رأسهم الملازم نزار علي عويضة.
وكان "الجيش الحر" انسحب من منين مطلع رمضان الفائت، في اتفاق قضى بانسحاب الشبيحة أيضا وعدم شن مداهمات واعتقالات، ليتبين سريعا أن الاتفاق لم يكن إلا خدعة لإخلاء البلدة من الجيش الحر وضمان دخول مخابرات وجيش النظام إليها، والبدء بحملة نهب وحرق واعتقالات.
ولكن "الحر" عاد إلى البلدة بعد حوالي شهرين، ليقتص من ناقضي الاتفاق، ويقتل عددا منهم، وفي مقدمتهم زعيم شبيحة منين "فداء محيسن"، لتندلع بعدها حملة اشتباكات وقصف لم تشهد لها "منين" مثيلا من قبل.
وأفاد مراسل "زمان الوصل" في المنطقة أن الطيران ما يزال حتى لحظة إعداد هذا التقرير مواصلا غاراته على "الحارة الفوقا"، بمساندة من مدفعية ودبابات النظام المتمركزة على تخوم البلدة.
وتبعد منين عن دمشق حوالي 15 كيلو مترا نحو الشمال، وهي تقع على الطريق القديم الرابط بين العاصمة وحمص، وتضم اثنين من أهم مواقع النظام في عموم سوريا، وهما مستودعات التسليح (في جبل المعسكر)، وسجن صيدنايا العسكري، المعتقل الرهيب الذي اختاره النظام ليكون بديلا عن سجن تدمر.
دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية