عمم حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) على حواجزه المنتشرة في جميع مداخل البلدات والمدن شمال الحسكة، بإلزام كل شخص عمره بين 18 و30 عاما بالبقاء في المنطقة، ومنعه من السفر، بغية إلحاقه بخدمة التجنيد الإجباري في صفوف إحدى المليشيات التابعة للحزب.
ومنذ 13/7/2014، قام الحزب الموالي لنظام بشار الأسد بالتمهيد لخطوة التجنيد الاجباري في المناطق التي يسيطر عليها شمال سوريا، عندما فرض على كل أسرة تقديم فرد من أفرادها للمشاركة في القتال لمدة 6 أشهر في صفوف الأجنحة العسكرية التابعة له.
وكان "جوان إبراهيم" القائد العام لمليشيا "آسايش" التابعة لـلحزب أول من طالب بفرض التجنيد الإجباري في السادس من شهر تموز الماضي، حين كتب على صفحته في "فيسبوك": أفضل خدمة نقوم بها الآن لأجل حماية غرب وجنوب كردستان (شمال سوريا، وشمال العراق) هو إصدار قانون التجنيد (الخدمة الإلزامية) ضمن "YPG".
كما شهدت مدن وبلدات الشمال السوري التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي، في الفترة بين 8 و30 آب الحالي، جولة لقياديي الحزب لحث السكان على الالتحاق بصفوف مختلف تشكيلاته المسلحة فيها، شرحوا خلالها بنود القانون الذي ينص على تطويع شاب من كل عائلة لمدة 6 أشهر يتلقى خلالها مختلف التدريبات العسكرية في معسكرات تقام في المدارس، وفي مراكز الحبوب التابعة لكل منطقة.
ولا يشمل قرار التجنيد الإجباري الأكراد فقط، بل كل مكونات المنطقة، حسب ما أكد عبد الكريم ساروخان "وزير الدفاع" في الإدارة الذاتية التي شكلها "PYD" لإدارة المناطق التي يسيطر عليها في 25 تموز الماضي، حين قال خلال اجتماع في عامودا (مركز إدارة هذه المناطق)، إن تطبيق القرار لن يكون حكراً على فئة معينة، بل "سيشمل جميع مكونات المجتمع".
وشكل الحزب بالتنسيق مع بعض الأحزاب الأخرى من بينها، حزب البعث، والاتحاد السرياني، مجموعات مسلحة عديدة لتكون وعاء يسهّل جذب الشباب من القوميات الأخرى في مناطق سيطرة الحزب الكردي (العربية، والسريانية)، إذ شكلت كتائب "عربية" (بعثية وأسدية التوجه) تابعة لـ"PYD" ما يسمى "جيش الكرامة" بقيادة "حميدي الدهام" في اليعربية، فضلا "كتيبة البكير" التي يقودها ياسين البكير في منطقة تل تمر، ومليشيا "السوتورو" في القامشلي.
وبدأ تجهيز مركز حبوب السفح، ومركز حبوب أم الكيف، وعدد من المدارس، ومراكز حبوب أخرى لتدريب من يتم اجبارهم على الالتحاق بالتجنيد، وسط خوف السكان من أن يصبحوا هدفاً لأحد التنظيمات التي لا طاقة لهم بدفع أذاها، وفقاً لمصادر محلية.
تجنيد قاصرين
وقد أعلنت المليشيا لتابعة لحزب "PYD" أنها صرفت 39 عضواً ضمن الفئة العمرية 16-18 من صفوف مسلحيها، كانوا يقاتلون في صفوفها، بينما بقيت 3 فتيات من بلدة المناجير في صفوف هذه الوحدات كن في العام الماضي (حين جندن) في الصف التاسع من مرحلة التعليم الأساسي.
وقال الناشط "رامان يوسف" لصحيفة "زمان الوصل" إن قوات الحماية الشعبية (YPG) تجند الشباب بشكل عام في جميع المناطق، وإن التجنيد عشوائي، حيث هناك شباب بعمر أقل من 18 عاما في مدارس التدريب التابعة لمناطق رأس العين، وتل تمر، والحسكة، ضمن ما يسمونها معسكرات شبيبة الثورة التابعة لـ"حزب العمال الكردستاني".
وأضاف "رامان": هناك خلاف كبير حول التجنيد الإجباري، وهناك حوالي 90% من الشعب الكردي غير راض عن تصرفات حزب الاتحاد الديمقراطي وقواتها (YPG -YPJ- آساييش)، لكن الشباب يتم أغراؤهم برواتب تقارب 150 دولارا، مع توزيع الحزب أغلب السلال الإغاثية التي تقدمها المنظمات لهؤلاء المرتزقة، ولعوائلهم.
وأوضح الناشط أن بعض التسريبات تفيد برفض "ريدور خليل" الناطق الرسمي باسم "YPG" فكرة التجنيد الإجباري، لاسيما أن "الإدارة الذاتية" لا تمتلك هذه الصلاحيات حتى هذه اللحظة، وأن الخلاف اتسع بعد هروب العديد من الشباب خارج البلد وإفراغ المنطقة من الجيل الشاب.
وقد أكدت مصادر محلية في "تل تمر" أن قرار التجنيد الإجباري مطبق عملياً قبل هذا التعميم، وأن العرب استثنوا منه عطفا على عدم الثقة بهم، بينما هرب الكثير من الشباب إلى تركيا عبر معابر غير شرعية في الرقة، وريف حلب.
وأفاد مصدر محلي من قرية "أم الكيف" قرب مدينة "تل تمر" بأن الحزب أقام معسكراً في صوامع أم الكيف على طريق تل تمر- رأس العين، وأن هذا المعسكر يضم حتى الآن 50 عنصراً من عشائر الشرابين، ممن أجبروا على الانضمام لهذه المليشيات تحت التهديد.
وفي نفس السياق، فإن أداء الخدمة العسكرية في جيش النظام لا يعفي الشخص من تطبيق هذا القرار عليه، ومن هنا يجبر من أتم الخدمة العسكرية لدى النظام على الخضوع لمعسكر تدريبي لمدة 10 أيام على الأقل، قبل الالتحاق بجبهة القتال، حسب مصادر كردية.
بينما روى أهالي أن مسلحي الحزب خيروا شقيقين منشقين عن قوات النظام في قرية "أم الكيف" بين الانضمام لصفوف مليشيات الحزب أو تسليمهما للنظام.
شرعية الخطوة
وبسؤالنا عن شرعية القرار الذي أصدره "PYD" بخصوص التجنيد الإجباري، قال القاضي خالد الحلو من أبناء الحسكة لـ"زمان الوصل" إن الهدف من قرارات كهذه هو الهروب من حقيقة أن هذه المنظمات و المليشيات المتصارعة في محافظة الحسكة، هي مليشيات مصنفة دوليا تحت بند الجماعات الإرهابية، وهي لاتملك شرعية القتال، حتى تمتلك أساسا شرعية التجنيد الإلزامي.
وأضاف "الحلو": شرعية حمل السلاح الوحيدة في سوريا، هي للدفاع عن المدنيين، الذين خرجوا بثورة سلمية من أنقى الثورات في العالم، للقضاء على الدكتاتورية والظلم، وبناء دولة عادلة لجميع مواطنيها، وكل من يحمل السلاح خارج هذا المفهوم، إما أن يكون في الطرف الآخر، أو ينتمي إلى عصابة مسلحة ستحاسب على ما تقترف من جرائم.
ولفت "الحلو" إلى أن شرعية الثورات تأتي من هذا التيار الشعبي الجارف المطالب بمفاهيم إنسانية تعارف عليها العالم، ولم يُعرف بأن الثورات، لجأت الى التجنيد الإلزامي.
وقال "الحلو": يذكرنا هذا القرار بإصدار النظام قبل أيام لقانون يخفض فيه البدل النقدي للخدمة الإلزامية، معترفاً بأنه فقد شرعيته وتحول إلى عصابة، تعول على المرتزقة، والمنظمات الإرهابية التي يستدعيها من كل بلاد العالم بدل التعويل على الشعب، فلو كان ممثلا شرعيا لاندفع الشعب تلقائيا للدفاع عن البلاد، ولاعتبر من يريد دفع البدل النقدي في هذه الظروف خائناً.
وختم "الحلو" حديثه منوها بأن المعارك المفتعلة في الحسكة تهدف إلى تفويت الفرصة السانحة امام جميع مكونات المحافظة، لمناصرة الثورة، والمطالبة بحريتهم، وتشكيل تنظيمات عسكرية وسياسية واجتماعية، تمثل مكونات المحافظة تمثيلا حقيقيا، يحفظ السلم الأهلي، ويحقق مطالب الجميع، قائلا إن قانون التجنيد الإجباري سيدفع الناس إما إلى الهجرة، أو إلى الانتماء إلى مليشيات ستأخذهم نحو الموت العبثي، وارتكاب جرائم بحق غالبية مكونات المنطقة، مع إبعاد الناس عن فكرة الحياد، التي تميل مع الزمن إلى جانب الثورة.
من جانبه، قال القاضي "إبراهيم حسين": بعيداً عن كل ما يثار حول قانون التجنيد الإلزامي من الناحية السياسية، سأكتفي بمقاربة الموضوع من الناحية القانونية، مؤكدا أن هذا القانون باطل لأنه صادر عن جهة لا تمتلك شرعية إصدار التشريعات.
وأوضح "حسين": من المعروف أن من يهيمن على ما يسمى بالإدارة الذاتية هو تنظيم عسكري فرض نفسه كسلطة أمر واقع مستفيداً من وسائل البطش والقوة التي يملكها، وهذا التنظيم لا يستطيع أن يدعي الشرعية لمجرد أنه يملك القوة العسكرية، وبالتالي فإن كل ما يصدره يغدو باطلا، ولا قيمة قانونية له.
الحسكة -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية