يقول أحمد بعد ليلة صخبت بأصوات القصف إن "تنظيم الدولة الإسلامية يهدد باقتحام مصفاة حمص، وتستعد لدخول المدينة من بوابتها الغربية".
كلام تناقله أحمد ورفاقه مع علمهم مسبقاً أنها مجرد شائعة، قد يكون هو من اخترعها. ولا يهم من أطلقها طالما أنها استطاعت رسم ابتسامة –سخرية- على وجوه البعض، وتلقاها آخرون بنكاتهم المعروفة كون داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام) ستحقق حلم الحمامصة بإزالة المصفاة، تلك الكارثة التي حلت على حمص وأهلها منذ عقودٍ خمسة وما تزال، إلا أن روح النكتة التي يتمتع بها أهل حمص لم تخفِ قلقاً أظهره المتحدثون.
خارطة هذه الشائعات امتدت لتشمل كافة أطياف المجتمع المحاصر ضمن كيلومترات مربعة قليلة في الوعر، من المدنيين إلى العسكريين والجهات الدينية، فذاك الذي أعلنت كتيبته البيعة للأمير البغدادي والآخر الذي ينتظر وصولهم، وكل ذلك صحيح إنما في ألسنة الناس فقط.
الشائعات التي بدأت على نطاق ضيق ضمن الحي، ازدادت خلال الأيام القليلة الماضية لما فرضته الأحداث الأخيرة التي مرت عليه من أحكام بالإعدام بحق خمسة مسيئين، حيث استفاد مروجو "قدوم داعش" من الحادثة بقياسها على ما يحدث في مناطق سوريّة أخرى خاضعة لسلطة البغدادي.
هذه الشائعات إضافة إلى ما تلوكه الألسنة طيلة أيام الأسبوع والحادثة الأخيرة، كان لهم وقعهم في خطبة الجمعة الماضية في أحد جوامع الحي التي نالت من هذا الموضوع بالمقارنة بين النظام و"الدولة الإسلامية"، بحسب وصف خطيب الجمعة لداعش، حيث افترض بسؤاله المصلين سؤال المجيب: إنه لو كان الخيار أمامنا فقط بين تنظيم الدولة والنظام، فمن نختار؟! إشارة إلى اختيار تنظيم الدولة.
اليوم أصبح الحديث جدياً بين الناس وقادة الكتائب وكافة التجمعات العسكرية والأهلية عن الوضع الذي سيؤول إليه الوعر وأهل الوعر، والحسابات مع الآراء تختلف بين جهة وأخرى والجميع في وضعية الانتظار إن كانت هذه الأقاويل ستصح أو أنها فعلاً مجرد شائعات هناك من يسعى ترويجها بشكل تدريجي، ويبدو أنه نجح في هذا الترويج بغض النظر عن النتيجة.
على الطرف الآخر المنقسم أيضاً بين المؤيدين للثورة والموالين للنظام، هناك من يعيش قلقاً مشابهاً مع اختلاف الدافع بين الطرفين، فأهل حمص قلقون حول مصير الحي الذي يعتبر آخر معاقل الثورة في مدينة حمص، فيما إذا وقع تحت رحمة أصحاب الرايات السوداء، والقلق الأكبر يكمن في خوفهم على أهلهم وأولادهم الذين يصل عددهم إلى 300 ألف نسمة.
أما الموالون ومن في يدور في فلكهم من أتباع اللون الرمادي، فالقلق عندهم تحول إلى ذعر حقيقي يتجلى واضحاً عبر ما يتناقلونه في وسائل التواصل الإجتماعي، فإن صدق تهديد داعش باقتحام المصفاة فهذا يعني أن الأمر لن يتوقف على الوعر فقط.
حمص - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية