بدأ دروز محافظة السويداء في البلدات والقرى الواقعة في اللجاة إخلاء بيوتهم من النساء والأطفال خوفاً من تجدد المعارك مع البدو، بالتزامن مع زيادة وتيرة التسلح.
الاشتباكات التي اندلعت قبل نحو أسبوع، أودت بحياة ما يقارب 16 شخصا من أبناء المحافظة معظمهم من مشايخ الدروز، وتم تشييع جثامينهم خلال اليومين الماضيين.
وسجل التشييع غياباً للهتافات الممجدة بالنظام، وأيضاً غياباً لصور بشار الأسد، وحضوراً أقوى لأعلام طائفة الموحدين الدروز، ما رأى فيه البعض أمراً إيجابياً، فيما اعتبره البعض الآخر مقصوداً من قبل النظام لزيادة الشحن الطائفي، في ظل ارتفاع وتيرة التسليح.
وتستمر محاولات بث الفتنة في السويداء، حيث قامت مجموعة مسلحة مساء أمس بمهاجمة قرية جرين بالسويداء وكانوا على متن دراجتين ناريتين (ملثمين) وأطلقوا النار بشكل عشوائي في القرية مما أدى لسقوط جريح.
وأشار ناشطون أن المجموعة لاذت بالفرار باتجاه جدل "أحد قرى البدو الواقعة في اللجاة وتحت سيطرة قوات المعارضة"، وقد سلك المسلحون الطريق الذي يتواجد به قطع للجيش في قرية داما ودخلوا ضمن مناطق سيطرة الجيش ومن ثم اختفوا.
ناشط من بلدة "عريقة" المتاخمة لـ"اللجاة"، فضل عدم الكشف عن اسمه، أكد أنه تم البدء في عملية تسليح شباب البلدة، تحسباً لأي طارئ، حيث قامت كتائب البعث والدفاع الوطني بتأمين السلاح.
ويضيف الناشط أنه خلال تأبين قتلى الاشتباكات طلب بعض أبناء المحافظة من النظام ممثلاً برئيس فرع المخابرات العسكرية وفيق الناصر، بتزويدهم بالسلاح المتوسط والثقيل، فكان رد الناصر بأن من يرغب بحمل السلاح عليه الذهاب إلى شعبة التجنيد والتطوع ضمن صفوف الجيش العربي السوري.
واعتبر الناشط أن كلام الناصر هو فقط للاستهلاك الإعلامي وذر الرماد في العيون، وأجهزة المخابرات في المحافظة هي التي تغذي الشحن الطائفي وتزود الطرفين في السلاح.
وفي بلدة عريقة نفسها يبدو الوضع أشبه بالجمر تحت الرماد حيث قام بعض الشبيحة بإحراق منازل البدو الواقعة في بلدتهم، والتي تم إخلاؤها من أصحابها مع بدء الاشتباكات، وفي ذلك يقول الناشط إن بيوت البدو تعرّضت للإحراق مرتين خلال ثلاثة أيام، وفي المرة الأولى تذرع الشبيحة أن موكب تشييع الشيخ "دانيال الشبلي" والذي قضى في الاشتباكات تعرض لإطلاق نارٍ مصدره البدو، وهو أمر غير صحيح، وبعد يومين أيضاً قاموا بإحراق عددٍ من البيوت.
وحتى الآن ما زالت الأمور تحت السيطرة حسب ما يعتبر الناشط، فما زال هناك حضور لبعض الأصوات المطالبة بالتهدئة، لكن الاستقطاب في هذه المرحلة حاد جداً، والكل مستنفر، لذلك هناك تشتت بين المطالبين بالتهدئة والداعين إلى السلاح.
أما في قرى داما وقم والخرسا فقد وجه المشايخ بإخلاء البيوت من النساء والأطفال، وهذا ما بدأ بالفعل، حيث خرج العديد منهم إلى القرى والبلدات الأخرى.
ويعتبر الناشطون أن ما يحدث ربما يكون هدوء ما قبل العاصفة ورغم دعوات التهدئة، إلا أن أهالي السويداء يستعدون لأي طارئ، وأيضاً من ناحية البدو فهم أيضاً يتأهبون، لا سيما وأن بيان لواء العمري لم يكن مبشراً، حيث أكد أنه سيتدخل إذا ما تم التعرض ثانيةً للبدو.
ناشط فضل عدم ذكر اسمه يستذكر حادثة وقعت قبل بضعة سنوات في مدينة جرمانا، حين تم رفع علم طائفة الموحدين الدروز في أحد الاحتفالات الوطنية التي تزامنت مع قدوم وفد من أهالي الجولان، وحينها تعرض معظم من كانوا للمساءلة الأمنية، بسبب رفع العلم.
الحادثة التي ذكرها الناشط يريد عبرها الإشارة إلى أن الجميع اعتبر عدم الهتاف لبشار الأسد خلال تأبين الشهداء أمراً إيجابياً، وهذا أمر مفرح حقاً، لكن إذا ما نظرنا إلى الأمر من جانبٍ آخر، فإن من مصلحة النظام في هذه الفترة زيادة الشحن الطائفي، لذلك سمح متعمداً برفع أعلام الطائفة، لجذب الناس أكثر إلى حميتها الدينية.
المبرر الآن لزيادة الشحن الطائفي متوفر بسهولة للنظام، لا سيما مع اعتداء البدو الأخير مناصراً بعددٍ من الكتائب المحسوبة على المعارضة.
المعارضون والموالون في السويداء يرفضون أي اعتداء على محافظتهم، بعضهم يدعو إلى التهدئة وتفويت الفرصة على النظام، والبعض الآخر يعتبر أن من ناصر البدو من كتائب المعارضة، لا يمت للثورة بصلة، حسب ما يقول أحد المنشقين من أبناء المحافظة والذي قاتل قوات النظام في العديد من المناطق السورية.
ويضيف المنشق، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، بأن الأفعى لا تموت إلا إذا قطعت رأسها، أهلنا في الجبل لا تتعبوا بتقطيع ذنب الأفعى فرأسها مازال داخل السويداء جربوا ولو لمرة البحث عن الرأس".
ويتابع: "عندما نشبه الوضع بالأفعى يعني أن الجسم واحد من الرأس إلى الذنب يعني من يعتدي على قرى وأهل السويداء الآمنين هو ضمن هذا الجسم بغض النظر عن انتمائه، سواء كان تحت اسم الثورة أو اسم بالنظام، لكن الموت يأتي من قطع رأسها وليس ذنبها لأن قطع الذنب سيكون مجرد حل مؤقت، وبالنهاية الدفاع عن الأرض والعرض والحرمات وردع المعتدي مشروع بكافة الوسائل، لكن يجب أن لا ننسى الحكمة والعقل هم أساس بنياننا الاجتماعي وهو موروث أجدادنا وهو ما تربينا عليه إلى جانب الشجاعة".
زينة الشوفي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية