أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من قلب الميدان.. مقاتل يشرح وضع حلب بين فكي النظام والتنظيم

أبو عروة

يروي أحد المرابطين على جبهة حلب على صفحته في "فيسبوك" تفاصيل ما يجري في المحافظة التي يهددها الخطر، شارحا وضع الثوار فيها وهم يصارعون على جبهتي نظام الأسد وتنظيم داعش اللذين وصفهما بـ"فكي الكماشة".

ويبدأ المقاتل أبو عروة الطيباني الشرح حول الفك الأول متمثلا بالنظام السوري مدعوماً بآلة حرب جرارة وطيران لا يغادر سماء حلب ليلاً أو نهاراً، وعدد كبير جداً من المجموعات الشيعية وقوات النخبة في الجيش السوري وبعد اعتماده على سياسة الأرض المحروقة التي نجح بها النظام في استعادة السيطرة على عدد من المناطق الاستراتيجية المهمة على امتداد الأرض السورية، وصلت الآن قوات النظام إلى مقربة من حندرات المحاذية لطريق الكاستيلو "خط الإمداد الأخير للثوار في مدينة حلب".

وينوّه إلى أنه حصل منذ وصول قوات النظام إلى النقارين حتى سقوط السجن المركزي أكثر من 40 معركة طاحنة فقدت فيها حلب خيرة جندها من مختلف الفصائل العسكرية ولم تنجح سوى معركة واحدة من بين كل المعارك وذلك بتحرير منطقة صغيرة جداً، كلف تحريرها أكثر من 20 شهيداً خلال أقل من 10 ساعات وقرابة 15 مصاباً. 

ويعود ذلك -بحسب الطيباني- إلى التكتيك العسكري الجديد الذي استعملته قوات النظام السوري و الذي يوصف بالممتاز والدقيق والسريع من ناحية التحرك في الفعل ورد الفعل تجاه أي هجوم محتمل والاعتماد على الهندسة العسكرية من إنشاء أنفاق أو سواتر ترابية أو فتح طرقات بشكل سريع جداً واتخاذ نقاط متشابكة فيما بينها بحيث تكون كل النقاط عبارة عن خط دفاع لأي نقطة أخرى يتم الهجوم عليها وقيام السلاح الثقيل بالتمركز على كل تلة مرتفعة في المنطقة وقيام الطيران الحربي والمروحي بإلقاء أكثر من 100 برميل خلال يومين لإفراغ المنطقة من المرابطين فيها ومن ثم التقدم بشكل سهل وأيضاً قيام الطيران بحرق الأرض بالبراميل في حال قام الثوار بالهجوم على أي نقطة بغية استعادة السيطرة عليها.

واعتبر الطيباني أن سقوط تلة الشيخ يوسف تعتبر أهم مفصل عسكري يقوم بقلب موازين اللعبة العسكرية لصالح النظام حيث تعتبر الآن التلة عبارة عن قطعة مدفعية تطال بقذائفها "دقيقة الإصابة" كل المنطقة المحيطة بها على امتداد 10 كم.

ويذكر هنا أن قوات النظام خسرت في عملها العسكري الرامي إلى حصار حلب -حسب زعمهم- أعدادا كبيرة جداً تقدر بأكثر من 1000 جندي وضابط، فضلا عن تدمير عدد كبير جداً من السلاح الثقيل بصواريخ ال م-د والتي تقدر بأكثر من 50 آلية ثقيلة.

وبدأت عملية محاولة حصار حلب منذ السيطرة على مدينة خناصر في شهر أكتوبر العام الماضي الواقعة في الريف الجنوبي لحلب على محور "أثريا-حلب، وهو طريق الإمداد البري الوحيد للنظام في حلب الواقع في منطقة صحراوية شرق اتوستراد حلب -دمشق ومروراً بالسفيرة ومن ثم تل حاصل والنقارين والشيخ زيات والشيخ نجار والمدينة الصناعية والسجن المركزي.

ورأى الطيباني أن أهم نقطة يجب التحدث حولها هو أن السبب الرئيسي أو حتى الوحيد في فشل الثوار في استعادة السيطرة على النقاط التي خسروها هي أنهم كانوا مضطرين للهجوم وجهاً لوجه على قوات النظام السوري والقوات الشيعية المتحصنة بشكل ممتاز ومتين، في حيل اعتاد الثوار على ضرب قوات النظام من الخاصرة، وذلك لقلة السلاح الثقيل مقارنة بقوات النظام والاعتماد على تسلل مجموعات المشاة من قوات النخبة لدى الثوار وفتح ثغرة في خاصرة النقطة المراد ضربها. 

وأضاف أبو عروة أنه بسبب وجود داعش على الخاصرة الشرقية لـ"القوس" الذي يكاد يحاصر حلب وعدم قيامها بالهجوم على هذا القوس العسكري وبالعكس، فقد قامت بتسهيل مرور مجموعة من المشاة والآليات الثقيلة للدخول إلى المدينة الصناعية من خاصرتها بعد قيام داعش بفتح ثغرة لقوات النظام بعد أن عجز الأخير من دخول المدينة الصناعية مواجهة مع قوات الثوار المرابطة هناك لمتانة نقاط الرباط داخل المعامل الصلبة والمتحملة للقصف العنيف وبالتالي هنا نتحدث عن المفصل الثاني من ناحية الأهمية بعد سقوط تلة الشيخ يوسف وهو سقوط المدينة الصناعية بفئاتها الثلاث.

وقال إن أكبر خطأ قام به الثوار في الفترة الممتدة من سقوط خناصر حتى سقوط السجن المركزي هو عدم وجود مبادرة فاعلة للقيام بتحرك عسكري ضخم جداً يقوم بقلب موازين اللعبة على الأرض التي تم حرقها.
بل كان الثوار -حسب الطيباني- يقومون بردات فعل بعد سقوط كل منطقة وكان التحرك على أساس ردة الفعل التي هي بالأصل تكون متأخرة وهنا نتحدث عن الخطأ الثاني وهو التأخر في التحرك وذلك لعدم وجود اندماج وتوحد حقيقي بين الفصائل وضعف التنسيق داخل غرفة العمليات الواحدة. 

وأيضاً أوضحت هذه الأيام ضعف التنسيق ضمن الفصيل العسكري الواحد وأتكلم هنا عن الفصائل الكبيرة طبعاً، حيث عجزت عن استقدام قوات مؤازرة من المحافظات الأخرى وبالتالي تكون كل هذه المسميات الكبيرة عبارة عن رايات ترفع على حواجز الشرطة العسكرية !!
وكشف الطيباني أن الثوار حاليا في مواجهتهم لقوات النظام أمام خيارات أصبحت محدودة للأسف في محاولة تمنى أن لا تكون الأخيرة لقلب الموازين على الأرض بشكل يجعل من جيش النظام يصاب بحالة من الانهيار الرهيب ويقلب السحر على الساحر، وهو يقوم بوضع آخر لمساته على سحره.

وتابع "لا ننسى هنا من المرور على مبادرة "سيف" التي أطلقها ناشطون ثوريون في حلب والتي كانت بحق عبارة عن الدعم اللوجستي الحقيقي الذي كان يفتقده الثوار منذ بداية الثورة من تأمين الهندسة العسكرية والإطعام والإسعاف ومختلف المجالات اللوجستية وكان أبرز ما قدمته هو تعزيز نقاط الرباط على الجبهات الملتهبة".

*"داعش" الفك الثاني:
ويتحدث الطيباني عن تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي انسحب من مدينة حلب وريفها في بداية العام 2014 إلى الرقة والريف الشمالي والشمالي الشرقي لحلب بعد مواجهات دامية حصلت لعدة أيام كان نتيجتها تحرير المدينة والريفين الغربي والشمالي والجنوبي. 

حيث توقفت عمليات التحرير في مدن الباب ومنبج وجرابلس والراعي ليعتبر تقريبا هذا الخط هو الحدود الفاصلة بين مناطق الثوار ومناطق سيطرة داعش في حلب.

وقال إن هذا الخط الذي أصابه الهدوء فترة جيدة، والذي لم تقم فيه قوات الثوار المتواجدة في الشمال السوري من القيام بعمل عسكري يرمي إلى تحرير باقي الريف الحلبي.

وبعد الانتصارات الكبيرة التي حققها داعش في العراق ودير الزور والرقة وحصولها على عدد هائل من الأسلحة المتنوعة والثقيلة ومخازن الذخيرة التي تكفي داعش أعواماً من القتال، وبعد انضمام آلاف الشباب إلى صفوف داعش وقيام ألوية بأكملها بمبايعته طوعاً أو كرهاً وبالتزامن مع الوضع الميداني السيئ الذي أحدثته قوات النظام، قام داعش بضربته المنتظرة والتي وقعت منذ عدة أيام، حيث قامت بالسيطرة على عدة مدن وقرى هي المسعودية والعزيزية ودويبق والغوز وبلدتا تركمان بارح وأخترين.

ويواصل التنظيم تقدمه نحو ثلاثة معاقل أساسية للثوار، هي بلدتا مارع وتل رفعت إضافة إلى مدينة اعزاز. 
وذكر أن هذه المعاقل الثلاثة تقع على أهم خط إمداد للثوار الواصل مع تركيا، الخطأ الذي وقع فيه الثوار هو "الرباط" أمام داعش التي تملك ما تملكه من أعداد وعتاد ويمتلك أفرادها عقيدة قتال صلبة جداً، حيث لا يمكن لقوات الثوار التي تشتت على الجبهات الملتهبة مع قوات النظام من تشكيل خط دفاع ضد داعش التي تملك أعداداً كبيرة جداً من "الانغماسيين" المدربين بشكل ممتاز، والذين يستطيعون التسلل ليلاً والوصول إلى الخطوط الخلفية لقوات الثوار المنتشرة على طول خط المواجهة، وبالتالي فتح ثغرة كبيرة لتتقدم باقي القوات.

وهنا يتحدث الطيباني عن جهتين تستخدم كل منهما سياسة حرب العصابات وذلك يعتبر اعترافاً صارخاً من كلا الطرفين أن كل طرف يواجه جيشاً!

وهذا الخطأ الذي وقع فيه كلا الطرفين وهنا يتوضح لنا مدى التخوف الكبير عند داعش و قوات الثوار، حيث لا ينكر عاقل متابع للوضع الميداني ومجرياته وما حصل سابقاً من مواجهات بين الثوار وداعش مدى الاستبسال وشراسة كلا الطرفين.

واستدرك أن قوات المؤازرة مازالت تأتي إلى الريف الشمالي للقيام بعمل عسكري ينقذ الوضع ونعود هنا للتحدث عن ردة الفعل المتأخرة، مشيرا إلى خروج رتل كبير جداً لداعش من الرقة ودير الزور، ليقف الجميع بانتظار معركة يقول عنها "الرماديون" إنها ستكون أكبر محرقة للثوار وداعش.

وختم بالقول "الآن نحن على مسافة أيام قليلة ليتم حسم المعركة في حلب بين الأطراف الثلاثة وستشهد الثورة انحرافاً هائلاً يضعها على الصراط، فإما عبور إلى بر الأمان وبالتالي تكون الثورة قد تخطت أخطر مرحلة ممكن أن تمر بها على الإطلاق أو انهيار لقوات الثورة السورية وعودة العمل العسكري إلى ما كان عليه منذ 3 أعوام كمجموعات عسكرية صغيرة لا مكان ثابت لوجودها تقوم بضربات نوعية وخاطفة، لكن هذه المرة ستكون ضد عدوين يمثلان فكي الكماشة التي ستكون في حال وصولنا إلى هذه الحالة قد أطبقت فعلاً على الثورة ووضعت داعش في مواجهة مباشرة مع قوات النظام وهذا الشيء الوحيد الذي يصب في صالح قوات الثوار حيث سيتمنى الجميع استنزاف النظام وداعش لبعضهم البعض".

زمان الوصل
(112)    هل أعجبتك المقالة (130)

Nora Alali

2014-08-23

هذا الكلام ليس جديدا و قدم النشطاء حلا لتجنب هذا الوضع مرحليا ولكن تعطش الاطراف جميعا للدماء و العنجهية الفكرية العسكرية هي التي حالت دون تحقيق المبادرة هدفها في توجيه الصراع بشكل يخدم الثوار ويحمي وجودهم ويركز جهودهم لتحقيق اهداف الثورة..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي